العالم يحبس أنفاسه تحسباً لاندلاع أزمة نووية

مخاوف من «تشيرنوبل»جديدة وسلاح الغرب يتقاطر على أوكرانيا

مخاوف من «تشيرنوبل»جديدة وسلاح الغرب يتقاطر على أوكرانيا


في الوقت الذي يحبس فيه العالم أنفاسه تحسباً لاندلاع أزمة نووية، طغت مخاوف متصاعدة من التهديد الذي يطرحه قصف محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية على القمة الثلاثية التي انعقدت في مدينة لفيف أمس الأول الخميس، بين الأمين العام للأمم المتحدة والرئيسان التركي والأوكراني، فيما يتواصل تبادل الاتهامات بين موسكو وكييف مجدداً بشأن قصف بالقرب من المحطة النووية الأكبر في أوروبا، والتي تسيطر عليها روسيا واستُهدفت بعدة ضربات منذ أسبوع.
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للصحافيين بعد محادثات في لفيف بأوكرانيا الخميس 18 أغسطس (آب)، عن قلق بالغ إزاء الوضع في محطة زابوريجيا النووية، ودعا إلى سحب العتاد العسكري والقوات من المحطة.
وحذر من أن إلحاق أي ضرر بمحطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا سيكون بمثابة “انتحار”، وقال “علينا أن نقول الأمر كما هو: أي ضرر محتمل لزابوريجيا سيكون بمثابة انتحار”، داعياً مرةً جديدة إلى جعل المحطة التي يسيطر عليها الجيش الروسي منطقة “منزوعة السلاح».
وفي حين أعرب عن “قلقه البالغ” حيال الوضع في أكبر محطة نووية بأوروبا، طالب بعدم استخدامها “في أي عملية عسكرية مهما كانت”. وأضاف “لا بد من اتفاق عاجل لإعادة زابوريجيا منشأة مدنية فقط ولضمان أمن المنطقة».

«تشيرنوبل أخرى»
وقال زيلينسكي عقب اجتماعه مع غوتيريش، إنهما اتفقا على معايير بعثة قد ترسلها الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى محطة زابوريجيا النووية.
وأضاف “لا بد أن تسحب روسيا فوراً ومن دون شروط قواتها من محطة زابوريجيا للطاقة النووية، إضافة إلى وقف أي استفزاز وقصف».
فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعم بلاده لأوكرانيا مبدياً قلقه من خطر حصول كارثة “تشيرنوبل” أخرى، في إشارة إلى الأخطار التي تدور بمحطة زابوريجيا النووية.
وقال أردوغان “في وقت نواصل جهودنا من أجل حل، كنا وسنبقى إلى جانب أصدقائنا الأوكرانيين”، مضيفاً “نحن قلقون. لا نريد أن نعيش تشيرنوبل أخرى” في إشارة إلى المحطة النووية.
وأوضح الرئيس التركي أن القمة الثلاثية تطرقت أيضاً إلى مسألة تبادل الأسرى بين أوكرانيا وروسيا. وقال “أريد أن أوضح أنه موضوع مهم بالنسبة إلينا. سنواصل إجراء مشاورات في هذا الصدد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين».
وكان أردوغان التقى نظيره الروسي في الخامس من أغسطس (آب) في مدينة سوتشي الروسية.
وسارعت تركيا إلى إدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا، لكنها حرصت على تبني موقف محايد بين البلدين ولم تنضم إلى العقوبات الغربية على موسكو. كذلك، تزود أنقرة أوكرانيا مسيراتها المقاتلة المعروفة “بيرقدار”، التي أثبتت فاعليتها في مواجهة الدبابات الروسية.وفي اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة، توصلت موسكو وكييف في يوليو (تموز) إلى اتفاق ترفع روسيا بموجبه الحصار عن شحنات الحبوب الأوكرانية. واستؤنفت الصادرات بالفعل في بداية أغسطس (آب).

مساعدات إضافية
وفي الأثناء، تُعد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مساعدات عسكرية إضافية، لأوكرانيا قيمتها نحو 800 مليون دولار وقد تعلن عنها قريباً، ربما الجمعة 19 أغسطس (آب)، حسبما ذكرت 3 مصادر مطلعة.
وأضافت المصادر أن بايدن سيأذن بالمساعدة باستخدام سلطة رئاسية تسمح له بإصدار أوامر بنقل فائض الأسلحة من المخازن الأمريكية.
وقالت المصادر، التي اشترطت عدم نشر هوياتها، إن الإعلان عن المساعدات قد يتأخر حتى الأسبوع المقبل، محذرة من أن قيمة حزم الأسلحة قد تتغير قبل الإعلان عنها. وأحجم البيت الأبيض عن التعليق.
ومن جهتها، تعتزم إستونيا تزويد أوكرانيا بأسلحة إضافية، مثل أسلحة الهاون ومضادات الدبابات، لاستخدامها في الصراع مع روسيا، وفقاً لما أعلنته الحكومة في تالين، أمس الخميس.
وجاء في بيان لوزارة الدفاع في إستونيا أن الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي “الناتو” تعتزم أيضاً دعم المبادرة البريطانية لتوسيع تدريب القوات المسلحة الأوكرانية، والتبرع بمستشفى ميداني ثان لأوكرانيا بالتعاون مع ألمانيا.
وقال وزير الدفاع الإستوني، هانو بيفكور:”القتال في أوكرانيا مستمر في التصاعد. وعلى الرغم من وصول المزيد والمزيد من الأسلحة الغربية إلى الخطوط الأمامية، فإن مسؤوليتنا الأخلاقية هي مواصلة دعم أوكرانيا».
وتابع “إنهم يقاتلون من أجل قيمنا المشتركة، وإذا كان هناك أي شيء يمكننا إرساله إلى الأوكرانيين، فعلينا القيام بذلك».
وتقول إستونيا إنها قدمت مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 250 مليون يورو (252 مليون دولار) منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا قبل نحو 6أشهر.
ومن بين الأسلحة التي زودت بها إستونيا أوكرانيا ألغام مضادة للدبابات أمريكية الصنع وصواريخ جافلين المضادة للدبابات.
كما قامت إستونيا، التي يبلغ عدد سكانها 1.2مليون شخص، بتسليم العديد من مدافع الهاوتزر من مخزون ألمانيا الشرقية القديمة إلى كييف، والتي وافقت الحكومة الألمانية على إرسالها.

خسارة لبوتين
قال رئيس مركز الاتصالات الحكومية، وهو جهاز استخباراتي بريطاني، اليوم الجمعة، إن روسيا فشلت في تحقيق انتصارات على أوكرانيا في الفضاء الإلكتروني بعد مرور 6 أشهر تقريباً على الحرب.
وكتب رئيس الجهاز جيريمي فليمنغ في مقال افتتاحي بصحيفة “الإكونومست”، أن كلا البلدين يستخدمان القدرات الإلكترونية خلال الحرب.
وتابع فليمنغ “حتى الآن، خسر الرئيس بوتين حرب المعلومات بشكل شامل في أوكرانيا وفي الغرب. وعلى الرغم من أن هذا سبب يدعو للاحتفال، لا ينبغي أن نهون من التأثير الذي تحدثه المعلومات المضللة الروسية في أماكن أخرى من العالم».
وأضاف “تماماً كما حدث مع غزوها البري، يبدو أن خطط روسيا الأولية بالنسبة للإنترنت لم تحقق أهدافها. كان استخدام الدولة للأدوات الإلكترونية الهجومية غير مسؤول وعشوائي».
وقال فليمنغ إن روسيا نشرت برنامج (ويسبر غيت)، وهو من البرمجيات الخبيثة، لتدمير وتشويه أنظمة الحكومة الأوكرانية.
وأضاف أن روسيا استخدمت الأساليب نفسها من قبل فيما يخص سوريا والبلقان. وأشار إلى أن نشر معلومات مضللة عبر الإنترنت جزء رئيسي من الاستراتيجية الروسية، لكن مركز الاتصالات الحكومية البريطاني يتمكن من اعتراضها وإصدار التحذيرات في الوقت المناسب.
وتابع فليمنغ، دون الخوض في تفاصيل، أن القوة الإلكترونية الوطنية في بلده يمكنها الرد على روسيا من خلال نشر وحدة عسكرية تستخدم أدوات إلكترونية هجومية.

هجمات روسية
ومن ناحية أخرى، قال حاكم إقليمي إن 17 شخصاً قتلوا وأصيب 42 في هجومين روسيين منفصلين على مدينة خاركيف في شمال شرقي أوكرانيا.
كما ذكرت 3 مصادر أن 4 انفجارات على الأقل وقعت الخميس في منطقة قريبة من مطار بيلبيك العسكري الروسي الرئيسي في شمال سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم. ويقع المطار شمال مقر أسطول البحر الأسود في سيفاستوبول.
وقال حاكم سيفاستوبول ميخائيل رازفوجاييف عبر “تيليغرام”، إن الدفاعات الروسية المضادة للطائرات أسقطت طائرة مسيرة أوكرانية، من دون أن يسفر ذلك عن أي إصابات.
وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية الجمعة إن القوات الروسية شنت هجمات، وحاولت إحراز تقدم على ثلاث جبهات أو أكثر، لكن القوات الأوكرانية تصدت لها.
وفي الجنوب، قالت قيادة إقليمية على “فيسبوك” إن 73 جندياً روسياً قتلوا ودُمرت 13 قطعة من العتاد ومخازن ذخيرة مع سعي القوات الأوكرانية للسيطرة على منطقة جديدة.
وأضافت القيادة “خلال المعركة التي أعقبت ذلك، أطلقت (وحداتنا) النار على العدو، ما أرغمه على العودة إلى موقعه الأصلي بخسائر في الدبابات والمدرعات والجنود».
ولم يتسن لرويترز التحقق بعد من تقارير ساحة المعركة.

«ضربة ملتوية»
ووصف الرئيس فولوديمير زيلينسكي هجوم الأربعاء على خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، بأنه “ضربة ملتوية... استهدفت المدنيين بلا مبرر».
وأضاف “لا يمكننا أن نغفر ذلك. سوف ننتقم».
وتنفي روسيا استهداف المدنيين عمداً خلال ما تسميها “عملية عسكرية خاصة” في أوكرانيا.
وقالت تمارا كرامارينكو، وهي من سكان خاركيف، لوكالة “رويترز” إن صاروخاً أصاب المسكن الذي تعيش فيه الأربعاء.
وأضافت “فرقعة... ثم ضباب رمادي... لدينا ثلاث نوافذ، لم يتبق شيء آخر! بدأت السلالم في الانهيار، وراح الناس يساعدون بعضهم».
وذكرت 3مصادر محلية أن 4 انفجارات على الأقل وقعت الخميس في منطقة بالقرب من مطار بيلبيك العسكري الروسي الرئيسي في شمال سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم. وقال مسؤول موال لموسكو إنه لم تقع أضرار جراء ذلك.
وشبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا عام 2014، خط إمداد مهم لما يسميه الرئيس فلاديمير بوتين عمليته العسكرية الخاصة في أوكرانيا.وحملت روسيا الثلاثاء مخربين مسؤولية تنظيم سلسلة تفجيرات في مستودع للذخيرة في شبه جزيرة القرم.
ووقعت انفجارات الأسبوع الماضي في قاعدة جوية في القرم قالت موسكو آنذاك إنها نجمت عن حادث.

كارثة نووية
وكرر غوتيريش دعواته لنزع السلاح حول محطة زابوريجيا النووية.
وقال “يجب عدم استخدام المنشأة في إطار أي عملية عسكرية. بل على العكس، هناك حاجة ماسة إلى اتفاق لإعادة إعمار البنية التحتية المدنية في زابوريجيا وضمان سلامة المنطقة».
وقالت روسيا، التي سيطرت على المحطة الواقعة في جنوب أوكرانيا بعد بداية الحرب بوقت قصير، إنها قد تغلقها، وهو ما حذرت أوكرانيا من أنه سيزيد خطر وقوع كارثة نووية.ورفضت موسكو في وقت سابق دعوات دولية لإنشاء منطقة منزوعة السلاح حول المحطة، التي لا يزال يديرها مهندسون أوكرانيون تحت السيطرة الروسية، ووصفتها بأنها “غير مقبولة».
وتقع محطة الطاقة على الضفة الجنوبية التي تسيطر عليها روسيا لحوض نهر ضخم في إنيرهودار، وتسيطر القوات الأوكرانية على الضفة الشمالية.
وتبادلت روسيا وأوكرانيا الاتهامات خلال الليل بقصف مناطق مدنية قريبة من المحطة كما فعلتا على مدى أيام.وتتهم أوكرانيا روسيا باستخدام المحطة درعاً لقواتها لشن ضربات عبر حوض النهر على المدن التي تسيطر عليها كييف، وهو ما تنفيه موسكو.
ولم يتسن لوكالة “رويترز” تأكيد الوضع العسكري هناك أو على من تقع مسؤولية القصف.
وتحول الصراع بين موسكو وكييف إلى حرب استنزاف تدور بالأساس في شرق وجنوب أوكرانيا، منذ تدفق القوات الروسية عبر الحدود الأوكرانية في فبراير (شباط) فيما وصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنها “عملية عسكرية خاصة»،