خالد بن محمد بن زايد يشهد جانباً من منافسات الألعاب الرقمية الهجينة في «دورة ألعاب المستقبل 2025»
ناشونال إنترست: هل يتفكك الاتحاد الروسي؟
في مقال بمجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، تناول الزميل الأول في مركز سكوكرفت للشؤون الإستراتيجية والأمن في المجلس الأطلسي دان نيغري، احتمال تفكك روسيا بعد حرب أوكرانيا على غرار الاتحاد السوفييتي عقب حرب أفغانستان، قائلاً إن الغزو الروسي المتعثر لأوكرانيا، يذكر بالحملة البريطانية والفرنسية على السويس في 1956.
وشكل الانسحاب المذل لبريطانيا وفرنسا نهايتهما، دولتين عظميين من الطراز الأول، وكان بداية مرحلة من الاضطرابات السياسية، وخسارة المستعمرات ونشوء الحركات الاستقلالية.
التاريخ يعيد نفسه
ويرى الكاتب أن التاريخ قد يعيد نفسه، فروسيا أخفقت في محاولة احتلال أوكرانيا، وتعاني خسائر في قدراتها العسكرية، ونموها الإقتصادي، ومكانتها الدولية. ومن الواضح الآن أن روسيا لم تعد قوة عظمى على قدم المساواة مع الولايات المتحدة، والصين. وهي تدخل مرحلة من الاضطراب السياسي قد تثير مجدداً مطالب بالاستقلال من قبل الجمهوريات التي تتألف منها، في استعادة لتفكك الاتحاد السوفييتي. ورأى الكاتب أن الحرب في أوكرانيا سترغم روسيا على الإقرار بمحدوديتها ووضعها المتراجع. إن العالم كله يشهد على عجز الجيش الروسي أمام قوة جارتها التي تشكل ثلث حجم القوة الروسية. والاقتصاد الروسي ينهار تحت وطأة الحرب والعقوبات، والتضخم يتجه نحو 200% والاقتصاد سينكمش 10% هذا العام، والبورصة الروسية متوقفة عن العمل، والأسهم الروسية المتداولة في لندن تدنت بـ 90%. إن تأثير العقوبات القاسية جداً والشاملة على روسيا، سيزداد مع مرور الوقت.
خطأ في الحسابات
كان غزو أوكرانيا خطأ كبيراً في الحسابات. ظن بوتين أنه سيكون على طريقة غزو المجر في 1956 وتشيكوسلوفاكيا في 1968، ما جعل الاتحاد السوفييتي أقوى. لكنه تحول إلى ما يشبه غزو أفغانستان بين 1979 و1989، الذي تفكك بعد الاتحاد السوفييتي إلى جمهوريات مستقلة.
وشكلت ثورة 1917 لحظة مماثلة. إذ أعلنت جمهوريات عدة استقلالها عن روسيا وبقي بعضها مستقلاً سنوات عدة. ومن هذه الجمهوريات، ليتوانيا، ولاتفيا، وإستونيا، وتتراستان، وجمهوريات شمال القوقاز.
تفكك الاتحاد السوفييتي
وعقب تفكك الاتحاد السوفييتي في 1991، استقلت جمهوريات عدة مولدوفا، وبيلاروسيا، وأوكرانيا، وجورجيا، وأرمينيا، وأذربيجان، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وأوزبكستان، وتركمانستان، وطاجيكستان، وليتوانيا، ولاتفيا، وإستونيا. ويمكن للتفكك أن يذهب إلى ما هو أبعد خاصةً أن مناطق روسية أخرى، بما فيها سيبيريا، والأورال، وكارليا، وتتارستان، أعلنت "سيادتها" وقتها. للحيلولة دون خسارة المزيد من الأراضي، اقترح الرئيس الروسي يومها بوريس يلتسين إقامة اتحادٍ فيديرالي، ووعد هذه الجمهوريات بأن "تكون سيادية بقدر ما تستطيع"، وأبرم اتفاقات مع مناطق متمردة. ويتألف الإتحاد الروسي من 85 "كياناً فيديرالياً" أو مكوناً، بينها 22 جمهورية بأسماء عرقيات غير روسية. وفي روسيا أكثر من 190 عرقية، بعضها يعيش في مناطق نائية مثل سيبيريا والقوقاز.
وهناك حافزان رئيسيان للانفصال، الإقتصاد والثقافة.
إن روسيا اليوم هي مثل الإتحاد السوفييي سابقاً، إذ أنها تفتقر إلى النجاح الاقتصادي. فروسيا قوة اقتصادية متوسطة مع إجمالي ناتج محلي بحجم إسبانيا أو تكساس. و الناتج الإجمالي المحلي متواضع. وفي 2020 احتلت روسيا المرتبة 85 على سلم مؤشر البنك الدولي، بين بلغاريا، وماليزيا.
إن جيب كالينينغراد الروسية التي تتمتع بنصف حكم ذاتي، ألمانية، وضع الإتحاد السوفياتي اليد عليها في 1946 عقب الحرب العالمية الثانية، وهي تقع بين بولندا وليتوانيا، الدولتين العضوين في الإتحاد الأوروبي، ولا تملكان حدوداً مع روسيا. وجمهورية كاراليا، 600 ألف نسمة، تحاذي فنلندا واستولى عليها ستالين بعد حربه على فنلندا في 1940.
جمهوريات القوقاز
وثمة جمهوريات أخرى حاولت الإستقلال من قبل. فجمهوريات القوقاز، التي احتلت في القرن التاسع عشر، ذات غالبيات مسلمة، وهي مختلفة عرقياً عن الروس، ولها حدود مع دول أخرى. وخاضت جمهورية الشيشان 1.2 مليون نسمة، حرباً دامية للاستقلال في التسعينيات.
ويمكن أن تنضم إلى الشيشان في طلب الاستقلال جمهوريات قوقازية مجاورة بما فيها داغستان، 2.5 مليون نسمة، وإنغوشيا 300 ألف نسمة، وكابرادينو-بالكاريا 900 ألف نسمة. وهناك جمهورية توفا 250 ألف نسمة على الحدود مع مونغوليا والصين وسكانها يتحدرون من أصل منغولي وضمها الإتحاد السوفييتي في 1944. وإلى جوار توفا، هناك جمهورية خاكاسيا 500 ألف نسمة ومعظمهم من أصول قيرغيزية.
وفي منطقة الفولغا هناك جمهورية تتارستان 2 مليون تتار و1.5 مليون روس. وسيبيريا فتحها القياصرة في القرن السابع عشر، ويمكن أن تحيي هويتها، وأهم مدنها كراسنويارسك وإيركوتسك، وهي غنية بالموارد الطبيعية التي يمكن أن تبيعها للصين. وفي 1919، تبنت الحكومة المؤقتة في أومسك إعلان استقلال سيبيريا.
ومن الممكن أن تكون هناك جمهورية في الأورال.
وإذا كان تفتت الإتحاد الروسي نبأ ساراً للولايات المتحدة وأوروبا، فإنه يُخلف القلق بسبب الأسلحة النووية الروسية. وستستفيد الصين من التفتت الروسي بحيث سيجتذب اقتصادها الدول المستقلة حديثاً.