نهج ماسك المتمركز حول التكنولوجيا قد يبسّط بشكل مفرط العوامل الثقافية والسياسية
ما هي انعكاسات الدور المتنامي لإيلون ماسك على الدبلوماسية الأمريكية؟
تناول أستاذ العلوم السياسية «فيفيك إن. دي» النفوذ المتزايد لإيلون ماسك على السياسة الخارجية الأمريكية، في ضوء دوره القيادي المحتمل في وزارة الكفاءة الحكومية المقترحة، في ظل إدارة دونالد ترامب.
وقال فيفيك في مقاله بموقع «جيوبوليتيكال مونيتور» الكندي إن بوسع الابتكارات التكنولوجية لإيلون ماسك، خاصة شركة أبحاث وسفن الفضاء «سبيس إكس» SpaceX وخدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية «ستارلينك»Starlink ، أن تشكل بشكل كبير الدبلوماسية الأمريكية والعلاقات الدولية.
رؤية ماسك
وأضاف الكاتب أن تعيين ماسك في وزارة حكومية ركز على الكفاءة، ربما إلى جانب رجل الأعمال السياسي فيفيك راماسوامي، يمكن أن يضع نهجاً جديداً قائماً على التكنولوجيا للحوكمة والسياسة الخارجية الأمريكية. وتهدف الوزارة إلى القضاء على عدم الكفاءة في النظام الفيدرالي مع الاستفادة من التقنيات المتطورة لدعم المصالح الاستراتيجية الأمريكية.
وأظهر مشروع ستارلينك التابع لماسك بالفعل إمكاناته كأداة للقوة الناعمة، حيث يوفر اتصالاً موثوقاً بالإنترنت في المناطق ذات البنية التحتية الضعيفة، مثل أوكرانيا التي مزقتها الحرب.
وأشار الكاتب إلى أن هذه القدرة تضع ستارلينك كأصل محوري في السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة في إطار تعزيز الأهداف الاستراتيجية في مناطق مثل منطقة المحيطين الهندي والهادي، حيث لا تزال هناك تحديات تواجه سبل الاتصال.
ومن خلال الترويج للحلول التكنولوجية في هذه المجالات، يمكن لماسك المساعدة في إعادة تشكيل استراتيجيات المشاركة الأمريكية، مع التركيز على الابتكار في مجال الدبلوماسية التقليدية القائمة على البنية التحتية.
الدور الدبلوماسي
وسلط الكاتب الضوء على الدور المتطور لماسك كشخصية عالمية، مشيراً إلى اجتماعه المزعوم، الذي نفته طهران، مع سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرفاني، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2024.
ويقال إن هذا الاجتماع استكشف كيف يمكن لستارلينك معالجة قضايا الاتصال في المناطق المتضررة من العقوبات. من خلال التحايل على القنوات الدبلوماسية التقليدية، يمكن أن يقدم نهج ماسك القائم على التكنولوجيا حلولاً مبتكرة لتعزيز الاتصالات في مناطق مثل الشرق الأوسط، والحد من التوترات مع تجاوز فن الحكم التقليدي.
ومع ذلك، تثير هذه الاستراتيجية مخاوف بشأن استعداد ماسك للتعامل مع الأنظمة المعادية، وهو ما يبتعد عن النهج الأمريكي التقليدي الذي يؤكد على العقوبات والدبلوماسية الحكومية.
وفي حين قد تتوافق تدخلات ماسك مع الأهداف الأمريكية الأوسع نطاقاً - تعزيز التحالفات وتعزيز التنمية - فإن طبيعتها غير التقليدية تتحدى المعايير الراسخة في السياسة الخارجية.
وأوضح الكاتب أن تأثير ماسك على منطقة المحيطين الهندي والهادي قد يشكل نقطة تحول لصالح أمريكا في مواجهة هيمنة بكين. وتتميز هذه المنطقة بالتنافسات الجيوسياسية الشديدة و»مبادرة الحزام والطريق الصينية».
وقال الكاتب إن تكنولوجيا ستارلينك يمكن أن تكون بمنزلة بديل استراتيجي لاستثمارات البنية التحتية الصينية، مما يوفر الوصول إلى الإنترنت للسكان المحرومين وتمكين التكامل الرقمي في جميع أنحاء المنطقة.
ويتضح الدور المزدوج الذي يلعبه ماسك كمبتكر تقني ودبلوماسي عالمي من خلال علاقته بالصين. ورغم الاستثمارات الكبيرة لشركة تيسلا في شنغهاي واتصالات ماسك مع المسؤولين الصينيين، فإن قدرته على التعامل مع التوترات بين الولايات المتحدة والصين تعكس عملية موازنة معقدة.
وفي حين يزعم المنتقدون أن نهجه يخاطر بالتكيف المفرط مع بكين، فإن خبرته في الحفاظ على العلاقات مع القوى المتنافسة قد تكون مفيدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث يتعين على الولايات المتحدة موازنة المنافسة مع الصين والشراكات مع حلفاء مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا.
المخاطر والخلافات
ولفت الكاتب النظر إلى أن نفوذ ماسك المتزايد على السياسة الخارجية الأمريكية يأتي مع مخاطر كبيرة رغم الفوائد المحتملة، فتعامله مع القضايا الحساسة - مثل استجابته المثيرة للجدل لمعاداة السامية على X (تويتر سابقاً) أثناء زيارته لإسرائيل - يثير تساؤلات حول حكمه وقدرته على التنقل عبر ديناميكيات عالمية معقدة.
ويقول المنتقدون إن نهج ماسك المتمركز حول التكنولوجيا قد يبسّط بشكل مفرط العوامل الثقافية والسياسية والتاريخية الدقيقة المطلوبة للدبلوماسية الفعالة.
وأشار الكاتب إلى مخاطر إعطاء الأولوية للمصالح التجارية على الأهداف الاستراتيجية. فعلاقات ماسك مع الصين، رغم كونها مفيدة اقتصادياً، قد تقوض الجهود الأمريكية لمواجهة نفوذ بكين. وبالمثل، فإن تركيزه على الحلول التكنولوجية يخاطر بإهمال المشاركة الدبلوماسية الأوسع اللازمة لمعالجة التحديات الجيوسياسية في مناطق مثل المحيطين الهندي والهادي والشرق الأوسط.
الخلاصة
ورأى الكاتب أن قيادة ماسك في إدارة ترامب المحتملة قد تعيد تعريف السياسة الخارجية الأمريكية ولكن ليس من دون تحديات. وفي حين تقدم ابتكارات ماسك التكنولوجية إمكانيات مثيرة، فإن أساليبه غير التقليدية وتركيزه على الكفاءة قد يؤدي إلى تبسيط القضايا الجيوسياسية المعقدة بشكل مفرط.
وقال الكاتب إن شخصيته العامة غير المتوقعة وتركيزه على المصالح التجارية من الممكن أن تقوض الأهداف الأمريكية، خاصة في مناطق مثل المحيطين الهندي والهادي والشرق الأوسط، حيث تتطلب الفروق الثقافية والتاريخية مشاركة دبلوماسية حذرة.
ومع ذلك، فإن دور ماسك كدبلوماسي مدفوع بالتكنولوجيا يسلط الضوء على تحول محتمل في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع التحديات العالمية، مما يشير إلى مستقبل يتقارب فيه الإبداع والاستراتيجية، وفق الكاتب.