من سوريا إلى العراق، ووصولاً إلى ليبيا، لا تتوقف الآلة العسكرية التركية عن تجريف أسس الدول العربية، ونهب خيراتها، من النفط إلى الماء، ومن الحبوب، إلى التاريخ والآثار.ووفقاً لصحف عربية صادرة أمس الثلاثاء، فإن أنقرة تعيش اليوم عزلة خانقة، إقليمية ودولية بسبب سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان، وأطماعه.

نفط سرت
في موقع “أحوال” التركي قال هالوك أوزدالغا إن ملفات ليبيا، وسوريا، وشرق البحر المتوسط تشكل اليوم عقدة إستراتيجية لتركيا، لا يمكنها تجاوزها، إلا إذا تخلت أنقرة عن سياستها الخارجية القائمة على الإخوان المسلمين، والتي تسبب لها في إلحاق الضرر بالمصالح التركية نفسها، وإلى عزلتها في أوروبا والشرق الأوسط.

واعتبر الكاتب أن المبرر الرئيسي للتدخل التركي في ليبيا، ليس سياسياً فقط، كما تصر على ذلك أنقرة، مضيفاً “بعد فترة وجيزة، أعلن كبار المسؤولين في أنقرة أن الأهداف التالية تضمنت ثلاثة مراكز ذات أهمية استراتيجية، مدينة سرت على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وقاعدة الجفرة الجوية الواقعة على بعد حوالي 300 كيلومتر إلى الجنوب، والمنشآت النفطية الرئيسية في البلاد، شرق هذه النقاط”، ما يكشف حقيقة وأهداف هذه الحملة.
ويُضيف “إلى الشرق من سرت، على طول الساحل الذي يبلغ طوله 250 كيلومترًا، توجد العديد من المرافق بما في ذلك أكبر مصافي النفط في ليبيا، وخزانات نفط، ومنشآت ميناء. وإلى الجنوب من هذا الساحل، في منطقة يبلغ عمقها حوالي 200 كيلومتراً وعرضها 500 كيلومتراً، توجد آبار النفط ومحطات إنتاج الغاز الطبيعي مع خطوط نفط وغاز متعددة. تحدث غالبية إنتاج ليبيا من الهيدروكربونات في هذه المنطقة».

مياه سوريا
من نفط ليبيا، إلى مياه سوريا، التي تعتبر محور الحرب التركية على جارتها الجنوبية، ولفتت “العرب” اللندنية إلى أن تركيا تواصل تشييد وإدارة السدود على نهر الفرات بشكل جائر كما فعلت مع نهر دجلة، ما تسبب في تراجع حصة السوريين من النهر إلى أقل من 25% من النسبة المتفق عليها دولياً، وهو أمر يحدث للمرة الأولى منذ توقيع الاتفاقيتين الدوليتين في 1996، و1997 بين تركيا، وسوريا، والعراق.

واعتبرت الصحيفة، أن ورقة المياه والأنهار، التي تلعبها تركيا في سوريا، ونهب موارد الشمال السوري، خطوة جديدة، تركية جديدة لهدم “البنية السكانية عرقياً وطائفياً” في سوريا،  أكدتها “المجازر والتجاوزات التي ارتكبتها وترتكبها بعض الفصائل العسكرية السورية التي تخضع للهيمنة التركية، سواءً في إدلب أو عفرين، والتي كان من أبرز منفذيها كتيبة السلطان مراد المتهمة بخطف الأطفال والنساء. هذه الكتيبة المشكلة بالكامل من التركمان والتي لم تسلم منها حتى منشآت الطاقة والمرافق الإنشائية في المناطق التي تسيطر عليها». وتُضيف الصحيفة، أن حرب المياه السورية، مؤشر على أن “الاستثمار التركي في حياة ومستقبل السوريين واضح عبر تجنيد عناصر من الفصائل السورية وإرسالها للقتال في ليبيا، ما شوّه صورة السوريين ووجه إليهم سهام الاتهام بالعمل مرتزقة في حروب الآخرين، وترك بلادهم في حرب».

كابوس يتمدد
في صحيفة “أخبار الخليج” قالت فوزية رشيد: إن النوايا التركية في العالم العربي، باتت واضحة صريحة، بعد “تدخلها المباشر في الجغرافيا العربية! وكأنها الوجه الآخر للعملة الإيرانية التي بدورها تحدوها أطماع معروفة في الجغرافيا العربية ذاتها!».
وأضافت “ورغم التناقضات بين حلم الملالي وحلم أردوغان، إلا أن التحالف بينهما حالياً هو سيد الموقف بين البلدين! تمدد من هذا، وتوسع من ذاك، ولكأن الكابوس الصهيوني بيد غربية مرة أو تركية مرة أخرى أو إيرانية مرة ثالثة، أو قطرية مرة رابعة، هو الكابوس الذي سيبقى جاثماً على صدر العرب، إلى أن يقرر الجسد العربي النهوض بروح جديدة!»

من قورش إلى أردوغان
وفي صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية قال سمير عطا الله، “ليس لهذه الأمة شيء من الحظ. تحاصرها العقد التاريخية من كل مكان، وتهاجمها صور طالبي الثأر من كل مكان، شمشون وقورش، وسليمان شاه، مرة واحدة وجدنا أنفسنا وسط لغات لا نفهمها، عبرية، وفارسية وإسطنبولية. إسرائيل لا تزال في حاجة إلى ممر من أراضي العرب، وإيران في حاجة إلى بحر من بحارهم، وتركيا في حاجة إلى ثلث سوريا، ونصف ليبيا، وحكم مصر وغاز قطر».
واعتبر الكاتب، أن أردوغان “ماضٍ في تصحيح التواريخ. ولهذه الغاية النبيلة أعاد إحياء التقليد التركي في تجنيد الانكشارية أو المرتزقة، وينسى أن الانكشارية انتهوا مع نهاية الإمبراطورية وهم يتسولون على أبواب الناس،    متسائلاً كيف: “يمكن النظر إلى المستقبل العربي وسط هذه النظرة المريضة إلى حياة الشعوب والأمم؟ وكيف يمكن الدخول في حوار مع رجل ينظر إلى الحالة الإنسانية برمتها من منظور عمره ألف سنة؟».