سعيّد في اجتماع مجلس الأمن القومي:

من يُريد الاقتتال الداخلي... هناك قوات ومؤسسات ستصدّه

من يُريد الاقتتال الداخلي... هناك قوات ومؤسسات ستصدّه

-- التيار الشعبي: خطوة للتمرّد على  الدولة وفتح باب التنازع على الشرعية
-- الدستوري الحر يرفع قضية استعجالية لإيقــاف عقــد الجلســــتين المبرمجتــين
-- اتحاد الشغل الدعوة  إلى شرعية أخرى خطر
-- حركة الشعب تتّهم الغنوشي، باللجوء إلى أساليب خطيرة، من خلال محاولة خلق شرعيتين في تونس


يرجح ان تفتح محاولة إعادة الحياة للبرلمان باب مزيد التصعيد ومواجهة سياسية لا يمكن التكهن بنتائجها على البلاد. وقد أكّد الرئيس التونسي قيس سعيّد، خلال إشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي مساء الإثنين بقصر قرطاج، على “وحدة الدولة وعلى أنّ المساس بوحدتها هو مسّ بأمنها وبأمن الشعب التونسي». وتناول هذا الاجتماع الوضع العام في البلاد، كما تمّ التركيز خاصّة على ضرورة احترام القانون من قبل الجميع.

 اجتماع غير قانوني
واكّد قيس سعيّد، أنّ “هناك دولة وقوانين ولا مجال للتطاول عليهما”، وذلك في تعليق له على تنظيم اجتماع افتراضي لمكتب مجلس النواب المجمّدة مهامه.
 وشدّد سعيّد على أنّ “تونس لها سيادة الدولة في الخارج وسيادة في الشعب في الداخل، ومن يريد أن يعبث بها أو أن يصل إلى الاقتتال الداخلي فهناك قوات ومؤسسات ستصدّه عن مآربه”، وفق قوله.
 من ناحية أخرى، شدد سعيد، وفق شريط فيديو نشرته الرئاسة على موقعها، على أن الاجتماع الافتراضي الذي عقده مكتب البرلمان، المجمد اعماله، هو “اجتماع غير قانوني”، نظرا لأن “مكتب المجلس مجمدة أعماله مثل البرلمان، كما أنه لم يتم تجديد تركيبته».
 ولاحظ سعيد أن النظام الداخلي للمجلس النيابي “ليس من قوانين الدولة”، التي قال إنها ليست “باللعبة أو الدمية التي تحركها الخيوط من داخل البلاد وخارجها».

 وتساءل عن سبب “خوف البعض من الذهاب الى صناديق الاقتراع المقبلة... ويلجؤون في المقابل إلى محاولات بائسة”، حسب وصفه.
 وشدد، في هذا الإطار، على أن “من يريدون العبث بالدولة وبمؤسساتها، والوصول الى الاقتتال الداخلي... سيتم صدهم عن مآربهم السخيفة من قبل مؤسسات وقوات”، وفق تعبيره.

 وجدد قيس سعيد الحديث عن الأجواء التي كانت سائدة داخل البرلمان قبيل إعلان إجراءات يوليو الماضي ومطالبات بعض اعضائه بحله، وقال “تم اللجوء إلى تجميد المجلس احتراما للدستور ولم يتم اللجوء الى حله لأن الدستور لا يتيح ذلك».
 وتحدث الرئيس التونسي عن المواعيد المنتظرة من استفتاء وانتخابات تشريعية، وقال إن نتائج الاستشارة الوطنية التي نظمت من 15 يناير إلى 20 مارس الجاري، “استشارة لا لبس في نتائجها”، ونتائجها “ستكون قاعدة لحوار وطني حقيقي، وهو لن يتم في ظل الحوارات الانقلابية”، وفق عبارته.

المشاركون والمعارضون
 ومن المنتظر أن يعقد، اليوم الأربعاء، البرلمان المعلقة اختصاصاته جلسة عامة عن بعد لإلغاء الإجراءات الاستثنائية وذلك إثر دعوة وجّهها رئيس المجلس النيابي راشد الغنوشي إلى النواب.
 وعلى الرغم من أن المجلس مجمّد منذ 25 يوليو، بمقتضى امر رئاسي ، إلا أن مكتب المجلس النيابي عقد الاثنين 28 مارس الجاري جلسة عن بعد وقرّر عقد جلسة عامة يوم 30 مارس وأخرى يوم السبت 2 ابريل للنظر في الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس.
 وعلى إثر هذه الدعوة، اختلفت الآراء وتباينت بين مختلف الأطياف السياسية، فمنها من أعرب عن رغبته في المشاركة ومنها من انتقد الجلسة وعبّر عن رفضه لانعقادها.

 ورغم الاختلافات السياسية، دعا مجموعة من النواب في البرلمان المعلقة أشغاله، في بيان لهم، جميع النواب إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية للإسهام في إيجاد مخرج للأزمة الحادة التي تمر بها البلاد بعقد جلسة عامة تشاورية لنقاش الحلول الدستورية الممكنة لوضع حد للإجراءات الاستثنائية المعلنة منذ 25 يوليو 2021.
 وقد أفاد النائب عن التيار الديمقراطي نعمان العش بأن أغلب النواب أعربوا عن رغبتهم في المشاركة في الجلسة البرلمانية القادمة باستثناء كتلتي الدستوري الحر وحركة الشعب، مرجّحا إمكانية أن تعقد الجلسة برئاسة المساعد الثاني لرئيس البرلمان المجمدة أشغاله طارق الفتيتي.
 وينتظر مشاركة نواب حركة النهضة وكل الكتل التي تدور في فلكها او المعارضة للإجراءات الاستثنائية.

رفع قضية استعجالية
 في المقابل، يرفض نواب آخرون ويهدّدون باللجوء إلى القضاء. وفي هذا السياق، أعلنت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في فيديو نشر على صفحة الحزب بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أمس الثلاثاء، رفع قضية استعجالية لإيقاف اشغال الجلستين العامتين المبرمج عقدهما يومي 30 مارس و2 أبريل 2022.
 وأوضحت أنّ هذه القضية الاستعجالية تأتي تفاديا للتبعات الخطيرة لما ستحتويه الجلسة من قرارات تتعلق بالأمن القومي التونسي ووحدة الوطن والمؤسسات، وقد حجزت القضية للتصريح بالحكم إثر الجلسة، وفق تصريحها.
 وقالت إنّ تصريحات الرئيس قوّت موقف ‘’الاخوان’’ وموقف راشد الغنوشي لأنه بعد 8 أشهر من الاجراءات الاستثنائية لم يقم بحل البرلمان ما ترك المجال مفتوحا لراشد الغنوشي للظهور مجددا.

 وقالت موسي: ‘’لقد قمنا بواجبنا في التصدي لمخطط إدخال البلاد في أزمة تضارب الشرعيات’’، مضيفة: ‘’احتكمنا إلى سلطة القانون واحتمينا بالسلطة القضائية وطلبنا منها وقف نزيف ضرب الأمن القومي التونسي قبل فوات الأوان...
 واعتبرت عبير موسي انّ ‘’القضاء خذل تونس قبل 25 يوليو ولم يطبق القانون على المعتدين والتكفيريين وفتح الباب لما آلت إليه الأوضاع حاليا، فهل يتدارك أمره ويوقف تغول الإخوان أم سيعطيهم مزيدا من الأوكسجين؟».

 وطالبت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي ممن وصفته بـ “الحاكم بأمره” (في إشارة إلى الرئيس قيس سعيّد) بالتحرّك قبل تاريخ 30 مارس الجاري، ودعوة النواب من غير “الاخوان” و”ائتلاف التكفير”، وفق تعبيرها، لإمضاء عريضة سحب الثقة من راشد الغنوشي والموافقة على حلّ المجلس وإصدار قرار بحلّ البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة.

 واعتبرت موسي أنّ “الغنوشي وزمرته” أخذوا الضوء الأخضر لضرب استقلال البلاد وإدخالها في حالة عدم شرعية، وفق تعبيرها.
 وأشارت إلى أنّ “الهروب إلى الأمام واللجوء إلى المحاكمات العسكرية أو الجزائية سيزيدهم قوّة وصلابة وسيعزل الحاكم بأمره ويؤدي إلى تحرك القوى الأممية ضدّ تونس”، على حدّ قولها.
 وقالت: “النواب الوطنيون لن يرفضوا دعوة قيس سعيّد إن قام بخطوة في اتجاه عزل الغنوشي وحلّ البرلمان وإجراء انتخابات».

 أساليب خطيرة
 واتّهم الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي أمس الثلاثاء راشد الغنوشي رئيس البرلمان المعلقة اختصاصاته، باللجوء إلى أساليب خطيرة، من خلال محاولة خلق شرعيتين في تونس، في إشارة إلى اجتماع مكتب البرلمان الإثنين.
 وقال “تلقى ممثل الحركة في مكتب البرلمان دعوة من أجل المشاركة في اجتماع الإثنين لكننا رفضنا ونعتبر أن مجلس نواب الشعب من الماضي والبلاد متجهة إلى انتخابات».

 واعتبر أن “راشد الغنوشي بعد فشله فشلاً ذريعا في تجسيد الشارع التجأ إلى أساليب خطيرة من خلال محاولة خلق شرعيّتين، على غرار ما يحدث في دولة ليبيا من وجود حكومتين وبرلمانين واحد في طبرق وآخر في طرابلس».
 وقال “لا أعتقد أن يكون لقرارات الجلسة العامة تأثير كبير رغم المحاولات الجادة لتقسيم البلاد، ولكن على رئيس الجمهورية أن يتحرك بسرعة من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة من الالتزام بخارطة الطريق الذهاب إلى انتخابات تنهي المرحلة الاستثنائية».
 كما انتقد المغزاوي رئيس الجمهورية قيس سعيد واعتبره يتحمل جزء مهمّا من المسؤولية نظرا “لتردده وعدم حسمه وعدم تقدمه في إنجاز مطالب الشعب الاجتماعية منذ 25 يوليو ومن خلال عدم حسمه في القضايا الدستورية وعدم استغلالها كل الأشهر التي مرت بعد إعلانه عن التدابير الاستثنائية”، وفق تعبيره.

 وقال القيادي بحركة الشعب هيكل المكي “نحن في حركة الشعب لن نسمح لراشد الغنوشي ولعصابته بالعودة للتحكم بمصير الشعب وبمقدرات الدولة».
 واعتبر حزب التحالف من اجل تونس غير الممثل في البرلمان، أن دعوة راشد الغنوشي بصفته رئيس مجلس النواب المعلقة أعماله، لعقد اجتماع مكتب المجلس الاثنين واقرار جلستين عامتين يومي الاربعاء والسبت القادمين، “هي جريمة سياسية بامتياز في حق الوطن والمواطنين».
 من جهته، اعتبر حزب التيّار الشعبي، أن “اجتماع بعض أعضاء مكتب مجلس نواب الشعب المعلّقة أعماله، ودعوتهم لاستئناف الجلسات العامة للمجلس لإبطال المراسيم ذات الصلة بإجراءات 25 يوليو، يعدّ خطوة للتمرّد على الدولة وفتح باب التنازع على الشرعية».

 وأضاف في بيان له أمس الثلاثاء، أن “هذه الخطوة تعدّ أيضا مقدمة لتقسيم الدولة وسلطاتها واستدعاء لتدخل القوى الخارجية التي تدعم مجموعات الفساد والإرهاب على غرار ما حصل في عدة بلدان شقيقة”، داعيا رئيس الجمهورية إلى “تحمّل مسؤوليته كضامن لوحدة الدولة وأمنها القومي ضدّ طغمة الفساد والإرهاب التي تعمل على تدمير ما تبقى من الدولة ومحاسبة كل المتورطين”. كما دعا الشعب التونسي وقواه الوطنية إلى “توحيد صفوفه للتصدي لنهج التخريب والعمالة وحماية للدولة الوطنية وسيادتها ووحدتها” حسب تعبير البيان.

 الاتحاد العام التونسي للشغل وعلى لسان امينه العام نور الدين الطبوبي، اعتبر امس الثلاثاء، ان الدعوة الى شرعية اخرى في تونس خطر حاثا الاطراف التي دعت الى ذلك على مراجعة حساباتها وعدم الهروب الى الامام وذلك في تعليق له على قرارات مكتب البرلمان المجمدة اشغاله الداعية الى عقد جلسة عامة لإلغاء التدابير الاستثنائية.

 وقال الطبوبي في حوار اذاعي، ليس لنا في تونس حكومة شرق وحكومة غرب بإمكان مسار 25 يوليو رغم بعض الاخطاء والهنات المضي الى الامام لإصلاح تونس اما ان نزيد الطين بلة فهذا غير ممكن، وعلى الاطراف السياسية وكذلك من يحكم عدم التصرف وكأن الدولة ملكها بل هناك مجتمع مدني وهناك قوى وطنية وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي انبنى على روح المسؤولية».
 وعاب على الرئيس سعيد عدم الاقدام على حل البرلمان معتبرا انه في حكم المنحل، مذكرا رئيس الجمهورية بان عددا من النواب كانوا قد مدوا ايديهم له وطالبوه بحل البرلمان مضيفا ان الحيلة في ترك الحيل.