مـــا ســـــر الحشـــد العسكـــري غــــير المسبـــوق قـــرب بيونغ يــــانغ؟
تشير صور أقمار صناعية جديدة إلى أن كوريا الشمالية قد تكون في طور الإعداد لعرض عسكري ضخم، بعدما رصدت مئات شاحنات نقل القوات داخل ساحة تدريب قرب بيونغ يانغ، في خطوة تعيد إشعال التساؤلات حول نوايا بيونغ يانغ وتوقيت كشفها عن معدات عسكرية جديدة.وتأتي هذه التحركات تزامنًا مع اقتراب مؤتمر الحزب الحاكم، في سياق تصاعد توتر شبه الجزيرة الكورية.كشفت صور وكالة الفضاء الأوروبية، التي اطلعت عليها مجلة “نيوزويك”، عن عودة مئات الشاحنات العسكرية إلى قاعدة ميريم للتدريب منذ 5 نوفمبر.
هذه القاعدة ليست مجرد موقع تدريبي عابر؛ فهي نسخة مطابقة لساحة كيم إيل سونغ الشهيرة في قلب العاصمة، الموقع الذي تختار فيه بيونغ يانغ عادةً الكشف عن أسلحتها الأكثر تطورًا، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.ويرجّح محللون في موقع «NK News» أن هذه العودة المبكرة قد تشير إلى استعدادات لعرض عسكري يلي مؤتمر الحزب المرتقب، إذ لطالما استخدمت القيادة الكورية هذه المؤتمرات لإعادة صياغة أولوياتها الاقتصادية والعسكرية، والكشف عن رسائل رمزية تجاه الداخل والخارج.تتداخل هذه التحركات مع تاريخ قريب من الاستعراضات العسكرية الكبرى في كوريا الشمالية؛ فشاحنات نقل القوات شوهدت في مناسبات سابقة قبل عروض مرتبطة بمؤتمرات الحزب، لكنها هذا العام ظهرت مبكرًا بشكل لافت منذ يونيو.ووفق تحليلات خبراء في العاصمة سيؤول، فإن هذا الحضور المبكر قد يعني أن نظام كيم يخطط لعرض موسّع، أو لتحضير مشهد احتفالي كبير يعكس “تفوقه العسكري والتقني”، كما أكد كيم جونغ أون في خطابه الأخير حين شدّد على ضرورة تطوير الجيش إلى “كيان لا يُقهر».مع ذلك، تبقى احتمالات أخرى قائمة؛ فقد أشارت وكالة الأنباء الكورية الشمالية إلى أنّ وجود المركبات قد يكون مرتبطًا بمهام لوجستية أو عمليات تدريب غير مرتبطة بالاستعراضات.
توقّعت راشيل مينيونغ لي، الباحثة في مركز ستيمسون، أن تسبق المؤتمر التاسع للحزب حملة تعبئة داخلية شبيهة بـ”حملات الـ70 والـ80 يومًا” التي أطلقتها بيونغ يانغ قبل مؤتمرات سابقة بهدف رفع الإنتاجية وتأمين زخم سياسي قبل الحدث.إلى جانب الداخل، لا يغيب البعد الخارجي عن الصورة. فالتجارب الصاروخية والبرنامج النووي لا يزالان مصدر توتر دائم مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان. ويعتبر كيم هذه البرامج “ضرورة للردع” في مواجهة ما يسميه “الاستفزازات”، في إشارة إلى المناورات المشتركة للقوات الأمريكية والكورية الجنوبية.وفي ظل استمرار هذه المعادلة الأمنية المتوترة، يترقب المجتمع الدولي بدقة أي نشاط عسكري غير اعتيادي في كوريا الشمالية باعتباره مؤشرًا على رسائل سياسية جديدة تُعدّ في الغرف المغلقة.
لم تُعلن بيونغ يانغ بعد عن موعد المؤتمر التاسع للحزب، لكن التوقعات تشير إلى انعقاده مطلع العام المقبل.
وحتى ذلك الحين، ستظل الأنظار معلّقة بصور الأقمار الصناعية، التي باتت نافذتنا الرئيسية لفهم ما يجري خلف الستار في واحدة من أكثر الدول انغلاقًا في العالم.