إسرائيل تفتح المعابر بعد التهدئة مع الجهاد الإسلامي

مصر تضع «لبنة أولى» لهدنة طويلة الأمد في غزة

مصر تضع «لبنة أولى» لهدنة طويلة الأمد في غزة


وضعت مصر “لبنة أولى” لما يراه خبراء ومراقبون بأنه “تمهيد لهدنة طويلة الأمد في قطاع غزة».
وتهدف هذه الهدنة إلى وقف التصعيد المتبادل في القطاع ومنع تجدد الاشتباكات بين الفصائل الفلسطينية، والجيش الإسرائيلي، بعد صراع مسلح ودامي استمر لقرابة 3 أيام بين كتائب “سرايا القدس”، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، والجيش الإسرائيلي، وذلك مع دخول اتفاق وقف التصعيد وإطلاق النيران، بوساطة مصرية، حيز النفاذ اعتباراً من الساعة 11 ونصف مساء بتوقيت فلسطين.
ودعت مصر في بيان رسمي لوقف إطلاق النار بشكل شامل ومتبادل اعتباراً من الساعة 11 ونصف من مساء الأحد بتوقيت فلسطين، لإنهاء حالة التوتر والتصعيد الحالية في غزة.

وذكر بيان أذاعته وسائل إعلام مصرية الأحد، أن مصر تبذل جهوداً للإفراج عن الأسير خليل العواودة، ونقله للعلاج وكذا العمل على الإفراج عن الأسير بسام السعدي في أقرب وقت ممكن.
ولفت البيان إلى وجود اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف للتوصل لوقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة.
ويصف اللواء محمد الغباري، مدير مركز التعاون للدراسات الاستراتيجية، الخبير المصري في الشؤون الأمنية الإسرائيلية، بأن جهود الوساطة المصرية بمثابة “عرض سلام”، يضع كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أمام مسؤولياته، متوقعاً أن تسفر التحركات والتفاهمات بين الجانبين التي تمت برعاية مصرية عن “لبنة أولى لهدنة طويلة الأمد في قطاع غزة».

ويذكر مدير مركز التعاون للدراسات الاستراتيجية وبحوث الأمن القومي، في حديث خاص لـ”سكاي نيوز عربية”، أن مصر تسعى لوقف أي أزمات أو اقتتال في المنطقة بصفة عامة، وعلى حدودها الشرقية بصفة خاصة، وتسعى للسلام، لاعتبارات متعلقة بالأمن القومي العربي، واعتبارات أمنية مصرية.

 ويوضح الغباري، أن الجانب الإسرائيلي بصدد الموافقة على وساطة مصرية لتنفيذ مطالب فلسطينية بالإفراج عن أسرى فلسطينيين، وتقديم ما يمكن وصفه بـ”إجراءات بناء الثقة” بين الجانبين، موضحاً أن التزام الجانبين بإجراء مباحثات، غير مباشرة عبر وساطة مصرية، مؤشر لعدم رغبتهما في التصعيد، وتقديرهما للدور المصري الرامي لدعم الأمن والاستقرار للجانبين.
ويشير مدير مركز التعاون للدراسات الاستراتيجية وبحوث الأمن القومي، إلى أن الأزمة الراهنة في طريقها للتسوية بـ”حل وسط”، وكلا الجانبين يبدو أمام مؤيديه بأنه “لم يتم لي ذراعه”، بل حقق أهدافه كاملة، سواء الجانب الإسرائيلي الذي قتل قائدا عسكريا مهما لدى حركة الجهاد، ودمر بنية تحتية عسكرية لها، أو “سرايا القدس”، التي قصفت الجانب الإسرائيلي برشقات من الصواريخ المصنعة بتكنولوجيا متطورة، أسفرت عن خسائر لدى الجانب الإسرائيلي.

واستمرت المواجهات المسلحة بين كتائب تنظيم “سرايا القدس”، الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، وبين الجيش الإسرائيلي منذ قرابة 3 أيام، ما أسفر عن مقتل 43 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 310 آخرين، وذلك قبل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النيران بوساطة مصرية، اعتباراً من الساعة 11 مساء اليوم بتوقيت فلسطين.
ويرى اللواء عادل العمدة، الخبير المصري في شؤون الأمن القومي، أن التحركات المصرية، تهدف لعودة الهدوء في غزة، وحقن دماء الأشقاء الفلسطينيين، كون مصر حصن أمان دائم للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية بصفة عامة.
ويضيف العمدة، في حديث لسكاي نيوز عربية، أن مصر وسيط مقبول من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، متوقعا أن تسفر الاتصالات الجارية عن عودة الهدوء لقطاع غزة بالفعل، خاصةً أنه لا مبرر للتصعيد حالياً، إضافة إلى أن كلا الجانبين حقق أهدافه في الأيام الثلاث للاشتباكات، ومن المصلحة الفلسطينية التوصل لاتفاق يوقف الخسائر في البنية التحتية والاقتصادية بشكل مباشر على وجه الخصوص.
ويشير الخبير المصري في شؤون الأمن القومي، إلى أنه عقب التزام الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بالدعوة المصرية لوقف إطلاق النار؛ فإنه سيتم مواصلة “إجراءات بناء الثقة”، لمنع تجدد الاشتباكات المسلحة بين الجانبين، والوساطة حول أهدافهما للتوصل لـ”هدنة طويلة المدى بقدر الإمكان” بين الجانبين.

ويشدد العمدة على أن فلسطين تمثل أمن قومي مباشر لمصر واستقرار الأوضاع الأمنية بها يدعم استقرار الدولة المصرية، وتسعى الدولة المصرية للتوصل لأكبر قدر ممكن من الهدوء والاستقرار في غزة، وإفراد مساحة أكبر لجهود إعادة إعمار القطاع.
وكانت مصر قد بدأت في وقت سابق تنفيذ مبادرة لإعادة إعمار قطاع غزة بتكلفة 500 مليون دولار، بتوجيهات مباشرة من القيادة المصرية.
وذكر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في تصريحات له تعليقا على الصراع في غزة، أن الدولة المصرية تسعى للقيام بدور إيجابي عبر اتصالات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لتجنب حدوث أزمات، وأحداث عنف واقتتال، وعدم خروج الأمور عن السيطرة، وعودة الهدوء إلى غزة.

ودخلت شاحنات وقود قطاع غزة الاثنين مع صمود الهدنة .
وشاهد صحافي في وكالة فرانس برس عند معبر كرم أبو سالم للبضائع في جنوب غزة، شاحنات محملة بالوقود تدخل غزة، لتنهي بذلك نقصًا حادًا أدى إلى إغلاق محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع السبت.
أتى وصول الإمدادات الحيوية في أعقاب تنفيذ وقف إطلاق النار الأحد أعتبارا الساعة 20,30 بتوقيت غرينيتش، منهيا أسوأ قتال في غزة منذ الحرب التي استمرت 11 يومًا العام الماضي وألحقت دمارا هائلا في في القطاع.
وأفادت وزارة الصحّة في غزّة عن مقتل 44 فلسطينيا بينهم 15 طفلا، وإصابة أكثر من 360 جريحًا في القطاع، بعد جولة عنف استمرّت ثلاثة أيّام قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ.
على الرغم من وقوع سلسلة من الضربات والهجمات الصاروخية في الفترة التي سبقت دخول الهدنة حيز التنفيذ، لم يُبلّغ أيّ طرف عن أيّ خرق جدي لها حتى الان.
واعلن منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الاراضي الفلسطينية اللواء غسان عليان، عن “ فتح المعابر بين اسرائيل وقطاع غزة بشكل انساني ابتداء من الساعة التاسعة صباحا” من يوم الاثنين (السادسة ت غ).
وقال في بيان مقتضب أنه “سيتم فتح المعابر والعودة إلى الروتين الكامل».
من جهته قال الجيش في تغريدة “سيستمر رفع القيود تدريجاً بالتزامن مع تقييم الوضع».
وقال مدير معبر كرم أبو سالم بسام غبن “من المتوقع أن يقوم الاحتلال بإدخال 30 شاحنة محملة بالوقود لشركة توليد الكهرباء بغزة خلال اليوم».
ومن المتوقع أن تعاود شركة الكهرباء عملها مساء الاثنين وفقا للشركة.
واستؤنفت الدراسة في جامعات غزة الاثنين. وقُبيل سريان الهدنة التي تمّ التوصّل إليها بوساطة مصريّة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه شنّ ضربات على مواقع للجهاد الإسلامي في غزّة “ردًا على صواريخ أطلِقت” على جنوب إسرائيل حيث دوّت صفّارات الإنذار.
وأكّد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد أنّ الهدنة دخلت حيّز التنفيذ وقال إنّ إسرائيل “تشكر لمصر الجهود التي بذلتها”، مشدّدًا على أنّه “في حال خُرق وقف إطلاق النار، تحتفظ دولة إسرائيل بحقّها في الرّدّ بقوّة».
كذلك، أكدت حركة الجهاد الإسلامي بدء سريان الهدنة، لكنّها شددت على حقّها في “الردّ على أيّ عدوان صهيوني».
ورحّب الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد بهذه الهدنة، حاضًّا جميع الأطراف على تنفيذها بالكامل.
وقال بايدن في بيان إنّ واشنطن عملت مع مسؤولين في الدولة العبريّة والسلطة الفلسطينيّة ودول مختلفة في المنطقة “للتشجيع على حَلّ سريع للنزاع” خلال الأيّام الثلاثة الماضية.
وشكر بايدن نظيره المصريّ عبد الفتاح السيسي على دور بلاده في التفاوض الذي أفضى إلى وقف إطلاق النار.
واعتبر بايدن أنّ “التقارير عن سقوط ضحايا مدنيّين في غزّة هي مأساة”، داعيًا إلى إجراء تحقيقات بشأنهم.
وفي بيان ، قال مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند، إن “الوضع لا يزال هشا للغاية، وأنا أحث جميع الأطراف على احترام وقف إطلاق النار».
يلحظ اتّفاق الهدنة “التزام مصر العمل على الإفراج عن الأسيرَين (باسم) السعدي و(خليل) عواودة”، وفق ما أكّدت حركة الجهاد الإسلامي.
بدء الجيش الإسرائيلي منذ الجمعة قصف القطاع المحاصر في “ضربة استباقيّة” بضربات جوّية وبالمدفعيّة الثقيلة استهدفت حركة الجهاد الإسلامي .
كذلك، قتل الجيش الإسرائيلي قياديّين من الحركة بينهم تيسير الجعبري في مدينة غزّة وخالد منصور في رفح جنوبيّ القطاع. التي اتّهمها بالتخطيط لهجوم وشيك. وردت الحركة باطلاق صواريخها اتجاه اسرائيل.
منذ الجمعة وحتّى الأحد، أطلِقت من القطاع مئات الصواريخ جرى اعتراض غالبيّتها. وأوقعت ثلاثة جرحى في إسرائيل. بحسب الجيش الإسرائيلي،

ودوّت صفّارات الإنذار في مدن عدّة، بينها تلّ أبيب وعسقلان، للتحذير من صواريخ، فهرع السكّان إلى الملاجئ.
وقال مسؤول دبلوماسي اسرائيلي رفيع المستوى في إحاطة صحافية الاثنين إن “معظم المدنيين الذين قتلوا في غزة قتلوا بصواريخ الجهاد الاسلامي” لأنها لم تصب هدفها أو عانت خللا عند الإطلاق.
وكان الجيش الإسرائيلي قال في وقت سابق بأنّ لديه أدلّةً “دامغة” على أنّ صاروخًا أطلقته حركة الجهاد الإسلامي تسبّب بمقتل عدد من الأطفال في جباليا في شمال غزّة السبت.
والسبت، توقّفت محطة الطاقة الوحيدة في قطاع غزّة عن العمل، إثر نفاد الوقود، بعد أربعة أيّام على إغلاق إسرائيل معبرًا مع الجَيب الفلسطيني.

برّرت السلطات الإسرائيليّة ضربتها بالتخوّف من ردّ انتقامي للحركة على اعتقال القياديّ البارز في حركة الجهاد الإسلامي باسم السعدي في الضفّة الغربيّة المحتلّة في الأوّل من آب/أغسطس، فيما عواودة معتقل منذ كانون الأوّل/ديسمبر 2021.
في اليومين الأخيرين، اعتقلت القوّات الإسرائيليّة 40 عنصرًا في الحركة في الضفّة الغربيّة.
وهذه المواجهة هي الأعنف منذ حرب أيّار/مايو 2021 التي استمرّت 11 يومًا ودمّرت القطاع الساحلي الفقير، وأوقعت 260 قتيلًا في الجانب الفلسطيني بينهم مقاتلون، و14 قتيلًا في الجانب الإسرائيلي بينهم جندي، وفق السلطات المحلّية.