لفت الخبير الاقتصادي والباحث في كلية الأعمال بجامعة نافارا الإسبانية خورخي جريصاتي إلى أنه كتب عن العلاقة المتنامية بين نظام نيكولاس مادورو في فنزويلا والثيوقراطية الإيرانية منذ خريف 2020
فسر جريصاتي في كتاباته كيف كان الإيرانيون يساعدون نظام مادورو في الالتفاف حول العقوبات الأمريكية على الطاقة وكيف كانوا بالمقابل يطلبون سيطرة أكبر على صناعة النفط الفنزويلية وقطاعات اقتصادية أساسية أخرى في البلاد. خلال هذا الشهر، أوضح حدثان تطور هذه العلاقات الاستبدادية والمناهضة للولايات المتحدة وأكدا كيف يقوض النفوذ الإيراني المتزايد في فنزويلا الأمن القومي الأمريكي كما أمن المنطقة ككل.

التطور الأول
كتب جريصاتي في مجلة “ناشونال ريفيو” أن الحكومة الأرجنتينية احتجزت طائرة شحن فنزويلية من طراز بوينغ 747 في بوينس آيرس. وفقاً لوزير الأمن الأرجنتيني أنيبال فرنانديز، تم احتجاز الطائرة لأن الحكومة حصلت على معلومات من “وكالات استخبارية أجنبية” مفادها أن بعض أفراد الطاقم كانوا مرتبطين بقوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني.
وضعت قوة القدس على قائمة الإرهاب الأمريكية منذ سنة 2007. بناء على ذلك، صادرت الحكومة الأرجنتينية جوازات السفر لأفراد الطاقم التسعة عشر، خمسة من بينهم إيرانيون. تعود ملكية الطائرة إلى إمتراسور وهي فرع للخطوط الجوية الفنزويلية كونفياسا الخاضعة لعقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة. وبات معلوماً الآن أن هذه الطائرة كانت مملوكة سابقاً من خطوط مهان إير الإيرانية الخاضعة للعقوبات الأمريكية بسبب اتهامها بالتعاون مع قوة القدس ونقل معدات عسكرية على متن رحلات مدنية.
لم تعد تحترم
طرأ التطور الثاني في فنزويلا حين وصلت ناقلة نفط إيرانية حاملة قرابة مليون برميل نفط من الخام الخفيف كي تتم معالجته في المصافي الفنزويلية. بموجب العقوبات الأمريكية، يحظر على جميع الشركات الأجنبية التعامل مع الدولة الفنزويلية وشركتها النفطية بي دي في أس أي. لكن بعكس التقرير الأول عن هذه التعاملات غير الشرعية سنة 2020، هذه المرة، لم تكن الشحنات الإيرانية إلى فنزويلا مخفية.
في الواقع، ذكر الإعلام الإيراني الرسمي الأسبوع الماضي أن هذه الشحنة كانت الثالثة إلى فنزويلا في الشهر الماضي. هذا دليل واضح لا إلى أن عقوبات الطاقة الأمريكية على فنزويلا وإيران لا تعمل وحسب، بل هي أيضاً لا تُحترم أو تخشى. وتنتهك الصين أيضاً العقوبات الأمريكية بشكل منهجي عبر شراء معظم النفط الإيراني والفنزويلي بسعر مخفض.

ما تحتاج إليه واشنطن
أضاف الكاتب أنه كي تكون العقوبات فعالة، يجب أن تراقَب بانتظام وتخضع للتعديل بشكل مستمر وتطبق بطريقة منسقة وفي الوقت المناسب. هكذا، يمكن لصناع القرار أن يكونوا واثقين بأن العقوبات تخدم هدفها الأساسي. إذا لم تطبق بهذه الطريقة فستفشل، بل الأسوأ، ستنتج تداعيات سياسية واقتصادية وجيوسياسية غير مقصودة.
 في قضية فنزويلا تحديداً، على صناع القرار الأمريكيين الاعتراف بأن العقوبات خلقت نقصاً في الوقود.
 بالنظر إلى سوء إدارة البلاد لهذا القطاع انهارت الصناعة النفطية المحلية.
كان عليهم إدراك أن هذا الوضع يدفع فنزويلا نحو إيران التي تقدم حلاً غير شرعي لكن فورياً لأزمة الوقود في كاراكاس. كان على وزارة الخزانة أن تصدر إعفاءات لتلك العقوبات يسمح للشركات الأجنبية ببيع الوقود إلى فنزويلا أو على الأقل المشاركة في مبادلة النفط بالغاز مع الشركة الوطنية. كان هذا مقترح جريصاتي في أكتوبر -تشرين الأول 2020.

خريطة طريق
نتيجة لعدم اتباع هذه السياسة، أصبح لإيران شريك قيم في أمريكا الجنوبية. لقد وقع البلدان هذا الشهر على “خريطة طريق للتعاون” من أجل تعزيز الروابط في الطاقة والعلوم والتكنولوجيا وقطاعات “استراتيجية” أخرى. وقال الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي وهو جالس إلى جانب مادورو إنّ فنزويلا “أظهرت أن لديها مقاومة موثوق بها ضد تهديدات وعقوبات الأعداء والإمبريالية”.
 وأضـــــاف أن “التجربة الناجحة للدولتين بينت أن الطريقة الوحيدة لمواجهة الضغوط المكثفة والحرب الهجينة للولايات المتحدة هي الوقوف بوجهها والمقاومة».
في نهاية المطاف، يجب أن تتابع وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي هذا الوضع لأنه ينبغي استخلاص نتيجة واحدة من الغزو الروسي لأوكرانيا وهو أن التسلط يتصاعد وليس بالإمكان الوقوف متفرجين وعدم فعل أي شيء حيال ذلك وفقاً لجريصاتي.