78 % من الأوكرانيين لديهم أقارب أو أصدقاء قتلوا أو أصيبوا في القتال

مبتورو الأطراف في أوكرانيا: حماسة للعودة إلى الجبهة والحب

مبتورو الأطراف في أوكرانيا: حماسة للعودة إلى الجبهة والحب

من لفيف الأوكرانية، كتب نيكولاس كريستوف في صحيفة “نيويورك تايمز” عن “مركز البشر الخارقين” المكتظ بمبتوري الأطراف. يتعلم هؤلاء المشي على أرجل اصطناعية أو تدخين سجائر بأصابع اصطناعية.
مع ذلك، إن هذا المستشفى المدعوم من التبرعات الخيرية والمخصص للأوكرانيين الجرحى ليس محبطاً كما هي الحال مع المستشفيات في أحيان كثيرة. ربما يعود ذلك إلى الإعجاب الذي يكنه الأوكرانيون لهؤلاء المحاربين القدامى، مما يدفعهم إلى التخطيط للعودة إلى الجبهة بأذرع وأرجل اصطناعية.
 
أبطال خارقون
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن أولكساندرا كابانوفا وهي جالسة تنتظر أن يكمل زوجها أوليه سبودين جلسة علاجية فيزيائية “لا أرى أشخاصاً ذوي إعاقة”. وتابعت “أنا أرى أبطالاً خارقين”. وتحدثت سبودين عن جاذبية زوجها بدون ساقه مشاركة بحرص قصة كيفية فقدانه لها حين تطوع للخروج كي ينقذ جريحاً.
يعتقد كريستوف أن هذا المثل يبين كيف أساء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التقدير حين غزا أوكرانيا السنة الماضية، إذ قلل من شأن عزيمة أوكرانيا ومرونتها. ويظن الكاتب أيضاً أن بعض الأمريكيين يرتكبون الخطأ نفسه. على مدار أشهر تلو الأخرى، خسر الأوكرانيون المباني والتدفئة والكهرباء والأرواح، وبالرغم من ذلك، هم مستعدون لمواصلة التضحية، وثمة احترام على مستوى مجتمعي لأولئك الذي بذلوا الكثير. أظهر استطلاع حديث أن 78% من الأوكرانيين لديهم أقارب أو أصدقاء قتلوا أو أصيبوا في القتال. هذه حصيلة مذهلة، لكنها عززت العزيمة الأوكرانية بدلاً من إضعافها. في كل زيارة من زيارات الكاتب لأوكرانيا خلال زمن الحرب، لم تكن المعاناة الهائلة أكثر ما أدهشه لكن العزم الهائل الأكبر على الفوز. في حين أن الألم والصعوبة اللذين يواجههما أولئك الذين يكافحون لتعلم المشي مرة أخرى هائلان، يقدم إعجاب الجمهور مرهماً.
 
فقدَ ساقين وذراعاً.. وسيعود
قال دينيس كريفنكو، شاب يبلغ من العمر 24 عاماً فقد ساقيه وذراعه في يناير (كانون الثاني) أثناء القتال بالقرب من باخموت: “هذا الأسبوع، حاولت امرأة معانقتي في محطة للحافلات”، مضيفاً أن “الناس حاولوا إعطائي الطعام ومنحي المال والعناقات”. أخبر كريفينكو كريستوف أنه حتى لو فقد ثلاثة أطراف فهو سينضم مرة أخرى إلى وحدته على الخط الأمامي. أصر على أن “وحدتي تنتظرني”. إنه يناقش دورين: إما كمدرب للمسعفين أو كمستشار لتدريب الجنود الذين يكافحون في الأوقات القاتمة.
وبودان بترينكو الذي قابله الكاتب عندما كان يتدرب على المشي بساقه الاصطناعية يخطط أيضاً للانضمام إلى وحدته العسكرية بمجرد أن يتعافى تماماً من إصابات الهاون التي أفقدته ساقه وشوهت ذراعيه. قال بترينكو (21 عاماً) إنه سيعود إلى الجبهة كرجل راديو أو مشغل طائرة بدون طيار.
 
لم يجرؤ أن يكلمها
كان بترينكو معجباً بفتاة في بلدته قبل الحرب، لكنه لم يجرؤ على طلب الخروج معها. وعندما اندلع القتال، غادرت إلى بولندا. في رحلة عودة إلى أوكرانيا لزيارة والديها، سمعت أنه مصاب. وعندما مرت عبر لفيف توقفت لزيارته في المستشفى.
وأضاف “لم تغادر قط.. لا تزال هنا. إنه لأمر سحري”. وقال إنهما يعيشان الآن معاً، مضيفاً أنه “يمكن لفرد أن يمتلك كامل ذراعيه وساقيه ومع ذلك يبقى غير ناجح في الحب، لكن شخصاً مبتور الأطراف يمكن أن يفوز بالقلب».
 
التصميم على الفوز.. ولو على أرجل اصطناعية
يجب على الغرب، حسب كريستوف، القيام بعمل أفضل في تزويد أوكرانيا بطائرات إف-16 والدبابات والصواريخ بعيدة المدى التي تحتاجها لإنهاء هذه الحرب. ولكن ما قد يهم أكثر من الأسلحة هو قيمة التصميم الأوكراني على الفوز، حتى على أرجل اصطناعية. إن مبتوري الأطراف في الحرب منضبطو العواطف بشأن التحديات التي يواجهونها بما أنهم فقدوا أصدقاء، وبهذا المعيار، يشعرون بأنهم محظوظون.
10 أشهر من الجحيم
«بعد البتر، لم أشعر بهذا الحجم من السوء”، كما قال يفين تيورين (30 عاماً) وهو في حال من التأمل: “لقد انتهت الآن المشاكل في ساقي”. وقد تأثرت الممرضة التي كانت تعالجه، أولها بارانيش. تتذكر أن “شيئاً ما لمس قلبي”. لقد تزوجا وهما يتوقعان طفلهما الأول في أغسطس (آب) المقبل.
كابانوفا، المرأة التي تعتقد أن زوجها مثير بدون ساق، تعترف بأن الأبطال ليسوا دائماً ملبين للاحتياجات العائلية. وقالت إنها واجهت “10 أشهر من الجحيم” حين كانت بمفردها أثناء ملازمة سبودين الجبهة. عندما أصيب في أول مرتين، توسلت كي يعود إليها. رفض ذلك. ثم في 15 فبراير (شباط)، اتصل بكابانوفا وبدا مختلفاً، ضعيفاً. سألته إذا كان مصاباً.
أجاب بأنه فقد ساقه لكنه، وفي محاولة للحفاظ على روح الدعابة، أضاف “سيبقى جزء مني هناك إلى الأبد».
 
لا تسير الأمور على هذا النحو!
تدمع كابانوفا حين تسترجع الذكريات. قالت بحدة: “يظن الناس أن الفتيات سيتخلصن من الشبان بعد إصاباتهم. مستحيل! لا تسير الأمور على هذا النحو».
كانت عملية بتر سبودين غير مكتملة، لذلك اضطر إلى الخضوع لعملية جراحية أخرى لإعادة تشكيل الجذع، والآن هو ينتظر أن يلتئم الجرح حتى يتمكن من الحصول على طرف اصطناعي – وبعدها سيعود إلى الحرب.
أوضح سبودين أن “البتر هو صعوبة مؤقتة.. هذه مجرد ظروف جديدة في حياتنا يجب علينا التكيف معها».