ناشيونال إنترست: خسارة أوكرانيا ضربة كبيرة للغرب
في أبريل (نيسان) الماضي، تم حشد أكثر من مئة ألف جندي روسي على طول الحدود مع أوكرانيا. واعتقد البعض أن ذلك يندرج في مهمة استطلاعية أو اختبار لرد الفعل الدولي، خصوصاً من أوروبا والإدارة الأمريكية الجديدة، وتحدث آخرون عن نشر طائرات إنزال ومستشفيات ميدانية وبنوك للدم ومخيمات للاجئين، ورأوا أن ذلك ليس اختباراً، وإنما تحضير لغزو حقيقي.
ويقول الكاتب جون ليرنر في موقع “ناشيونال إنترست” الأمريكي أن التهديد حقيقي بدرجة كبيرة لأن خمسة في المئة فقط من المعدات قد تم سحبها. ولكن فقدان الوضوح في ما يتعلق بالنيات الروسية القريبة يوازيه تخبط في الغرب حيال أوكرانيا.
ويرى البعض أن الموقع الطبيعي لأوكرانيا هو أن تكون ضمن فلك النفوذ الروسي، وأنها ليست مصلحة أمريكية حيوية، ومن الأفضل تركها لمصيرها. والبعض الآخر ينظر إلى الحرب الروسية-الأوكرانية التي مضى عليها سبعة أعوام كأنها حرب حضارات مع مخاطر جيوسياسية على أمريكا والغرب.
ويقول الكاتب إن الطيف السياسي الأمريكي منقسم على نحوٍ مشابه، وفي بعض الأحيان بطريقة غير عادية. وعلى طريقتهما الخاصة، كتب كل من توماس فريدمان من اليسار وباتريك بوكانان من اليمين على نحوٍ متعاطف مع وجهات النظر الروسية. ومع ذلك، فإن كونغرس منقسم بحدة، إذ إن غالبية من الحزبين تدعم تقديم مساعدة عسكرية واقتصادية مهمة لأوكرانيا، مما يعكس توافقاً تشريعياً هذه الأيام.
وكانت أفعال إدارة دونالد ترامب السابقة في أوكرانيا عكست أيضاً هذه المواقف البديلة.
ومن خلال عدسة واحدة، يرى المرء التناقضات. فقد أدت مواقف ترامب الملطفة حيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الإستنتاج بأن أوكرانيا ليست ذات أولوية قصوى بالنسبة للحكومة الأمريكية. وألقت المساءلة الأولى لترامب بظلال قاتمة على مصالح الرئيس في أوكرانيا، مما أوحى برابط بين المساعدة الأمريكية والهموم السياسية المحلية.
ومن خلال عدسة أخرى، كانت سردية وسائل الإعلام عن أن ترمب هو دمية روسية، خاطئة جداً. وتبنى ترامب ثلاث سياسات كانت استثنائية في أهميتها بالنسبة إلى أوكرانيا في سياق صراعها مع روسيا.
أولاً، احتفظ بالعقوبات الأمريكية التي فرضت على روسيا بعد ضمها شبه جزيرة القرم واحتلال منطقة الدونباس في شرق أوكرانيا عام 2014. ثانياً، ألغى قرار الرئيس السابق باراك أوباما في ما يتعلق بإرسال أسلحة قتالية إلى أوكرانيا. ثالثاً، كان معارضاً شرساً لأنبوب الغاز الروسي-الألماني نورد ستريم-2. ووقف العمل بهذا الأنبوب هو مهم مالياً واقتصادياً بالنسبة إلى أوكرانيا.
وهذه السنة تحتفل أوكرانيا بمرور 30 عاماً على استقلالها. وإنجازها الأكبر كان حفاظها على هذا الإستقلال.
وتعد أوروبا الشرقية والقوقاز مسرحين للعدوان الروسي. وفقدت جورجيا وأرمينيا وبيلاروسيا ومولدوفا وأوكرانيا-وكلها جمهوريات سوفياتية سابقة- أراضي لمصلحة روسيا خلال حكم بوتين.
وخلص الكاتب إلى أن نظرة بوتين تقوم على تجديد الإمبراطورية الروسية السابقة بالإكراه والقوة إذا ما كان ذلك ضرورياً. ومن بين كل هذه الأراضي، تعتبر أوكرانيا الأكثر أهمية بالنسبة إلى تحقيق الرؤية الروسية. إن خسارتها ستعني الضربة الأكبر للغرب.