من المخابئ إلى التجنيد.. كيف تستعد أوروبا لأسوأ سيناريو مع روسيا؟

من المخابئ إلى التجنيد.. كيف تستعد أوروبا لأسوأ سيناريو مع روسيا؟


تتخذ أوروبا خطوات ملموسة للاستعداد لاحتمال نشوب حرب مع روسيا، وسط تصاعد التصريحات العدائية والتهديدات الإستراتيجية.  لم تعد القارة تتحدث عن الحرب على المستوى النظري فحسب، بل بدأت بتطبيق تدابير عملية تشمل إعادة بناء المخابئ، وزيادة الميزانيات الدفاعية، وإعادة فرض الخدمة العسكرية، وتحريك آلاف القوات على أهبة الاستعداد، بحسب صحيفة «يوراسيان تايمز».
وأعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تأكيد استعداد بلاده، قائلاً: «لن نخوض حرباً مع أوروبا، لكن إذا أرادت أوروبا فجأة أن تحاربنا وبدأت، فنحن مستعدون الآن».  بالمقابل، أشار الأمين العام للناتو مارك روته إلى أن روسيا تصعّد حملتها السرية ضد المجتمعات الأوروبية، محذرًا من ضرورة التحضير لحرب تشابه في حجمها الحربين العالميتين السابقتين. في هذا السياق، كشف وزير القوات المسلحة البريطانية آل كارنز عن تعزيز المملكة المتحدة لقدراتها الدفاعية، بما في ذلك دمج فروع الاستخبارات العسكرية في كيان واحد، وإنشاء وحدة جديدة لمكافحة التجسس، بالإضافة إلى تحضير خطة شاملة للانتقال من السلام إلى الحرب تشمل كل قطاع من المجتمع المدني.
اتخذت بضع دول أوروبية خطوات لتعزيز قدرة المجندين على الدفاع عن أوطانهم؛ حيث أعادت فرنسا الخدمة الوطنية الإلزامية للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و19 عامًا، بعد إلغائها منذ 1996، بينما أدخلت ألمانيا خدمة عسكرية تطوعية تبدأ من يناير 2026 مع احتمال التحول إلى الإلزامية في حال عدم توفر عدد كافٍ من المتطوعين. كما قامت بلجيكا وهولندا بإطلاق برامج تطوعية، في حين وسعت بولندا جيشها إلى 500 ألف جندي وأخضعت كل الذكور البالغين لتدريب قتالي. 
تعكس هذه التحركات إدراك الدول الأوروبية لضرورة بناء قوة بشرية واسعة وقادرة على الاستجابة السريعة لأي تهديد عسكري، خصوصًا في الجناح الشرقي للناتو.
تعزز الدول الأوروبية إنفاقها الدفاعي لتصل أو تتجاوز هدف الناتو البالغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث خصصت ألمانيا صندوقًا بقيمة 100 مليار يورو لإعادة التسلح، وتخطط بولندا ودول البلطيق لتخصيص 4-5% من الناتج المحلي للدفاع بحلول 2029. 
أطلق الاتحاد الأوروبي خطة «إعادة تسليح أوروبا - الاستعداد 2030»، والتي تشمل تمويلًا مشتركًا يصل إلى 939 مليار دولار، لدعم تحديث القوات وإنتاج الأسلحة والمعدات المشتركة، مثل: الطائرات دون طيار، والصواريخ.
تعمل الدول أيضًا على تعزيز الاستعداد اللوجستي والبنية التحتية العسكرية. تتضمن ألمانيا خطة عمليات سرية «OPLAN DEU» لنقل ما يصل إلى 800 ألف جندي ألماني وأمريكي وأعضاء آخرين من الناتو شرق أوروبا عند الحاجة، بينما تعيد النرويج والمجر وبولندا وليتوانيا تجهيز المخابئ العسكرية والذخائر والألغام الأرضية. 
وتعكس هذه الإجراءات إدراك القادة الأوروبيين لإمكانية تصعيد النزاع مع روسيا خلال السنوات المقبلة، خصوصًا إذا فشل تحقيق اتفاق سلام مستدام في أوكرانيا.
في المجمل، تشير هذه التحركات إلى تحول واضح في السياسة الدفاعية الأوروبية؛ من التركيز على الأمن التقليدي والتجهيزات الروتينية، إلى استعداد شامل يشمل القوات والمجتمع المدني والبنية التحتية والاقتصاد، في مواجهة احتمال نشوب صراع واسع النطاق مع روسيا.