القاهرة ترفع كفاءة الجيش وتزيد تسليحه

محورية التدخل العربي تفرض الهزيمة التركية

محورية التدخل العربي تفرض الهزيمة التركية


استراتيجية الانكماش على الداخل والاكتفـــاء بالحرب على الإرهاب، التي يعتمدها الجيش المصري، تأتــــــي متغيــــرات المشـــــهد الليبي لتضعها  أمام اختبــــار جـــــــدي فهــــــل تكتفي مصر بالانتظار حتى يتجمع قرب حدودهــا عشـــرات الآلاف من الميليشـــيات والمرتزقة ليضاعفوا أزمتها في الداخل من خلال تهريب الإرهابيين والأسلحة، أم تبـــــــادر إلى كســــر القاعدة التي وضعتها لنفسها وتتدخل في ليبيــــــا لحمايـــة مصالحها؟
وبحسب صحف عربية صادرة أمس الأحد، طرح جرس الإنذار الليبي وتقدم تركيا نحو الحدود الغربية لمصر والتلويح الخطير بأفواج المرتزقة المتطرفين المتخرجين لتوهم من فصائل النصرة والقاعدة وداعش في سوريا أسئلة قاسية على المخطط الاستراتيجي المصري وعلى العقيدة القتالية للجيش المصري.

استنفار ومواجهة
ذكرت صحيفة “العرب” اللندنية أن عقيدة الجيش المصري الدفاعية شكلت أحد محددات التعامل الدبلوماسي مع الأزمات الإقليمية، ففي الوقت الذي اندلعت فيه حروب في دول مجاورة تحولت إلى معارك بالوكالة في عدد من الدول العربية، سارت القاهرة بالاتجاه المعاكس وبادرت إلى رفع كفاءة الجيش وزيادة تسليحه، وقررت عدم الانجرار وراء صراعات لم يتم حسمها بالطرق القتالية التقليدية النظامية، وتمسكت بهذه العقيدة لتحصين الدولة داخليا في ظل تنامي أخطار الإرهاب.
القيادة السياسية في مصر تدرك أنها تواجه تهديدات على جبهات متعددة، ومحاولات استنزاف الجيش في إحداها، وفقاً لهذه المعطيات تنتظر أطراف إقليمية عديدة الموقف المصري في الجبهة الغربية على خلفية التصعيد التركي في ليبيا، وتحديد الرئيس عبدالفتاح السيسي خط سرت الجفرة كحد فاصل غير مسموح بتجاوزه، باعتباره مهددا للأمن القومي المصري، ما أثار تساؤلات حول المحددات الرئيسية التي تحكم تحركات الجيش خارجياً، وسط مخاوف من أن تتحول الحدود البرية الشاسعة مع عدد من البلدان إلى حاضنة لتنظيمات إرهابية ومتطرفـــــة ترعاهـا تركيا وقطر.
وأضافت الصحيفة أن القيادة المصرية تتعامل مع الأوضاع الحالية في ليبيا من خلال ثلاث مناطق، تبدأ من الحدود التونسية وطرابلس لما قبل الوصول إلى سرت بـ150 كيلومتراً، والثانية في إقليم برقة وتبدأ من 150 كيلومتراً غرب سرت وحتى منفـــذ السلوم، علاوة على منطقة العمق الليبي والتي تشمل واحة جغبوب ومنطقة العوينات، وهي مناطق صحراوية غير مأهولة بالسكان.
والوجود التركي في المناطق الثلاث يهدد الأمن القومي المصري بشكل مباشر، لأن أنقرة تنوي إنشاء قواعد لها في المناطق التي تصل إليها، “ما يجعل التدخل المصري حتمياً في أي لحظة، حتى وإن كان الأمر بعيداً عن خط سرت الجفرة، فالقاهرة لن تسمح بوجود قواعد عسكرية تركية تهدد الأمن القومي عبر البحر المتوسط».

حرب الوكالات
من جانبها ذكرت صحيفة “الاتحاد” الإماراتية في مقال للكاتب سالم حميد بعنوان “الملف الليبي.. والسيناريوهات المفتوحة” أن الجميع يدعو إلى وقف “حرب الوكالات” في ليبيا على المستويين الإقليمي والدولي، لكن على أي أساس طالما جميع الجهات غير راغبة في تقديم أية تنازلات؟!
ففي الصراعات التي لا يتم حسمها عسكرياً من أحد الأطراف، يتوجب في حال الحوار أن يقدم كلا الطرفين المتصارعين تنازلاً متساوياً للآخر، لكن ما نراه حالياً، بالإضافة إلى المناكفات الدولية، أنه لا أحد يريد تقديم أي تنازل. وعليه، فإن السيناريو المستقبلي الأقرب هو استمرارية حرب الاستنزاف الأهلية بين الوكلاء.
ما يعيق تقدم هذا السيناريو في حال التخلي عن حفتر هو مَن البديل له؟ فالأمر ليس بتلك السهولة! كذلك زيارة قائد القيادة الأميركية في أفريقيا “الأفريكوم” إلى ليبيا ولقائه بالسراج ووزير داخليته فتحي باشا آغا وعسكريين أميركيين والسفير الأمريكي لدى ليبيا في مدينة “زوارة”، وليس طرابلس العاصمة، يُعد دليلاً على عدم رغبة الولايات المتحدة في إغضاب الدول الداعمة للمشير خليفة حفتر، خصوصاً مصر.
وأضافت الصحيفة أن المدعو أردوغان يوفر لحكومة الوفاق الخبراء العسكريين والمعلومات الاستخبارية ومختلف أنواع الأسلحة.
 هذا بخلاف جيوش المرتزقة والإرهابيين من شتى أنحاء العالم الذين سبق أن صدّرهم إلى سوريا، وها هو يُصدرهم مجدداً إلى ليبيا تحت سمع وبصر الولايات المتحدة، والتي سمحت بالوجود التركي في ليبيا، والإدارة الأمريكية السابقة تحت حكم أوباما أكبر شاهد على دعم الأمريكان لجماعة الإخوان وإيران.

«محورية الهزيمة»
لفتت صحيفة “عكاظ” بمقال للكاتب يحيى الأمير بعنوان “محورية الهزيمة” إلى أن ما يحدث في ليبيا مروع جداً، وفيما لو استطاع النظام التركي أن يحقق انتصـــــــاراً ما فإن كل المنطقة أمام خطر داهم وحقيقي.
ونوهت الصحيفة إلى أن ليبيا تمثل آخر آمال مشروع الربيع العربي في المنطقة، مضيفاً الكاتب إنها “البارقة الوحيدة التي تحيي أمل الخاسرين الكبار في ذلك المشروع بعد هزيمته وانهياره أمام الثورات التصحيحية التي شهدتها الميادين الرافضة لحكم جماعات الإسلام السياسي والرافضة للتوغلات التركية والإيرانية في بلدانها».
وأضافت الصحيفة أن ليبيا الآن هي آخر آمال ذلك المشروع لاستعادة وبناء مسارات جديدة تعاود النهوض بذلك المشروع وفق التــــــحولات والأوضاع الحالية التي تشـــــهدها المنطقة والعالم.
وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا اليوم تتورط رسمياً في غزو واقعـــــي عدوانـــــي على الجمهورية الليبية وتضع كل أوراقها السياسية والإقليميــــــة هناك..
 ومن الواضــــــــح أن النظــــــام التركي يدرك جيـداً محورية هذه المعركة وهو مستعد لأن يذهب بعيداً في محاولته للانتصار فيها لأنه يدرك جيداً ما الـــــــذي تعنيـــه الهزيمة هناك..
 إنهـــــا آخــــــــر مغامــــــرات النظـام إذ وضـــــــع نفســـــه على محـــــــك اختبار محـــوري وسـيكون لنتائجه تأثيرات كبرى على مستقبل النظام التركي وعلى مســـــتقبل الحــــزب الحاكــم أيضاً.
لذا تمثل الهزيمة التركية في ليبيا هدفاً يجب العمل على تحقيقه لإيقاف “العربدة التركية” في المنطقة ولإنهاء المشروع التوسعي التركي الأردوغاني الذي لن يتوقف في ليبيا، وكل ما يضمره النظام التركي من حقد على مصر التي أنهت مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة سيتجلى في استهداف واضح لأمن مصر واستقرارها وحدودها فيما لو استطاع النظام بمرتزقته أن يحقق أي انتصار على الأرض.

إعلان القاهرة
أشارت صحيفة “البيان” الإماراتية إلى زيارة رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالــــــح، إلى موسـكو مطلع يوليو المقبل، في زيارة رسمية تلبية لدعـــــــوة من الحكومة الروسية.
وقال النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الليبي أحميدة حومة، إن “صالح والوفد المرافق سيبحثون إعــــــلان مبادرة القاهرة ومخرجات مؤتمر برلين، إلى جانب قضايا أخرى”، مشيراً إلى أن المحادثات المرتقبة ستتطرق أيضاً لمبادرة رئيس مجلس النواب في محاولة للدفـــــــع باتجــــــاه وقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية.
وبحســـــــب الصحيفــــــــة تأتي زيارة صالــــــح إلى موســـــــــكو في ظــــــــــل دعــــــم روســـــــي كامـــــل لمبادرة القاهرة، حيــــــث قالــــــت الخارجية الروسية إن “مبادرة السلام المصريــة الجديدة في ليبيا يجب أن تكــــــــون المنتدى الرئيسي لتقرير مستقبل البلاد”.
 ووصفت موسكو المبادرة بأنها شاملة، ويمكن أن تكون بمثابة أساس لمفاوضات طال انتظارها بين الطرفين المتناحرين في ليبيا.