مسؤولة في المفوضية الأوروبية: لا يمكن لأي دولة مواجهة تحديات التكنولوجيا منفردة

مسؤولة في المفوضية الأوروبية: لا يمكن لأي دولة مواجهة تحديات التكنولوجيا منفردة


أكدت ريناتي نيكولاي، نائبة المدير العام لشبكات الاتصالات والمحتوى والتكنولوجيا في المفوضية الأوروبية، أن التحديات المرتبطة بالتحول الرقمي العالمي تفرض اليوم ضرورة مُلحّة لإعادة التفكير في أطر التعاون الدولي ومضامين الحوكمة الرقمية، مشيرة إلى أن اللقاءات متعددة الأطراف، على غرار الاجتماع الوزاري المنعقد في مقر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس، تشكل فضاءات بالغة الأهمية لتبادل الخبرات، وفهم الفروقات بين النماذج الوطنية، وبناء أرضيات تفاهم مشتركة في ظل بيئة تكنولوجية متغيرة باستمرار.
وقالت نيكولاي في تصريح لوكالة أنباء الإمارات “ وام”، إن هذا الاجتماع لا يُعقد بغرض اتخاذ قرارات مُلزمة أو تبني مواقف نهائية، بل هو مساحة للحوار الحر وتبادل وجهات النظر بين الدول بشأن المسائل التقنية والتنظيمية التي تطرحها الثورة الرقمية التي نعيشها.
وأكدت أهمية الاجتماع خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة من التحول الرقمي العالمي، حيث تتقاطع الفرص الكبرى مع مخاطر حقيقية تؤثر على المجتمعات والأسواق والديمقراطيات.
وأوضحت المسؤولة الأوروبية أن الطفرة التكنولوجية الأخيرة وعلى رأسها التقدم السريع في مجالات الذكاء الاصطناعي، ومعالجة البيانات الضخمة، وتوسّع الاقتصاد الرقمي، أدّت إلى بروز قضايا تنظيمية وأخلاقية جديدة تتطلب تنسيقاً دولياً عاجلاً.
وأكدت أنه لا يمكن لأي دولة، مهما بلغت قوتها أو تطورها الرقمي، أن تواجه هذه التحديات وحدها، ومن الضروري وضع قواعد عمل مشتركة في ما يتعلق باستخدامات الذكاء الاصطناعي، وحماية البيانات، وشفافية المنصات الرقمية، وكذلك تعزيز الحماية من الأخبار الكاذبة والمعلومات المضلّلة التي تهدد استقرار المجتمعات وثقة الجمهور.
وشددت على أن الحوار الدولي المتعدد الأطراف هو أساس بناء نموذج رقمي عالمي أكثر توازناً وعدلاً، يراعي مصالح الدول النامية كما المتقدمة، ويضمن توزيعاً منصفاً لعوائد الرقمنة، مضيفة أن الفجوة الرقمية بين الشمال والجنوب لا تزال واسعة، وهناك حاجة ماسة إلى شراكات مستدامة تُمكّن البلدان النامية من بناء البنية التحتية الرقمية، وتطوير المهارات البشرية، والانخراط في سلاسل القيمة العالمية في قطاع التكنولوجيا.
وحذرت نيكولاي من الانقسامات المتنامية في مشهد الحوكمة الرقمية العالمي، في ظل وجود نماذج متباينة بين القوى الكبرى.
وقالت نشهد اليوم تصاعدًا في مقاربات مختلفة لتنظيم الفضاء الرقمي، بين نموذج أوروبي يركز على الحقوق والخصوصية، ونماذج أخرى أكثر تحرراً أو أكثر رقابة، لافتة إلى أن هذا التباين قد يؤدي إلى تجزئة الإنترنت العالمي، ما يتعارض مع مبادئ الانفتاح والتعاون التي تأسست عليها الشبكة. وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى تقديم بديل تكنولوجي قائم على الثقة والشفافية، من خلال حزمة قوانين رائدة مثل “قانون الخدمات الرقمية” و”قانون الذكاء الاصطناعي”، مؤكدة أن هذه التشريعات تهدف إلى حماية المستخدمين، وتشجيع الابتكار المسؤول، وفرض التزامات واضحة على الشركات التكنولوجية الكبرى. وعبّرت نيكولاي عن ارتياحها للأجواء الإيجابية التي شهدتها نقاشات الاجتماع الوزاري، معتبرة أن التقدم الرقمي لا يمكن أن يكون فاعلاً ولا عادلاً ما لم يُبنَ على أسس من الحوار، والاحترام المتبادل، وتبادل المعرفة والخبرات، موضحة أن مستقبل الاقتصاد العالمي، والتنمية البشرية، وحتى الديمقراطية، أصبح اليوم مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بكيفية إدارة التحول الرقمي، وبالخيارات الجماعية التي سنتخذها لضبطه وتوجيهه في الاتجاه الصحيح.