ماذا بعد هجوم دمشق؟ معضلة إيران وخياراتها الاستراتيجية

ماذا بعد هجوم دمشق؟ معضلة إيران وخياراتها الاستراتيجية

  في تصعيد يبدو أنّه استفزاز مباشر لإيران، دمّرت غارات منسوبة إلى طائرات إسرائيلية القنصلية الإيرانية في دمشق، العاصمة السورية، مما أسفر عن مقتل اثنين من قادة فيلق القدس، بالإضافة إلى خمسة أعضاء آخرين من هذا الفرع من الحرس الثوري المسؤول عن العمليات العسكرية الخارجية.
ووفق صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإنّ طهران تُواجه اليوم بعد الضربات الإسرائيلية معضلة استراتيجية كبيرة، ففي قلب المزة، حي السفارات بدمشق، لم يبقَ إلا كومة من الركام وباب المبنى الذي يُشير إلى "القسم القنصلي في السفارة الإيرانية".
ورغم أنّ إيران تجنّبت حتى الآن الدخول في صراع مفتوح مع إسرائيل، إلا أنّها تجد نفسها مُضطرة للانتقام والرد، مما يُثير مخاوف التصعيد الخطير في منطقة الشرق الأوسط.
وبينما قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إنّ "هذه الجريمة الجبانة لن تمرّ دون رد"، وأكد وزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان أنّ "الجمهورية الإسلامية ستقرر نوع رد الفعل والعقاب الذي ستتخذه ضدّ إسرائيل"، يرى المحلل السياسي حميد رضا عزيزي الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، أنّه من خلال استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، التي تُعتبر أرضاً إيرانية بموجب القانون الدولي، فإنّ إسرائيل تُجبر إيران على الوصول إلى طريق مسدود.
 مُشيراً إلى أنّ قواعد الاشتباك التقليدية القديمة بين الطرفين سقطت ولم تعد تصلح بعد اليوم، ولذلك فإنّ عدم الردّ لم يعد يُعتبر خياراً بالنسبة لطهران.
من جهتها، رأت هيلان سالون المحللة السياسية في "لوموند" أنّ إيران تُواجه بالفعل معضلة حقيقية بعد هذه الضربات الإسرائيلية الأخيرة، حيث تجد طهران نفسها بين نارين، ففي حال ردّت عسكرياً فإنّ ذلك سوف يؤدّي إلى صراع مفتوح مع إسرائيل وإلى حريق إقليمي في الشرق الأوسط، وهو السيناريو الذي كانت إيران لا تزال تحرص على تجنّبه منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وبالمقابل، فإنّ عدم الرد الإيراني على هجمات إسرائيل سيعمل على تشويه السمعة التي كانت تحرص الجمهورية الإسلامية على إظهارها ضمن محور ميليشياتها الذي يشمل بالنسبة لطهران كل من لبنان واليمن والعراق، بالإضافة إلى سوريا، وسيُضعف بالتالي من قوة الردع الإيرانية ضدّ إسرائيل، وفقاً للكاتبة الفرنسية.
وحول ذلك تذكر "لوموند" أنّه منذ عام 1979، قامت طهران، من خلال التحريض والانتهازية ببناء سديم من الحركات المسلحة عبر استغلال نقاط الضعف السياسية والعسكرية لجيرانها في المنطقة، فقام الحرس الثوري بتأسيس فيلق القدس، فرعه المسؤول عن العمليات الخارجية، عبر تشكيل ميليشيات أجنبية تضم عشرات الآلاف من المقاتلين الذين تكبّدوا خسائر فادحة في الحرب مع العراق وفي إيران نفسها، والذين وضعوا فيما بعد الحجر الأول للمحور  الذي امتدّ بسرعة إلى لبنان ثم إلى سوريا واليمن لاحقاً.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot