رئيس الدولة ونائباه يهنئون المحتفلين بعيد الميلاد في دولة الإمارات والعالم
بوتين يرى الغرب منغمساً في هوة الانحطاط
مرحلة جديدة «وحشيّة« من حرب أوكرانيا
دخلت الحرب في أوكرانيا مرحلة جديدة أشدّ فتكاً ومصيرية، ولم يبد فلاديمير بوتين، الرجل الوحيد الذي يمكنه إيقافها، أي علامات على أنه سيفعل ذلك. فبعد 11 شهراً حققَت خلالها أوكرانيا انتصارات متكررة وحاسمة ضد القوات الروسية، واستعادت بعض أراضيها ومدنها وصمدت أمام الهجمات القاتلة على بنيتها التحتية، بلغت الحرب طريقاً مسدوداً.
أصبحت الضربات الصاروخية الروسية القاسية والعشوائية على أهداف مدنية مصدراً منتظماً للرعب بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”: في 14 يناير (كانون الثاني)، أصابَ صاروخ روسي مبنى سكنيّاً في مدينة دنيبرو في وسط أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، يعزز موردو الأسلحة الغربيون لأوكرانيا ترسانة كييف بالمدرعات وأنظمة الدفاع الجوي التي كانوا حتى وقت قريب مترددين في نشرها ضد روسيا خوفاً من تصعيد هذا الصراع إلى حرب شاملة بين الشرق والغرب.
وتشمل الأسلحة الأمريكية الأخرى التي أضحت في طريقها إلى أوكرانيا منظومة باتريوت، وهي نظام الدفاع الجوي الأرضي الأمريكي الأكثر تقدماً، ومركبات برادلي القتالية وناقلات الجنود المدرعة وأنظمة المدفعية. وشارك حلفاء الناتو بمزيد من الأسلحة، بما في ذلك أول دبابة ثقيلة يُتَعَهَّد بها لأول مرة لأوكرانيا، وهي الدبابة الثقيلة تشالنغر 2 من بريطانيا.
ألمانيا تحت الضغط
وتعرضت ألمانيا، التي كانت مترددة تاريخياً في استخدام دباباتها ضد روسيا، لضغوطٍ شديدة للسماح لحلفائها بتصدير دبابتها ليوبارد الخارِقَة إلى أوكرانيا. وأشار وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أخيراً إلى أنّ هذه “ليست اللحظة التي يتردد فيها أي طرف” وإنما هي “لحظة للتعمّق”. وهذا يعني أن الحقول الموحلة الواسعة في أوكرانيا ستشهد قريباً حرباً واسعة النطاق بالدبابات والخنادق مجدداً.
وتأمل أوكرانيا ومؤيدوها أن تكون الأسلحة الغربية حاسمة، مما يمنح كييف فرصة أفضل لإضعاف الهجوم الروسي وصد الروس وإعادتهم إلى أراضيهم. ويتكلم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن طرد روسيا من أوكرانيا تماماً، بما في ذلك الأراضي التي استولت عليها في 2014 في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا.
الروس والتساؤل
عن موعد انتهاء الحرب
وبينما يتعمَّق بوتين نفسه أكثر فأكثر في ملاحقة أوهامه، من الأهمية بمكان أيضاً أن يكون الشعب الروسي على دراية بما يقوم به باسمه والنحو الذي يدمر به مستقبله. ولكن، من الصعب التأكد مما يقوله الروس أو يفكرون فيه سراً، نظراً لمدى خطورة أي انتقاد علني لـ “العملية العسكرية المحدودة”. ومع ذلك، ينبغي للروس أن يستفسروا متى وكيف ستنتهي هذه الحرب.
لقد كانت آلة الدعاية التابعة للكرملين تعمل طيلة الوقت على إنتاج روايات كاذبة حول النضال الروسي البطوليّ ضد قوى الفاشية والفجور، حيث الأسلحة الغربية ليست سوى دليل آخر على أنّ الحرب في أوكرانيا هي حرب بالوكالة من قِبَل الغرب لتجريد روسيا من تاريخها وعظمتها. فقد اختلق السيد بوتين أساطيرَ مُعقَّدَة مفادها أن أوكرانيا جزء لا يُمحى من عالَم روسيّ أكبر.
وبمعزل عن أي شخص يجرؤ على أن ينطق بالحقيقة أمامه، أمرَ بوتين بغزو أوكرانيا العام الماضي، مقتنعاً بأن الأوكرانيين سيتخلون على الفور عن حكومتهم “الفاشية». باغتت بداية الحرب الروس، لكنّ بوتين بدا مقتنعاً بأن الغرب المنغمس في هوة الانحطاط والانحدار سيئنّ لكنه لن يحرِّك ساكناً. ويبدو أنه وقادته لم يكونوا مستعدين للمقاومة غير العادية التي واجهوها في أوكرانيا، أو للسرعة التي اتحدت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها، الذين روعهم الانتهاك الفظ لنظام ما بعد الحرب، دفاعاً عن أوكرانيا.
وبدعمٍ مؤسف من رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، البطريرك كيريل، صعَّدَ الرئيس ما يصرّ على تسميته “عمليته العسكرية المحدودة” إلى صراع وجودي بين روسيا العظمى المُبارَكَة روحيّاً والغرب الفاسد والمنحل.
يُدرك الروس أنّ أوكرانيا لم يكن يُنظر إليها إلى حدٍ كبير على أنها عدو، ناهيك عن كونها عدواً لدوداً، حتى استولى بوتين على شبه جزيرة القرم وأشعل صراعاً انفصالياً في شرق أوكرانيا عام 2014. وسافر الروس والأوكرانيون بحريّة عبر حدودهم المديدة، وكان لدى كثيرين منهم عائلة أو معارف أو أصدقاء على الجانب الآخر من الحدود. بعد كل الفقر والقمع والعزلة التي عاشها الروس في ظل الحكم السوفيتي، عليهم أن يتذكروا أنه إلى أن بدأ بوتين في محاولة تغيير حدود أوكرانيا بالقوة في 2014، كانوا يتمتعون بما اعتبره أبناء البلدان الصناعية الأخرى فرصةٍ لتلقي رواتب لائقة وشراء السلع الاستهلاكية والتمتع بحريات واسعة إلى حد كبير للسفر إلى الخارج والتعبير عن أرائهم.
ومضت الافتتاحية تقول إن الروس يعرفون أهوال الحرب الشاملة. ويجب أن يعرفوا أنّ بوتين لم يختلق شيئاً يضفي شرعية على تسوية البلدات والمدن بالأرض، أو القتل والاغتصاب والنهب، أو الضربات المتعمدة ضد امدادات الطاقة والمياه في جميع أنحاء أوكرانيا. وإذا لم تكن أوكرانيا عدوةً من قبل، فقد ضمنَ بوتين أنها أمست عدوةً الآن.
تشكيل الهوية الوطنية
إن محاربة الغزاة واحدة من أقوى سبل تشكيل الهوية الوطنية، تقول الصحيفة، وبالنسبة لأوكرانيا أمست روسيا بوصفها عدوةً لها والغرب باعتباره مستقبلها المشرق عنصرين لا انفصام بينهما. وإذا كان الغرب منقسماً بالفعل ويعوزه الحسم بشأن كيفية التعامل مع روسيا أو أوكرانيا من قبل، فإن غزو موسكو قد وحَّدَ صفوف الولايات المتحدة والكثير من الدول الأوروبية.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: “لقد حول بوتين روسيا إلى دولة منبوذة في بقاع كثيرة من العالم، مدعياً أنه يدافع عن عظمة روسيا. وفي الوقت الراهن، يبدو أن بوتين لا يزال يعتقد أنه قادر على تركيع أوكرانيا وتحديد مصيرها، مهما كان الثمن».