مخطِّط 11 سبتمبر لم يُعدم... اسألوا بايدن عن السبب

مخطِّط 11 سبتمبر لم يُعدم... اسألوا بايدن عن السبب


ظهر العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر خالد شيخ محمد الأسبوع الماضي مبتمساً وملوحاً بيديه خلال جلسة استماع أمام إحدى اللجان العسكرية في خليج غوانتانامو.
دفع هذا الأمر الأمريكيين إلى التساؤل بشكل جماعي: لماذا هذا الرجل ليس ميتاً بعد؟ الجواب بحسب الكاتب السياسي في صحيفة “واشنطن بوست” مارك ثيسن هو أن محمد اعترف بجرائمه وأراد المضي قدماً ليلقى عقوبة الإعدام منذ أكثر من عقد. لكن عوضاً عن قبول اعترافه، أنهت إدارة أوباما-بايدن محاكمته العسكرية وحاولت نقل قضيته إلى محكمة جنائية فيديرالية، كجزء من محاولتها الكارثية لإغلاق غوانتانامو.
من الألف إلى الياء

بمجرد أن وطئت أقدامهم خليج غوانتانامو، اعترف محمد والمتواطئون الأربعة معه بجرائمهم وطالبوا بتنفيذ عقوبة الإعدام. لم يكن هنالك أي حاجة لأدلة نابعة عن تحقيقات إكراهية لإثبات ذنب محمد. خلال جلسة استماع في 10 مارس (آذار) 2007، اعترف محمد بما اقترفه قائلاً: “كنت مدير العمليات  لأسامة بن لادن لتنظيم، تخطيط، متابعة، وتنفيذ عملية 11 سبتمبر”، مضيفاً أنه كان مسؤولاً عن العملية من “الألف إلى الياء”. وقال أيضاً: “لقد قطعت رأس الأمريكي اليهودي دانيال بيرل بيدي اليمنى المباركة”. كما نصح من يريد التأكد من حديثه بالنظر إلى صور له موجودة على الإنترنت تظهره حاملاً رأس بيرل.

تابع ثيسن سرد اعترافات محمد الطويلة: “لقد كنت مسؤولاً عن عملية مركز التجارة العالمي سنة 1993” و “تفجير ملهى ليلي في بالي، إندونيسيا، والذي كان يرتاده غالباً مواطنون بريطانيون وأوستراليون” و “عن عملية جزيرة فيلكا في الكويت التي قتلت جنديين أمريكيين” و”عن عملية الحذاء المتفجر لإسقاط طائرتين أمريكيتين».

واعترف محمد أيضاً بسلسلة أخرى من الاعتداءات التي كان سيشنها لولا اعتقاله واستجوابه من قبل وكالة المخابرات المركزية: “كنت مسؤولاً عن تخطيط، تدريب، مسح، وتمويل الموجة الجديدة (أو الموجة الثانية) من الهجمات ضد ناطحات السحاب التالية بعد 11 سبتمبر: أ. برج المكتبة، كاليفورنيا؛ ب. برج سيرز، شيكاغو؛ ج. بنك بلازا ولاية واشنطن”. وتحدث أيضاً عن أنه خطط لعملية من أجل “تدمير مطار هيثرو، مبنى كناري وورف وبيغ بن على الأراضي البريطانية».
لقد اعترف محمد بارتكاب أو بالتخطيط لارتكاب 31 هجوماً بمن فيها تلك التي تم إحباطها. وأضاف: “أعترف وأؤكد من دون إكراه بأنني كنت مشاركاً مسؤولاً، مخططاً رئيسياً، مدرباً، ممولاً، منفذاً و/أو مشاركاً شخصياً” في جميع هذه المخططات.

وفي يونيو (حزيران) 2008، عرض محمد والمتواطئون معه الاعتراف بجرائمهم ومواجهة الإعدام بسببها. حين كرر القاضي العسكري سؤاله عما إذا كان يدرك أن التهم الموجهة إليه يمكن أن تنزل عقوبة الإعدام به قال: “أفهم بشكل جيد جداً” و”أتمنى أن أصبح شهيداً”. وحين مضت الأشهر من دون أن يحدث أي تطور على هذا الصعيد، كتب محمد والإرهابيون الآخرون إلى القاضي يطلبون منه “جلسة استماع فورية لإعلان اعترافاتنا”. وخلال جلسة استماع عُقدت في ديسمبر (كانون الأول) سأل القاضي محمد والمتواطئين معه عما إذا كانوا مستعدين لتقديم إقرار بالذنب، أفادت وكالة أسوشييتد برس أن “خمستهم قالوا نعم، لكن لم يكن هنالك ما يشير إلى متى سيسمح لهم بذلك».

في يناير (كانون الثاني) 2009، استلمت إدارة أوباما السلطة. من بين أول القرارات التي اتخذها الرئيس الجديد، إصدار أمر تنفيذي لإغلاق معتقل غوانتانامو. وعوضاً عن القبول باعترافات محمد والإرهابيين الآخرين، أقدمت الإدارة على العكس. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، أعلنت أن المتهمين سيُنقلون من غوانتانامو إلى سجن فيديرالي وإلى المحاكمة في قاعة محكمة اتحادية في مانهاتن. أثار القرار غضباً من كلا الحزبين. دافع نائب الرئيس حينها جو بايدن عن الخطوة قائلاً: “لا شك لدينا بأن أفضل وأكثر وسيلة قانونية فاعلية لوضع هذا الرجل خلف القضبان لأطول فترة... هي محكمة (تحكم بموجب) المادة الثالثة».

يصحح ثيسن لبايدن مقاربته للهدف الحقيقي الذي لم يكن سجن الرجل بل إعدامه. لو لم تتخذ الإدارة خيار محاكمة محمد وفقاً للمادة الثالثة التي ألغاها الكونغرس لاحقاً فلربما تم إعدام محمد منذ فترة طويلة.
حين كان محتجزاً لدى سي آي أي، قال محمد لمستجوبه ما يشبه النبوءة. ستنتصر القاعدة في النهاية لأن “الأمريكيين لا يدركون... أننا لسنا بحاجة لهزيمتكم عسكرياً، نحتاج فقط كي نقاتلكم لمدة زمنية كافية حتى تهزموا أنفسكم عبر الانسحاب”. كتب أنه “عار أبدي لأمتنا” أن يتم السماح لشيخ محمد بالعيش لرؤية توقعه يتحقق، مع عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان بعد عشرين عاماً على الهجمات التي خطط لها. وأضاف: “بشكل مخزٍ، كان لجو بايدن يد في كلتا المهزلتين».