محمد بن راشد: نسعى لتوفير أفضل نوعيات الحياة للمواطن والمقيم والزائر
نازحون من باخموت الأوكرانية يجدون أملا في احتفالات عيد الميلاد
غنت آنا هولوبتسوفا في احتفال نظمته في كييف إدارة باخموت التي غزتها القوات الروسية ودمّرتها قبل أكثر من عام ونصف عام، علّها تعطي بعض الأمل لسكان المدينة الذين فروا من المعارك مثلها ولم يعودوا إليها حتى الآن.
كانت المرة الأخيرة التي شاهدت فيها وكالة فرانس برس هولوبتسوفا في تشرين الأول-أكتوبر 2022، عندما كانت تقف بجوار منزل جارها الذي كان يحترق بعدما أصابه صاروخ.
في ذلك الوقت، كانت هذه المدينة الواقعة في شرق أوكرانيا لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية. وفي أيار-مايو 2023، سقطت بأيدي الجيش الروسي بعد واحدة من أكثر المعارك دموية وتدميرا منذ بدء الحرب في شباط-فبراير 2022.
بعد أكثر من عامين، ما زالت هولوبتسوفا ترفض التخلي عن أملها في رؤية مسقط رأسها تحت العلم الأوكراني وقالت «قد أكون حالمة لكنني قلت وسأظل أقول إن عائلتي ستكون من أوائل الذين يعودون إلى باخموت ويعيدون بناءها». لكن يبدو أن حلمها يصبح أبعد المنال يوما بعد يوم. فالجيش الأوكراني يتراجع في معظم أنحاء جبهة القتال فيما تواصل روسيا تقدّمها قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الشهر المقبل. وقد وعد ترامب بأنه سينهي الحرب سريعا، ما يثير مخاوف من أن واشنطن قد تجبر كييف على التنازل عن نحو 20 في المئة من أراضيها التي تحتلها روسيا الآن. وبالنسبة إلى النازحين من باخموت، فإن هذا من شأنه أن يغلق الباب أمام أي احتمال للعودة إليها. قبل بدء الاحتفال، اصطف حوالى مئة نازح من باخموت للحصول على الشاي والبسكويت والبرتقال فيما شارك الأطفال في ورشة عمل لزينة عيد الميلاد. ونظم هذا الحدث من جانب إدارة مدينة باخموت المنفية ولودميلا بونداريفا التي تشرف على المركز الإنساني للاجئين من باخموت في كييف. غنت هولوبتسوفا على وقع تصفيف الحضور وتأثره، واختتمت الحفلة باستعراض لأوركسترا عسكرية رقص مغنوها مع الأطفال. وقالت ناتاليا زيزيافا (63 عاما) «هذه الأمور تصرف انتباهنا. تساعدنا على البقاء واقفين على أقدامنا، ولو قليلا».
وروت أن إحدى جيرانها قُتلت بالرصاص وهي في طريقها إلى حظيرة الدجاج التي تملكها، في حين دُفن آخر في حديقة. وتمكنت زيزيافا من المجيء مع ابنتها إلى كييف حيث عانت من أجل استئجار شقة من غرفة واحدة. وقالت «لا نضع أي مخططات. عشنا يوما آخر؟ الحمد لله. إلى أين سنعود؟ ليس لدينا مكان نعود إليه. لم يعد لدينا منزل». تسببت معركة باخموت بين صيف 2022 وأيار-مايو 2023 بتدمير المدينة التي كان يسكنها قبل الحرب 70 ألف نسمة، وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية مباني تحولت إلى أنقاض على أرض محروقة. وقالت أولينا روديك البالغة 65 عاما «دمّر كل شيء، لذلك لا يمكننا حتى التفكير في العودة بعد». وكانت روديك، وهي موسيقية متقاعدة، تحب أن تتحدث عن النبيذ الفوار الشهير في المدينة والمتنزهات التي تحبها فيها. وروت «كانت المدينة برمّتها مغطاة بأحواض الزهور وكانت هناك متنزهات في كل مكان».
ومع اقتراب الحرب من عامها الثالث، تظهر استطلاعات الرأي رغبة عامة متزايدة في التخلي عن بعض الأراضي التي سيطرت عليها روسيا من أجل السلام. وأفاد مركز «نيو يوروب سنتر» بأن حوالي 53,2 في المئة من الأوكرانيين يقولون إن على أوكرانيا مواصلة القتال من أجل كل أراضيها، فيما كانت هذه نسبة 76,2 في المئة في العام 2023. وأظهر معهد كييف لعلم الاجتماع في استطلاع منفصل أن 46 في المئة من الأوكرانيين سيكونون على استعداد لقبول التخلي عن دونباس وشبه جزيرة القرم. لكن هولوبتسوفا ترفض الاستسلام وقالت «أعتقد أن الأحلام هي ما يدفعنا إلى العيش والمثابرة والاستمرار. لذلك احلموا، تحلوا بالأمل، انتظروا وكل شيء سيتحقق».