في مبارزة قانونية دقيقة:
ميريك غارلاند، الرجل الذي يمكنه إسقاط دونالد ترامب
- لا يمكنه رفع دعوى قبل انتخابات نوفمبر، وسيجد صعوبة في فعل ذلك بعد يناير إذا تولى الجمهوريون رئاسة الكونجرس
إنها مبارزة قانونية على القمة بين وزير العدل ودونالد ترامب... من سيفوز؟ هناك أيام قد يأسف فيها ميريك غارلاند من أن الجمهوريين حالوا دون ترشيحه للمحكمة العليا عام 2016. فبدلاً من أن يعيش حياة حكيم هادئة، وجد وزير العدل نفسه غارقًا في دوامة سياسية إذ عليه أن يقرر في الأشهر المقبلة ما إذا كان سيبدأ إجراءات قانونية ضد دونالد ترامب، والتي ستكون الأولى لمستأجر سابق للمكتب البيضاوي. وبشكل لا يصدق، عليه أن يتخذ هذا القرار مرتين لأن الرئيس السابق متورط في قضيتين. لقد أخذ من البيت الأبيض، صناديق من الوثائق، من بينها مئات الصفحات المصنفة على أنها سرية للغاية، والتي تشمل على وجه الخصوص أسماء جواسيس يعملون لصالح الأمريكيين.
وإلى جانب حقيقة أنه من غير المطمئن أن تنتهي مثل هذه المعلومات الحساسة في مار الاغو، نادي الغولف في فلوريدا، فانه، بموجب القانون، يجب أن يُعهد بجميع الوثائق الرسمية إلى الأرشيف الوطني.
في مواجهة مقاومة دونالد ترامب الرافض للتنازل عنها، اتخذ ميريك غارلاند قرارًا استثنائيًا في مطلع أغسطس يسمح لمكتب التحقيقات الفيدرالي بالتفتيش في مار الاغو. وفي هذا السياق، من المحتمل أن يُتّهم الرئيس السابق بارتكاب عدة جرائم من ذلك عرقلة سير العدالة التي يعاقب عليها بالسجن عشرين عاما. “هذا هو أخطر تهديد قانوني يواجهه منذ سنوات، وخصمه هذه المرة وزارة العدل، أكبر مكتب محاماة في الولايات المتحدة، ولم يعد يسيطر عليها كما كان الحال وهو في السلطة”، يعلّق ستيفن جيلرز أستاذ القانون بجامعة نيويورك.
بالتوازي، يشرف ميريك غارلاند على تحقيق كبير في محاولات العبث بانتخابات عام 2020، والهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021. وقد سبق توجيه الاتهام إلى ما يقرب من 900 متظاهر ومثير شغب. ولم يكشف فريق النيابة المتحفظ دائما، عما إذا كان قد فتح تحقيقا حول الرئيس السابق، لكن من الواضح أنّ اهتمامه يزداد بدوره في ذاك التاريخ. وهذه ليست أخبار جيدة لدونالد ترامب.
«لا أحد فوق القانون»
ميريك غارلاند، البالغ من العمر 69 عامًا، هو خصم قوي. خريج جامعة هارفارد، رجل القانون اللامع هذا ووالد لبنتين، عمل كمحامي أعمال في شركة مرموقة تركها ليصبح مدعيا عاما.
تم انتدابه في وزارة العدل في عهد بيل كلينتون، وكان مسؤولاً عن قضايا كبيرة منها الهجوم الإرهابي في أوكلاهوما سيتي عام 1995، الذي قتل فيه 168 شخصًا، وحادثة أولمبياد أتلانتا. ثم شغل بعد ذلك ما يقرب من 25 عامًا كقاض فيدرالي قبل أن يعينه باراك أوباما عام 2016 في المحكمة العليا. غير ان أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، في مناورة غير مسبوقة، رفضوا النظر في ترشيحه. كانوا يأملون في فوز ترامب في الانتخابات وتعيين قاضٍ محافظ. بعد أربع سنوات، عرض عليه جو بايدن حقيبة وزارية.
ويجد ميريك غارلاند نفسه اليوم في مبارزة قانونية على القمة. على الرغم من تكرار هذا الرجل المحترم، الذي يتحدث بصوت خافت، أنه “لا أحد فوق القانون”، وأنه ينوي مقاضاة أي شخص “يتدخل في النقل القانوني للسلطة”، فإنه يواجه معضلة كبيرة. “لديه مهمة شبه مستحيلة”، يلخص ستيفن جيلز.
من ناحية، تتمثل وظيفته في تطبيق القانون. وإذا لم يقم بذلك، فإنه سيخلق سابقة خطيرة. ومن ناحية أخرى، فهو يدرك جيدًا أن الإدارة الديمقراطية التي تلاحق الساكن السابق في البيت الأبيض، الزعيم الفعلي للحزب الجمهوري والمرشح الأبرز لانتخابات 2024، ستُتهم بالثأر السياسي. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى موجة من العنف. فبعد غزوة مار الاغو، حاول رجل مسلح دخول مكتب اف بي أي في سينسيناتي، وقتل بعد مواجهة مع الشرطة. واتُّهم آخر بالتهديد بارتكاب “مذبحة” لأعوان مكتب التحقيقات الفدرالي.
«يتمتع ميريك غارلاند بسمعة طيبة في كونه أمينًا وحذرًا للغاية، لأنه يتبع القانون بدقة دون أي اعتبارات سياسية”، يتابع ستيفن جيلرز. فقد استغرق الأمر أسابيع حتى يوافق على أمر التفتيش رغم استياء الديمقراطيين الذين يحلمون برؤية ترامب مكبل اليدين في بيجامة برتقالية. ولأشهر، كانوا يتهمونه بالتصرف ببطء شديد، والحذر المبالغ فيه، والامساك بتفاصيل صغيرة فقط ... ولكن من خلال الإذن بهذه العملية غير المسبوقة تاريخيا لمكتب التحقيقات الفدرالي، أظهر أنه لا يخشى مواجهة رئيس سابق.
إلى أي مدى سيذهب؟ لا أحد يعرف. “سيحاكمه فقط إذا كان لديه اعتقاد قوي بأنه سيُدان”، يرى روبرت ويسبرغ، مدير مركز ستانفورد للعدالة الجنائية. القضية الكبيرة هي تورط ترامب في إلغاء الاقتراع. وإذا لم يوجه غارلاند، لعدم وجود أدلة كافية، الاتهام إليه، فهناك فرصة ضئيلة، كما يقول الخبراء، في أن يمسك به في قضية الوثائق السرية، التي تعتبر أقل خطورة. إلا إذا كان يخطط لامتلاك سلاح نووي أو بيع معلومات لدول أخرى...
بالتأكيد أن لدونالد ترامب موهبة في المرور بين ثغرات القضاء. لقد أفلت من عمليتي عزل، التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات ... لكن الحزب الجمهوري كله كان وراءه على عكس هذه المرة، حيث لا يرغب العديد من المحافظين في أن يترشح مرة أخرى.
وكما لو أن الضغوط التي يتعرض لها ميريك غارلاند لا تكفي، “فانه منخرط في سباق مع الزمن”، يضيف روبرت ويسبرغ، “لا يمكنه رفع دعوى قبل انتخابات نوفمبر، حتى لا يتم اتهامه بالتأثير على الاقتراع. ولكنه سيجد صعوبة في فعل ذلك بعد يناير إذا تولى الجمهوريون رئاسة الكونجرس أو أعلن ترامب ترشحه».
إنها مبارزة قانونية على القمة بين وزير العدل ودونالد ترامب... من سيفوز؟ هناك أيام قد يأسف فيها ميريك غارلاند من أن الجمهوريين حالوا دون ترشيحه للمحكمة العليا عام 2016. فبدلاً من أن يعيش حياة حكيم هادئة، وجد وزير العدل نفسه غارقًا في دوامة سياسية إذ عليه أن يقرر في الأشهر المقبلة ما إذا كان سيبدأ إجراءات قانونية ضد دونالد ترامب، والتي ستكون الأولى لمستأجر سابق للمكتب البيضاوي. وبشكل لا يصدق، عليه أن يتخذ هذا القرار مرتين لأن الرئيس السابق متورط في قضيتين. لقد أخذ من البيت الأبيض، صناديق من الوثائق، من بينها مئات الصفحات المصنفة على أنها سرية للغاية، والتي تشمل على وجه الخصوص أسماء جواسيس يعملون لصالح الأمريكيين.
وإلى جانب حقيقة أنه من غير المطمئن أن تنتهي مثل هذه المعلومات الحساسة في مار الاغو، نادي الغولف في فلوريدا، فانه، بموجب القانون، يجب أن يُعهد بجميع الوثائق الرسمية إلى الأرشيف الوطني.
في مواجهة مقاومة دونالد ترامب الرافض للتنازل عنها، اتخذ ميريك غارلاند قرارًا استثنائيًا في مطلع أغسطس يسمح لمكتب التحقيقات الفيدرالي بالتفتيش في مار الاغو. وفي هذا السياق، من المحتمل أن يُتّهم الرئيس السابق بارتكاب عدة جرائم من ذلك عرقلة سير العدالة التي يعاقب عليها بالسجن عشرين عاما. “هذا هو أخطر تهديد قانوني يواجهه منذ سنوات، وخصمه هذه المرة وزارة العدل، أكبر مكتب محاماة في الولايات المتحدة، ولم يعد يسيطر عليها كما كان الحال وهو في السلطة”، يعلّق ستيفن جيلرز أستاذ القانون بجامعة نيويورك.
بالتوازي، يشرف ميريك غارلاند على تحقيق كبير في محاولات العبث بانتخابات عام 2020، والهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021. وقد سبق توجيه الاتهام إلى ما يقرب من 900 متظاهر ومثير شغب. ولم يكشف فريق النيابة المتحفظ دائما، عما إذا كان قد فتح تحقيقا حول الرئيس السابق، لكن من الواضح أنّ اهتمامه يزداد بدوره في ذاك التاريخ. وهذه ليست أخبار جيدة لدونالد ترامب.
«لا أحد فوق القانون»
ميريك غارلاند، البالغ من العمر 69 عامًا، هو خصم قوي. خريج جامعة هارفارد، رجل القانون اللامع هذا ووالد لبنتين، عمل كمحامي أعمال في شركة مرموقة تركها ليصبح مدعيا عاما.
تم انتدابه في وزارة العدل في عهد بيل كلينتون، وكان مسؤولاً عن قضايا كبيرة منها الهجوم الإرهابي في أوكلاهوما سيتي عام 1995، الذي قتل فيه 168 شخصًا، وحادثة أولمبياد أتلانتا. ثم شغل بعد ذلك ما يقرب من 25 عامًا كقاض فيدرالي قبل أن يعينه باراك أوباما عام 2016 في المحكمة العليا. غير ان أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، في مناورة غير مسبوقة، رفضوا النظر في ترشيحه. كانوا يأملون في فوز ترامب في الانتخابات وتعيين قاضٍ محافظ. بعد أربع سنوات، عرض عليه جو بايدن حقيبة وزارية.
ويجد ميريك غارلاند نفسه اليوم في مبارزة قانونية على القمة. على الرغم من تكرار هذا الرجل المحترم، الذي يتحدث بصوت خافت، أنه “لا أحد فوق القانون”، وأنه ينوي مقاضاة أي شخص “يتدخل في النقل القانوني للسلطة”، فإنه يواجه معضلة كبيرة. “لديه مهمة شبه مستحيلة”، يلخص ستيفن جيلز.
من ناحية، تتمثل وظيفته في تطبيق القانون. وإذا لم يقم بذلك، فإنه سيخلق سابقة خطيرة. ومن ناحية أخرى، فهو يدرك جيدًا أن الإدارة الديمقراطية التي تلاحق الساكن السابق في البيت الأبيض، الزعيم الفعلي للحزب الجمهوري والمرشح الأبرز لانتخابات 2024، ستُتهم بالثأر السياسي. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى موجة من العنف. فبعد غزوة مار الاغو، حاول رجل مسلح دخول مكتب اف بي أي في سينسيناتي، وقتل بعد مواجهة مع الشرطة. واتُّهم آخر بالتهديد بارتكاب “مذبحة” لأعوان مكتب التحقيقات الفدرالي.
«يتمتع ميريك غارلاند بسمعة طيبة في كونه أمينًا وحذرًا للغاية، لأنه يتبع القانون بدقة دون أي اعتبارات سياسية”، يتابع ستيفن جيلرز. فقد استغرق الأمر أسابيع حتى يوافق على أمر التفتيش رغم استياء الديمقراطيين الذين يحلمون برؤية ترامب مكبل اليدين في بيجامة برتقالية. ولأشهر، كانوا يتهمونه بالتصرف ببطء شديد، والحذر المبالغ فيه، والامساك بتفاصيل صغيرة فقط ... ولكن من خلال الإذن بهذه العملية غير المسبوقة تاريخيا لمكتب التحقيقات الفدرالي، أظهر أنه لا يخشى مواجهة رئيس سابق.
إلى أي مدى سيذهب؟ لا أحد يعرف. “سيحاكمه فقط إذا كان لديه اعتقاد قوي بأنه سيُدان”، يرى روبرت ويسبرغ، مدير مركز ستانفورد للعدالة الجنائية. القضية الكبيرة هي تورط ترامب في إلغاء الاقتراع. وإذا لم يوجه غارلاند، لعدم وجود أدلة كافية، الاتهام إليه، فهناك فرصة ضئيلة، كما يقول الخبراء، في أن يمسك به في قضية الوثائق السرية، التي تعتبر أقل خطورة. إلا إذا كان يخطط لامتلاك سلاح نووي أو بيع معلومات لدول أخرى...
بالتأكيد أن لدونالد ترامب موهبة في المرور بين ثغرات القضاء. لقد أفلت من عمليتي عزل، التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات ... لكن الحزب الجمهوري كله كان وراءه على عكس هذه المرة، حيث لا يرغب العديد من المحافظين في أن يترشح مرة أخرى.
وكما لو أن الضغوط التي يتعرض لها ميريك غارلاند لا تكفي، “فانه منخرط في سباق مع الزمن”، يضيف روبرت ويسبرغ، “لا يمكنه رفع دعوى قبل انتخابات نوفمبر، حتى لا يتم اتهامه بالتأثير على الاقتراع. ولكنه سيجد صعوبة في فعل ذلك بعد يناير إذا تولى الجمهوريون رئاسة الكونجرس أو أعلن ترامب ترشحه».