هناك فوارق كثيرة لكن أهمها النيَّة وعرقلة التحقيقات

ما هي الاختلافات بين وثائق ترامب وبريد هيلاري؟

ما هي الاختلافات بين وثائق ترامب وبريد هيلاري؟

في الوقت الذي مثُل فيه الرئيس الأمريكيّ السابق دونالد ترامب أمام المحكمة، على خلفية اتهامات بجمع مستندات سريَّة للغاية، يُضخّم حلفاؤه الجمهوريون مزاعم مفادها أنه هدف للاضطهاد السياسي.
ويستشهد أنصاره بقرار وزارة العدل الصادِر عام 2016 بالإحجام عن توجيه اتهامات إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، على خلفية تعاملها مع معلومات سريَّة للغاية.
 
وصرَّح رون ديسانتيس حاكم ولاية فلوريدا والمنافس الأساسي لترامب قائلاً: “هل هناك معيار مختلف لوزيرة الخارجية الديمقراطية عن ذاك الذي يُعامَل به الرئيس الجمهوريّ السابق؟ أعتقد أنه لا بد أن يكون هناك معيار واحد للعدالة في هذا البلد».
لكنَّ هذه الحجج تغفل أوجه الاختلاف الفعليَّة والقانونية – وخاصَّةً فيما يتعلق بالنوايا والحالة الذهنية ومحاولات عرقلة العدالة المتعمدة – التي تُقيِّد قيمة هذه المقارنات، وذلك وفق تقرير لموقع “بيزنس إنسايدر” الأمريكي، الذي سلط الضوء على التحقيقات في قضيتي كلينتون وترامب، والخيط الفاصل بينهما:
«رسائل بريدها الإلكتروني” — ما الذي فعلته كلينتون بالضبط؟
 
اعتمدت كلينتون بصفتها أبرز دبلوماسيي إدارة أوباما على منظومة خاصة لرسائل البريد الإلكترونيّ. وعاد قرار اعتمادها على هذه المنظومة يُقض مضجعها عندما نبَّهت هيئة الرقابة الداخلية التابعة لوكالات الاستخبارات في عام 2015 مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى مئات رسائل البريد الإلكترونيّ التي تحتوي على معلومات سرية. وخلص مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن كلينتون أرسلت واستقبلت رسائل بريد إلكتروني تحوي معلومات سرية عبر هذه المنظومة غير السرية، بما في ذلك معلومات على أعلى مستوى من السرية.
 
ومن بين 30 ألف رسالة بريد إلكتروني سلّمها ممثلو كلينتون، صرح مكتب التحقيقات الفيدرالي بأن 110 منها ضمن 52 سلسلة من الرسائل تحوي معلومات سرية، بما في ذلك معلومات على أعلى مستويات السرية. وبعد تحقيقات امتدت عاماً كاملاً، أغلق مكتب التحقيقات الفدرالي التحقيقات في يوليو (تموز) 2016، إذ اكتشف أنَّ كلينتون لم تكن لديها نية خرق القانون.
 
وأعاد المكتب فتح التحقيقات بعد أن أغلقها بأشهر، وتحديداً قبل الانتخابات الرئاسية بـ 11 يوماً، بعد أن اكتشف مجموعة جديدة من رسائل البريد الإلكتروني. وبعد مراجعة تلك المراسلات، قرر المكتب مجدداً عدم التوصية بتوجيه اتهامات.
 
ما هي الاتهامات 
الموجهة إلى ترامب؟
وفقاً للائحة الاتهام التي تقدم بها جاك سميث المستشار الخاص لوزارة العدل، فإنه عندما رحل ترامب عن البيت الأبيض بعد نهاية ولايته في يناير (كانون الثاني) 2021، أخذ معه مئات المستندات السريَّة إلى منتجعه الشهير في مارالاغو في فلوريدا، ثم عرقل جهود الحكومة التي أشرفَ عليها شخصياً في فترة من الفترات مراراً وتكراراً لاستعادة المستندات.
وقال المدعون العموميون إن المـــــــواد التي بحـــــــوزة تـــــرامب تتعلق بالبرامــــــج النووية والأسلحة والقدرات الدفاعية للولايات المتحدة وبلدان أجنبية، وثغرات محتملة يمكن استغلالها، وهي المعلومات التي لو أُميط اللثام عنها فمن الممكن أن تُعرّض أمن الجيش والموارد البشرية للخطر.
وفضلاً عن دسّ ترامب للمستندات في أماكن خاصة في منزله، تقول وزارة العدل إن الرئيس السابق عرض مستندات بالغــــــة الحســــــاسية على زائريه دون تصريحات أمنيـــــــة، وعرقل مساعي مكتب التحقيقات الفيدرالي، إذ وجَّهَ معاوناً شخصياً له، وُجِّهَت إليه تهم هو الآخر، بنقـل صناديق حول منتجع مارالاغو لإخفائها عن المُحققين.
ورغم ادعاء ترامب وحلفائه بأنه يجوز له التصرف كما يحلو له في المستندات بموجب قانون السجلات الرئاسية، فإن لائحة اتهامه لم تأت ولو مرة واحدة على ذكر هذا القانون، وإنما حوت 37 جنحة ضد ترامب تنضوي تحت لواء قانون التجسس.
 
ما الفوارق بين قضيتي كلينتون وترامب؟
هناك فوارق كثيرة، لكن أهمها النيَّة وعرقلة التحقيقات.
في تقييم ناقدٍ صارمٍ لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي وصف فيه ممارسات كلينتون بـ “الطائشة للغاية”، أعلن أن المحققين لم يجدوا دليلاً واضحاً على أن كلينتون أو مساعديها انتهكوا القوانين الحاكِمة للمعلومات السرية.
ولذلك، “ما من ممثل ادعاء عقلاني” سيرفع ضدها دعوى قضائية ضد كلينتون، حسب التقرير. وقال كومي إن قانون التجسس الذي وضعته وزارة العدل على مدار القرن الماضي انطوى على عوامل مثل الجهود الرامية إلى عرقلة العدالة، وإساءة تداول المستندات السريَّة عمداً، وكشف كميات كبيرة من السجلات. 
ولم يتوفـــــــر أي من هذه العوامل في التحقيقات التي مسَّت كلينتون.
وعلى النقيض من ذلك، قال ممثلو الادعاء إن ترامب تورط في نقل صناديق المستندات إلى مارالاغو، ثم خطا خطوات لإخفائها عن أعين المحققين. وجاء في لائحة اتهامه مثلاً أنه اقترح على محام له أن يخفي المستندات التي تطالب مذكرة استدعاء وزارة العدل بها أو أن يصرح زوراً بأن جميع السجلات المطلوبة سُلمت فعلاً، رغم أن أكثر من 100 سجل لم يُسلّم.