تؤكد أن الحركة استغلت هشاشة المؤسسات وتشتت الأحزاب لتصدر المشهد السياسي

مركز تريندز يكشف في دراسة جديدة أسرار فشل تجربة حكم حركة النهضة في تونس

مركز تريندز يكشف في دراسة جديدة أسرار فشل تجربة حكم حركة النهضة في تونس


أصدر "مركز تريندز للبحوث والاستشارات" دراسة جديدة تحت عنوان: "حركة النهضة وتجربة الحكم: الحصيلة والمآلات"، توضح أن تونس مرت طوال عشرة أعوام بأشد المراحل صعوبة في تاريخها المعاصر، وقد تعددت الأسباب الكامنة وراء ذلك، غير أن أهمها يعود إلى المنظومة الحاكمة التي وضعتها حركة النهضة وتحكَّمت في توجهاتها مهما كان موقعها الانتخابي وحجمها.

وتؤكد الدراسة أن حركة النهضة بنت سرديتها للوصول إلى السلطة في تونس على مقومين اثنين: الأيديولوجية الإسلاموية الشمولية بكل ما تتضمنه من شعارات وأدبيات على غرار الإسلام هو الحل والدور الحضاري للإسلام والطهورية الأخلاقوية والمظلومية من ناحية، وصورة الحركة الحزب المنظم والقوي والمنتشر في ربوع البلاد كلها والذي يزخر بالكفاءات في المجالات جميعها من ناحية أخرى.
وتشير إلى أن حركة النهضة استغلت هشاشة مؤسسات الدولة التونسية وأجهزتها عقب سقوط نظام الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي، وحالة التشتت في صفوف الأحزاب والحركات في التيارات الليبرالية واليسارية وغياب منافس قوي لها، خصوصاً بعد حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقاً، وتمكّنت من تصدر المشهد السياسي وسط مناخات إقليمية في عام 2011 بدت ملائمة لصعود الحركات الإسلاموية الإخوانية.

وتبين الدراسة أن تأثير تجربة حركة النهضة في الحكم لم يقتصر على الوضع السياسي الداخلي في تونس، فقد عملت على إقحام تونس على المستوى الخارجي في سياسة المحاور الإقليمية والدولية على خلاف ما دأبت عليه السياسة الخارجية للدولة التونسية، ما أدى إلى تراجع صورة تونس في المحافل الدولية سواء من حيث التدخل في شؤون الدول الأخرى وفق أجندات أيديولوجية إسلاموية أو من حيث تصدير الإرهابيين.

وتوضح أن حركة النهضة إبان ترؤسها السلطة التنفيذية في حكومتي الترويكا وفي إطار سياسة التدافع الإسلاموية قد تركت المجال مفتوحاً دون رادع للجماعات السلفية والسلفية الجهادية (أنصار الشريعة خصوصاً) للنشاط الدعوي ولاستقطاب الشباب التونسي، حيث شهدت البلاد خصوصاً ما بين الأعوام 2011 و2016 عمليات إرهابية عدة زعزعت أمن البلاد واستقرارها وكادت تعصف بكيان الدولة.

وتكشف الدراسة أسرار تغلغل حركة النهضة داخل مؤسسات الدولة التونسية واختراق أجهزتها الأمنية والقضائية، حيث كانت الحركة طوال العشرية الماضية في مأمن من المحاسبة في ملفات تتعلق بما يعرف بقضية الجهاز السري وباتهامات طالتها حول تسفير الشباب إلى بؤر التوتر ودورها في تنامي الإرهاب في تونس وبالخروقات المالية.

وتضيف أن شعارات حركة النهضة المستمدة من أيديولوجيتها الإسلاموية، لم تعد لها مصداقية وجاذبية لدى فئات واسعة من المجتمع التونسي في ضوء الفشل الذريع في تلبية مطالبها وتحقيق طموحاتها الاقتصادية والاجتماعية، وباتت هناك قطيعة بين الحركة الإسلاموية وهذه الفئات الاجتماعية الشبابية خصوصاً، وقد تجلَّى ذلك في تظاهرات 25 يوليو 2021، بل إن هذه القطيعة بدأت تظهر بين الحركة وجمهورها ومناصريها.

وخلصت الدراسة إلى أن التصدُّع بدأ يظهر في صفوف حركة النهضة بتونس سواء من خلال استقالة أعضاء بارزين، أو من خلال الانتقادات الحادة التي وُجِّهت لراشد الغنوشي سواء لطريقته في تسيير الحركة، أو للاختيارات السياسية، أو من خلال الصراع على خلافة الغنوشي في رئاسة الحركة بالمؤتمر القادم المؤجل انعقاده؛ وقد أدى هذا الصراع في نهاية المطاف إلى إعلان 113 عضواً استقالتهم من الحركة.