صحف عالمية تتحدث عن خطط روسية لزعزعة استقرار مولدوفا

مخاوف من «حرب جوية» وشيكة.. وسخرية صينية من «الضعف» الأمريكي

مخاوف من «حرب جوية» وشيكة.. وسخرية صينية من «الضعف» الأمريكي

تناولت أبرز الصحف العالمية الصادرة صباح أمس الأربعاء، آخر تطورات الحرب الروسية الأوكرانية، وسط مخاوف غربية من تحول الصراع إلى الجو، وذلك في وقت يمر فيه “الناتو” بأزمة بشأن توفير الذخائر المطلوبة لكييف.
جاء ذلك بعدما كشفت تقارير عن خطوة أمريكية “خطيرة” بشأن إرسال أسلحة إيرانية مصادرة إلى كييف؛ ما ينذر بتصعيد التوترات بين واشنطن وطهران من جهة، وروسيا والولايات المتحدة من جهة أخرى. كما ناقشت الصحف تقارير أخرى حول مدى استعداد روسيا لـ”زعزعة استقرار” مولدوفا.

وتطرقت الصحف للأزمة الأكثر إثارة في العالم، وتحدثت عن حملة صينية واسعة النطاق تسخر من ضعف الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بتعاملها مع منطاد “التجسس” الصيني المزعوم، وأشارت إلى أن العلاقات بين القوتين العظميين باتت اسوأ من أي وقت مضى.

خطوة أمريكية “جريئة
اعتبرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن نية الولايات المتحدة إرسال الأسلحة الإيرانية المشتبه فيها التي تم مصادرتها، إلى أوكرانيا، “خطوة جريئة وربما محفوفة بالمخاطر».
وأشارت إلى أنه بالرغم من أنها قد تكون مفيدة في الوقت الحالي إلا أنها “تفتح النار” على الرئيس جو بايدن بسبب “عدم قانونيتها».
وكانت “الجورنال” ذكرت في تقرير حصري لها، الثلاثاء، أن الجيش الأمريكي يدرس إرسال آلاف الأسلحة التي تم مصادرتها إلى أوكرانيا، وهي خطوة غير مسبوقة من شأنها أن تساعد كييف في صد القوات الروسية.
ورأت الصحيفة أن هذه الخطوة “غير العادية” ستفتح الباب أمام إمدادات جديدة من القوة النارية التي يمكن للولايات المتحدة وحلفائها الاستفادة منها بينما يكافحون لتلبية حاجة أوكرانيا الملحة مع دخول حربها مع روسيا عامها الثاني.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين بارزين قولهم إن الجيش يعتزم إرسال أكثر من 5 آلاف بندقية هجومية و1.6 مليون طلقة من ذخيرة الأسلحة الصغيرة، وعدد صغير من الصواريخ المضادة للدبابات، وأكثر من 7 آلاف من الصواعق التقاربية، إلى أوكرانيا.
جاء ذلك بعدما اجتمعت واشنطن وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أمس في بروكسل، لمناقشة طرق جديدة لتسريع تدفق الأسلحة المتجهة إلى أوكرانيا ونقص الإمدادات العسكرية الذي تخلقه الحرب.
وأشارت “الجورنال” إلى أن التحدي الذي يواجه إدارة بايدن هو إيجاد “مبرر قانوني” لأخذ أسلحة من صراع ونقلها إلى صراع آخر، إذ يُلزم حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران، الولايات المتحدة وحلفاءها بتدمير الأسلحة المصادرة أو تخزينها أو التخلص منها.

وجادل المدافعون عن الفكرة، وفقاً لتقرير “الجورنال”، بأن بايدن قد يكون قادرًا على حل المسألة القانونية من خلال صياغة أمر تنفيذي، أو العمل مع الكونغرس لتمكين الولايات المتحدة من مصادرة الأسلحة بموجب سلطات المصادرة المدنية وإرسالها إلى أوكرانيا.
وقالت مصادر مطلعة إن المسؤولين الأمريكيين بدؤوا التفكير بجدية في الفكرة أواخر العام الماضي. وأضافت أن إرسال الأسلحة الإيرانية المصادرة إلى كييف سيسمح للولايات المتحدة بقلب الطاولة على طهران، التي زودت روسيا بمئات الطائرات دون طيار لاستخدامها في الحرب مع أوكرانيا. يأتي ذلك في وقت أفادت فيه صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن تقارير أعدتها مجموعة من الاستخبارات الغربية خلصت إلى أن روسيا تحشد عدداً كبيراً من الطائرات المقاتلة على الحدود الأوكرانية، تمهيداً لنشرها في الأيام المقبلة.

وقالت التقارير إن موسكو تستعد لنشر طائراتها المقاتلة والهليكوبتر في الحرب لدعم هجومها البري المتعثر، مضيفة أن الخوف من حرب جوية تلوح في الأفق في أوكرانيا دفع “الناتو” إلى إعطاء الأولوية للشحنات السريعة من الدفاع الجوي وذخيرة المدفعية إلى كييف، للرد على “التحول العسكري المفاجئ لموسكو».
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي كبير قوله: “لقد كان واضحًا جدًّا أن لدينا فترة زمنية قصيرة لمساعدة الأوكرانيين في الاستعداد للهجوم وأن لديهم بعض الاحتياجات الضرورية جدًّا. القوات البرية الروسية مستنفدة إلى حد كبير؛ ما يدفع موسكو إلى نقل الصراع للجو.»

الصين تسخر
من “ضعف” أمريكا
لا يزال التلاسن بين الولايات المتحدة والصين مستمرًّا على وقع أزمة “المناطيد”، إذ ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن شتى وسائل الإعلام الصينية الرسمية قد سخرت، الثلاثاء، من رد فعل واشنطن “المبالغ” تجاه المنطاد الصيني وإسقاطه بالقوة المفرطة، معتبرة الحادث “علامة على تراجع قوة الولايات المتحدة».
وقالت الصحيفة الأمريكية إنه في حين أن الكثيرين في العالم يرون منطاد “التجسس” الصيني كعلامة على عدوانية بكين المتزايدة، تعمدت بكين أمس تجاهل مزاعم اتهامات التجسس الأمريكية.
واعتبرت، في المقابل، أن “رد الفعل المبالغ فيه” لواشنطن هو أحد أعراض الانقسام السياسي في البلاد وضعف إدارة بايدن.

وعلى سبيل المثال، نقلت “نيويورك تايمز” عن تقرير نشرته صحيفة “الشعب اليومية”، وهي المتحدث الرسمي باسم الحزب الشيوعي الحاكم، قوله: “لماذا تخاف قوة عظمى من مركبة واهية قابلة للنفخ؟ هل ذلك بسبب مجموعة من الأزمات الداخلية والصراع الحزبي المستعصي الذي يدفع بايدن إلى التصرف بعدوانية ضد بكين؟»
ورأت “نيويورك تايمز” أن مثل هذه التقارير تعكس إلى أي مدى تغيرت لهجة بكين تجاه واشنطن. وقالت إن الدعاية الصينية حاولت رصد نقاط الضعف لدى إدارة بايدن، “بل وأنها استهزأت بها ووصفتها بأنها تخفق، وتبالغ في رد فعلها وتحاول الالتفاف على خصومها الجمهوريين اليمينيين المتشددين لإظهار من يمكنه الوقوف بشكل أقوى ضد بكين.»

وأشارت الصحيفة إلى أن الصين سعت أمس لإثبات أنها قد تجاوزت الحادث بالفعل، حيث وجهت وسائل إعلامها إلى التركيز على مصالح الدولة الإستراتيجية في أماكن أخرى من العالم.
وفضلاً عن المنطاد الصيني الذي أسقطه الجيش الأمريكي فوق المحيط الأطلسي قبل عشرة أيام، اشتدت التوترات بين واشنطن وبكين خلال الأيام الثلاثة الماضية، حيث أسقطت الولايات المتحدة ثلاثة أجسام طائرة مجهولة فوق أمريكا الشمالية، في حين أعلنت الصين أنها ستسقط مركبة غامضة بالقرب من بحر بوهاي.
وأشارت الصحيفة إلى أن العالم يعيش الآن “لحظة من سياسة حافة الهاوية الجيوسياسية” وسط مخاوف عميقة بشأن مسار العلاقة بين القوتين العظميين التي باتت في أدنى مستوياتها منذ عقود. وقالت إنه في ضوء هذا القلق، توجد أسئلة حول قدرة قيادة كل بلد على إدارة المشاعر القومية وتوجيه القوتين بعيدًا عن مسار التصادم.

وذكرت الصحيفة أنه بصفته الزعيم القومي الأكثر حماسة في الصين منذ أجيال، لا يمكن رؤية الرئيس، شي جين بينغ، وهو يخضع للضغط الأمريكي دون تقويض وعده الأساس للشعب الصيني بإعادة إحياء الأمة، وهو مشروع يضعه في إطار حضاري مع صعود الشرق وتراجع الغرب.
وفي هذا الشأن، نقلت الصحيفة عن شينغ يو، أستاذ العلاقات الدولية بـ”جامعة تسينغهوا” في بكين، قوله إنه بسبب الدعاية في السنوات الأخيرة، ليس من الممكن للصين تقديم تنازلات أو الاعتذار للولايات المتحدة، مشددًا: “لا يمكن للشعب الصيني قبول موقف ضعيف من حكومته».
وقالت الصحيفة إنه بالرغم من حجم التوترات وموقف الحزبين المتشدد تجاه بكين، ما زال هناك بريق من الأمل في إعادة العلاقات بين البلدين إلى مسارها. لكنها أضافت أنه يمكن أن تحدث نقطة اشتعال أخرى محتملة في الربيع، إذ من المتوقع أن يلتقي شي مع نظيره الروسي في موسكو.

زعزعة استقرار مولدوفا
ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن مزاعم رئيسة مولدوفا، مايا ساندو، أن روسيا تخطط للإطاحة بالحكومة الموالية للغرب بالبلاد في محاولة لوضعها تحت تصرف الكرملين ومنع اندماجها في الاتحاد الأوروبي، قد جددت المخاوف بشأن محاولات موسكو للضغط على البلد الصغير المتاخم لأوكرانيا.
وجاءت تصريحات ساندو بعدما أكد مسؤولو المخابرات في مولدوفا المؤامرة المزعومة التي كشف عنها الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عندما زعم أن حكومته اعترضت وثائق تحدد الخطوط العريضة للخطة الروسية.
وقالت الصحيفة إن تصريحات رئيسة مولدوفا، وهي جمهورية سوفيتية سابقة، قد أعادت إلى الأذهان خطة أعدها جهاز الأمن الفدرالي الروسي العام الماضي عندما قام بتحويل عشرات الملايين من الدولارات إلى مولدوفا لإنشاء شبكة من السياسيين المؤثرين المؤيدين لموسكو هناك.

وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا “تحتل” جيب ترانسنيستريا المنفصل في شرق مولدوفا. وقالت ساندو إن روسيا تأمل في الاستفادة من السخط العام من تداعيات الحرب، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع وارتفاع التضخم، لتشكيل حكومة جديدة.
وأوضحت الصحيفة أن جيب ترانسنيستريا – الذي يبلغ عدد سكانه نحو 500 ألف نسمة - يعد موطنًا لمحطة الطاقة التي تزود الغالبية العظمى من إمدادات الكهرباء في مولدوفا، زاعمة أن روسيا تعتزم استغلال موقع المنطقة الإستراتيجي لزعزعة استقرار البلاد.
وعن أهمية ترانسنيستريا، نقلت الصحيفة عن أنطون بارباشين، وهو خبير في الشأن الروسي، قوله إن فكرة سعي روسيا لإنشاء رابط جغرافي مع المنطقة تعود إلى التسعينيات، إذ لطالما سعت روسيا إلى الحفاظ على “جيوب نفوذ” في أوروبا الشرقية لتبقى موالية لها.

وقالت الصحيفة إنه كذريعة أخرى لضم المنطقة، أعرب رستم مينكاييف، جنرال بارز بالجيش الروسي، عن رغبته في إنشاء طريق إلى السكان الناطقين بالروسية هناك، إذ زعم أنهم يعانون من “الاضطهاد”. وأوضحت الصحيفة أن هذه الذريعة استخدمتها روسيا أيضًا قبل شن الحرب على أوكرانيا.
وقال بارباشين إن المنطقة نفسها ليس لها قيمة إستراتيجية كبيرة لموسكو، لكن إرسال قوات إلى هناك من شأنه أن “يخلق أزمات” لروسيا، بما في ذلك فرض عقوبات دولية إضافية وتدمير علاقة موسكو مع مولدوفا، التي تعتبر محايدة دستوريًّا والتي قالت إنها لن تنضم إلى “الناتو».
وعن مدى احتمالية حدوث تقدم روسي نحو المنطقة، صرح محللون للصحيفة بأن النسبة “ضئيلة للغاية”، حيث تكبدت خسائر فادحة وأعادت توجيه جهودها العسكرية للسيطرة على منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، بعد فشل محاولات الاستيلاء على العاصمة، كييف، ومساحات واسعة من أوكرانيا.