ناشونال ريفيو... هذا هو المكان المناسب للاتفاق النووي

ناشونال ريفيو... هذا هو المكان المناسب للاتفاق النووي


قارن المستشار في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات ريتشارد غولدبيرغ اختيار المرشد الإيراني علي خامنئي لابراهيم رئيسي رئيساً لإيران بالإعلان السيئ السمعة للزعيم السوفياتي الأسبق نيكيتا خروتشيف سنة 1956، والذي قال فيه للأمريكيين: “سندفنكم».
 لكن مناصري استرضاء إيران لن يقتنعوا بهذا الكلام لأنهم يصرون دوماً على أن أي وقت هو وقت مناسب للتقارب مع إيران. رئيسي هو قاض معلق للمشانق حكم على آلاف السجناء السياسيين بالإعدام ولا يزال مخلصاً آيديولوجياً للنظام. مع ذلك، يعتقد المسترضون أن تنصيبه سيفتح الباب للسلام في العصر الحالي بطريقة سحرية.

سردية مختلفة تماماً
في مجلة “ناشونال ريفيو”، عاد غولدبيرغ بالذاكرة إلى سنة 2013، حين كان المسترضون أنفسهم يروجون لسردية مختلفة تماماً. بعدما عين خامنئي المعتدل المفترض حسن روحاني في رئاسة الجمهورية عقب ثماني سنوات من تهديدات محمود أحمدي نجاد، أشاد الإعلام والمحللون الغربيون بفوز روحاني لأنه كان إشارة مؤكدة بحسب رأيهم إلى أن إيران كانت تعبر نحو حقبة جديدة يسودها الاعتدال.
كتبت صحيفة واشنطن بوست أن الإيرانيين اتخذوا خطوة لإنهاء عزلة دولتهم عبر التصويت بشكل ساحق لإصلاحي معتدل وعد بالانفصال عن السياسات التي تضع إيران على مسار الاصطدام مع الغرب. وتابعت: “سيكون لروحاني تفويض قوي لتحسين علاقات إيران الدولية ومحاولة التفاوض على التسوية بشأن نشاطات إيران النووية”. كذلك، نشرت نيويورك تايمز مقالاً وجد أن هنالك “تفاؤلاً متزايداً في إيران” وأن روحاني “مستعد لإعادة إطلاق محادثات جدية في القضية النووية».

لا معتدل ولا إصلاحي
ينفي غولدبيرغ أن يكون روحاني معتدلاً أو حتى إصلاحياً. لقد كان خادماً وفياً للمرشد الأعلى، كما كان عضواً في لجنة العمليات الخاصة التابعة للمجلس الأعلى للأمن القومي في ذروة الإرهاب الإيراني الخارجي. وشمل الأخير تفجير السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين سنة 1992 واغتيال أربعة معارضين إيرانيين في مطعم ببرلين سنة 1992 وتفجير مركز الجمعية التعاضدية اليهودية في بوينس آيرس الذي خلف 85 قتيلاً سنة 1994، وتفجير أبراج الخبر في السعودية سنة 1996، والذي أودى بحياة 19 طياراً أمريكياً.
مع ذلك، وبالمقارنة مع دعوات أحمدي نجاد لإزالة إسرائيل من الوجود، بدا روحاني معتدلاً من حيث الظاهر على الأقل. أعطى الأمر إدارة أوباما مساحة سياسية لإظهار المحادثات السرية والضغط قدماً باتجاه التوصل إلى الاتفاق النووي. بعد ثمانية أعوام، لا يمكن لأي مقدار من تدوير الكلمات وصف رئيسي بالمعتدل.

تناقضاتهم تفضحهم
سنة 1988، وبصفته مدعياً عاماً شاباً ومتحمساً، أصدر رئيسي حين كان عضواً في لجنة الموت أوامر بإعدام من كان يصفهم بـ”المرتدين”، كل ساعة على مدى أشهر. وقال رئيسي إن عمليات الإعدام هذه هي “واحد من أكثر الإنجازات مدعاة لفخر النظام”. واظب رئيسي على إرسال الإيرانيين إلى حتفهم طوال عقود: حين كان مدعياً عاماً رئيسياً في طهران، ونائباً لرئيس السلطة القضائية ومؤخراً رئيساً لها. لهذا السبب، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على رئيسي في 2019.
يظهر غولدبيرغ تناقضات مسترضي إيران. إذا كان اختيار “معتدل” رئيساً لإيران قد أفسح في المجال أمام عمل الديبلوماسية، فمن المفترض أن يكون اختيار “متشدد” مثل رئيسي نهاية لهذه الديبلوماسية بحسب هذا المنطق. لكن المتحمسين للاتفاق النووي لا يرون ذلك. كتب والي نصر من جامعة جونز هوبكينز أن رئيسي “هو أفضل أمل للغرب” للتوصل إلى اتفاق نووي. ورأت نيويورك تايمز أنّ “المتشدد الإيراني سيكون أفضل ممر لإعادة إحياء الاتفاق النووي”. وانضم علي واعظ ودينا اسفندياري إلى الجوقة كاتبين في الصحيفة نفسها أنّ “المتشددين فازوا في إيران. ليس كل هذا أنباء سيئة».

أمر مضحك
حين سئل مستشار بايدن لشؤون الأمن القومي جايك سوليفان عما إذا كان تعيين رئيسي سيعقد جهد الإدارة في العودة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأمريكية عن أكبر راع للإرهاب في العالم، أجاب سوليفان بأن شخصاً واحداً مهم في إيران وهو المرشد الأعلى. كتب غولدبيرغ أن هذه الإجابة مضحكة، لأن هذا بالضبط ما كان مناهضو الاتفاق النووي يقولونه سنة 2013 حين كانت إدارة أوباما تروج لفكرة ضرورة تبني اتفاق معيوب من أجل تعزيز “روحاني المعتدل”. يتابع الكاتب مشيراً إلى أن سوليفان محق وأن تعيين رئيسي هو إحدى الإشارات التي أرسلها خامنئي هذه السنة إلى بايدن موضحاً أنه ينوي استخدام أي أموال ناتجة عن رفع العقوبات لتغذية حرب إيران على الولايات المتحدة وحلفائها.

استفزازات خامنئي
لقد كشفت وزارة العدل الأمريكية أواخر الشهر الماضي أن إيران حاولت شن هجوم إرهابي على الأراضي الأمريكية وخطف مواطنة أمريكية من نيويورك. وهاجم وكلاء إيران في العراق القوات الأمريكية طوال أشهر بدون رد كبير من بايدن. وأطلقت المجموعات الإرهابية المرعية من إيران مثل حماس والحوثيين صواريخ ضد إسرائيل والسعودية. كذلك، صعّد خامنئي استفزازاته النووية مخصباً اليورانيوم بنسبة 60% وأمر بإنتاج معدن اليورانيوم وحدّ من قدرة المفتشين الدوليين على مراقبة برنامجه.

مكانه المناسب
في جميع النواحي المهمة، يقول خامنئي لبايدن: “سندفنك”. كان رد بايدن تقديم الأموال. في نهاية المطاف، الاتفاق النووي هو في الجوهر صفقة استرضاء تتستر خلف قناع حظر الانتشار النووي. هي تؤمن لإيران الأموال مقابل تقييد مؤقت للنشاط النووي. لكن لا تقييد على الإطلاق للنشاطات الهادفة إلى تطوير صواريخ قابلة لتسليم الرؤوس النووية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى نشاطات النظام المتعلقة بهيمنته الإقليمية.
في مؤتمره الصحافي الأول كرئيس لإيران، أوضح رئيسي أن إيران لن تتفاوض حول اتفاق أقوى وأطول مع بايدن، وأعاد خامنئي تأكيد ذلك الأسبوع الماضي. لهذا السبب، دعا غولدبيرغ الرئيس الأمريكي لترك الاتفاق السيئ حيث ينتمي – الماضي.