ماذا وراء «مراجعة» الكونغرس للدعم الأمريكي للعراق؟

ماذا وراء «مراجعة» الكونغرس للدعم الأمريكي للعراق؟

طرح تحرك أعضاء في الكونغرس الأمريكي ضد الدعم المقدم للعراق، تساؤلات عن دلالات هذه الخطوة، وتداعياتها على الحكومة العراقية والميليشيات المسلحة في العراق. 
ورأى خبراء أن واشنطن لا تعوّل على الحكومة العراقية في ملف الميليشيات المسلحة، في ظل المفاوضات المتلكئة والمتعثرة معها، ما دعا إلى تحرك الكونغرس الأخير، الذي طالب بإعادة النظر في دعم الولايات المتحدة المقدم لبغداد.
وأظهرت وثيقة أرسلها عدد من أعضاء الكونغرس إلى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايكل والتز، طلبًا بمراجعة الدعم الأمريكي للعراق، في ظل استمرار نفوذ الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران داخل المؤسسات الأمنية العراقية، وسط مخاوف من أن تساهم هذه الأموال في تعزيز النفوذ الإيراني في بغداد.
وذكر مصدر عسكري عراقي أن «التحركات الأمريكية الأخيرة أحدثت إرباكًا في صفوف الفصائل المسلحة، التي بدأت تستعد لسيناريوهات أكبر، خاصة منظمة بدر، التي لم تسلط عليها الأضواء بنفس الدرجة التي تعرضت لها فصائل أخرى في السابق».
وأوضح المصدر لـ»إرم نيوز»، طالباً عدم الكشف عن هويته، أن «أوساط الميليشيات تتوقع تعرضها لضربات جوية أو عقوبات أمريكية مشددة، خاصة مع تصاعد الحديث في واشنطن عن ضرورة التعامل مع التهديد الذي تمثله هذه الجماعات داخل المؤسسات الأمنية العراقية».
وتُجري الحكومة العراقية، منذ الشهر الماضي، مفاوضات مع الفصائل المسلحة بشأن نزع سلاحها، إلا أن هذه المحادثات تواجه تعثرًا واضحًا، ولم تحقق أي تقدم يذكر حتى الآن.
وبرغم المرونة التي أبدتها بعض الميليشيات تمسكت أخرى بمواقفها ورفضها لأي خطوات قد تقلّص من نفوذها داخل المشهد الأمني.
ومن جهته، أكد الخبير في الشأن العراقي عبدالغني غضبان، أن واشنطن تسعى لتقويض نفوذ إيران سواء فيما يتعلق بالملف النووي، أو التوسع الإقليمي، أو حتى عمليات تهريب العملة الصعبة.
وأضاف غضبان لـ»إرم نيوز»، أن «هذا الضغط ينعكس مباشرة على أذرع إيران في المنطقة، سواء من الحوثيين في اليمن أو الفصائل المسلحة داخل العراق، حيث اختار الكونغرس منظمة بدر، وطالب بتصنيفها منظمة إرهابية، مستندًا إلى تاريخها في العمل داخل العمق الإيراني خلال فترة النظام السابق، ومواقفها المعلنة التي باتت، اليوم، جزءًا من المشهد العراقي».
ويشير الطلب المقدم في الكونغرس إلى أن العديد من الضباط العسكريين المرتبطين بمنظمة بدر قد تم دمجهم في وزارتي الدفاع والداخلية، حيث حصلوا على ترقيات سريعة نتيجة لنفوذهم السياسي، مما يعزز تأثير إيران داخل المنظومة الأمنية العراقية.
ويفتح هذا التوجه ما يُعرف محليًا بـ»ضباط الدمج»، وهم أعضاء في منظمة بدر تم إدخالهم ضمن المؤسسة الرسمية العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث تولّوا مناصب حساسة داخل وزارتي الدفاع والداخلية، مستفيدين من الغطاء السياسي الذي وفرته لهم الحكومات المتعاقبة.
وبدوره، يرى المحلل الأمني رياض الجبوري أن «تحرك الكونغرس تجاه ملف الميليشيات المسلحة يؤكد عدم تعويل واشنطن على المفاوضات الجارية مع الحكومة العراقية، في ظل عدم تحقيق أي تقدم ملموس حتى الآن، ما يدفع الإدارة الأمريكية إلى البحث عن بدائل أكثر واقعية للحد من نفوذ الفصائل المدعومة من إيران».
وأضاف الجبوري لـ»إرم نيوز» أن «الأفضل للعراق هو معالجة ملف الميليشيات داخلياً، والتفاعل مع المتطلبات الدولية لإنهاء نفوذها قبل الوصول إلى مرحلة الفرض أو الإجراءات القسرية، التي قد تضع البلاد في مواجهة مباشرة مع تداعيات خارجية لا يمكن التنبؤ بعواقبها».