رئيس الدولة ورئيس أوزبكستان يبحثان علاقات البلدين وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية
يُطلق عليه اسم «خط أنابيب بوتين»:
نورد ستريم 2: الغاز والمناخ والعقوبات الأمريكية...!
-- في هذا الملف، لا يشكل جو بايدن قطيعة مع سلفه، فهو سيتبع خطاً معادياً لتطوير هذا المشروع
-- بدون منافذها الأوروبية، لن تتمكن روسيا من تطوير حقولها الضخمة في شبه جزيرتي يامال وجيدان
-- تعمل ألمانيا وروسيا على تطوير آليات للالتفاف على العقوبات الأمريكية بحجة مكافحة الاحتباس الحراري
-- يمكن الاعتقاد أن الهيدروجين سيكون، في النهايـة، أفضـل خصم لـ «نورد سـتريم 2»
-- الهيدروجين منخفض الكربون محاولة لإعادة توزيع أوراق مشهد الطاقة في القارة العجوز
-- يحاول الكرملين تنويع أسواقه عن طريق خطوط أنابيب جديدة مثل أنبوب قوة سيبيريا
أين نحن من إنجاز خط أنابيب الغاز نورد ستريم؟ تم تنفيذ المشروع الأول بين 2005 و2011 ودخل الخدمة الفعلية منذ عام 2012. والآن المشروع الثاني، نورد ستريم 2 ، وهو أيضا يحظى بمساندة أنجيلا ميركل ، يخضع استكماله للعديد من التعقيدات. بطول 1230 كم، لم يكتمل انجاز حوالي 10 بالمائة منه. وبدون هذه الكيلومترات الأخيرة، سيكون من المستحيل نقل الـ 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المبرمجة: سيناريو مظلم لهذا الموقع الذي تقدر كلفته الإجمالية بـ 10 مليار يورو -يجب أن يضاف إليها 7.2 مليار يورو من البنية التحتية ذات الصلة لربط خط أنابيب الغاز البحري بالأسواق الأوروبية المستهدفة. ويعتبر “نورد ستريم 2” أحد مشاريع البنية التحتية الكبرى، ويقع على مفترق طرق الإشكاليات الاقتصادية والجيوسياسية والمناخية. إنه موضوع خلاف مستمر بين الشركاء عبر المحيط الأطلسي، ونقاش حاد في أوروبا، ويوضح التأثير المتزايد للهيدروجين في الجغرافيا السياسية للطاقة.
عامل خلاف في العلاقات العابرة للأطلسي
يُطلق على نورد ستريم 2 في كثير من الأحيان اسم “خط أنابيب بوتين”، وأثار السخرية لوجود المستشار السابق غيرهارد شرودر في مجلس إدارة المشروع،
وكان من المفترض أن يضاعف شحنات الغاز الطبيعي إلى ألمانيا بحلول عام 2019، ثم 2020. إنه يمثل رهانا رئيسيا لبرلين في استراتيجيتها للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وفعلا، يمكن أن يؤدي احتراق الغاز الطبيعي نظريًا إلى تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في نهاية السلسلة بنسبة تصل إلى 50 بالمائة مقارنة بالفحم. ومع ذلك، فإن روسيا والولايات المتحدة في منافسة شرسة على إمدادات الغاز الأوروبية، بمساعدة حليفتيهما في محيط الاتحاد الأوروبي: الجزائر والنرويج.
سوقًا رئيسيًا لكل من موسكو وواشنطن، يشكل الأمن الطاقي الأوروبي، محور اهتمام خاص من قبل الكونغرس الامريكي. ويعتبر دوره أكثر حسماً في هذه المواضيع لأن 80 بالمائة من الغاز الروسي يأتي من المنطقة القطبية الشمالية، ورئيسة لجنة الطاقة في مجلس الشيوخ الأمريكي ليست سوى ليزا موركوفسكي، أول شخصية سياسية امريكية في القطب الشمالي منذ 10 سنوات، فهي تمثل الدولة الأمريكية، في منافسة مباشرة مع الغاز الروسي بخصوص الأسواق الآسيوية، في ألاسكا. وفي هذه الحالة، يُنظر إلى خطوط أنابيب نورد ستريم من جونو على أنها نذير للتحديات الاستراتيجية التي ستواجهها ألاسكا في المستقبل على واجهة المحيط الهادئ.
بشكل منتظم، يتم استحضار تعليق نورد ستريم 2 واستغلاله من قبل إدارة ترامب والكونغرس، وعلى سبيل المثال عند تسميم أليكسي نافالني (أغسطس 2020). ومنذ يونيو 2017، وتحت قيادة لجنة الطاقة، عبّر مجلس الشيوخ عن معارضته الصريحة للمشروع بالقانون لمواجهة النفوذ الروسي في أوروبا وأوراسيا، وحذا مجلس النواب حذوه في ديسمبر 2018. ومصادقة الكونغرس على عقوبات جديدة في 20 ديسمبر 2019 -كجزء من قانون لحماية أمن الطاقة في أوروبا، -أجبرت، على سبيل المثال، شركة السايس السويسرية الهولندية المتخصصة في هندسة خطوط أنابيب الغاز البحرية، على تعليق أنشطتها المتعلقة بـ نورد ستريم 2 في اليوم التالي.
اتبع دونالد ترامب، رغم علاقاته الشخصية الجيدة مع فلاديمير بوتين، نفس مسار العمل الذي اتبعه الكونغرس. ومتورطًا طوال الجزء الأول من ولايته في الفضيحة الروسية، انتقد مع ذلك أنجيلا ميركل في قمة الناتو، يوليو 2018، ووصفها بـ “أسيرة” روسيا!
وحول هذه النقطة، لا يشكل جو بايدن قطيعة مع سلفه، فهو سيتّبع خطاً معادياً لتطوير هذا المشروع ومناسباً لمصالحه، فالموضوع، يتمتع بإجماع نادر بين الديمقراطيين والجمهوريين. علاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذا الخط السياسي لا يقتصر على الملف الروسي، حيث يتم التعبير عن الخلاف بين برلين وواشنطن أيضًا بخصوص درجة الانفتاح على العلاقات التجارية بين ألمانيا والصين. وفي هذه اللعبة المتغيرة، لن يخفف رحيل دونالد ترامب إلا قليلاً العداء الأمريكي، من حيث المبدأ، لـ “ نورد ستريم 2”، وسيظل هذا الأخير نقطة احتكاك.
الأوروبيون بين الانقسام والمصالح الاقتصادية والمناخ
وراء نورد ستريم 2، فإن رهان موسكو هو الإبقاء على إيرادات الغاز في أوروبا. في حين يتعلق الأمر بالنسبة لواشنطن، يتعلق بتطوير ريع ناشئ، أصبح ممكنًا بفضل ظهور الغاز غير التقليدي في ظل رئاسة أوباما. وفي هذا السياق، تحت ستار “حماية أمن الطاقة الأوروبي”، من خلال تعزيز تنويع الإمدادات الأوروبية، فإن ملف حماية أمن الطاقة الأوروبي وملف نورد ستريم 2 على وجه الخصوص هما تجسيم لممارسة اقتصادية أمريكية تتجه حصريًا لحماية مصالحها الوطنية، ومقاومة، بطبيعة الحال، للتغيرات السياسية. قد يفشل بدء الريع الأمريكي... بسبب عدوانية موسكو تجاه برلين، بالتأكيد، ولكن خصوصا بسبب تطوير ناقل طاقة جديد: الهيدروجين منخفض الكربون. في الواقع، يهدف هذا التحول الطموح، الذي اتخذته برلين وبروكسل خلال السنوات الثلاث الماضية، إلى إعادة توزيع أوراق مشهد الطاقة في القارة العجوز.
سلّم هذا الملف منذ عام الى المفوضة الجديدة للطاقة، الإستونية الوسطية كادري سيمسون -خبيرة جيدة في الملف كوزيرة سابقة للشؤون الاقتصادية والبنية التحتية (2016-2019) لدولة تعتمد 100 بالمائة على الغاز الروسي. تم تجديده في المجلس الأوروبي في 10-11 ديسمبر، الهدف المعلن هو استعادة الاستقلال الطاقي على نطاق قاري بفضل الهيدروجين منخفض الكربون؛ مع تأثير كبير على نورد ستريم 2.
ظل انقسام الأوروبيين حول ملف نورد ستريم 2 ثابتًا منذ البداية. بالنسبة إلى معارضي المشروع، فهو يضعف جهود التنويع الأوروبية، ويزيد من نقاط الضعف في وسط وشرق أوروبا، فضلاً عن إصلاح قطاع الغاز في أوكرانيا. اما بالنسبة لمؤيديه، ولا سيما الشركات الأوروبية الخمس المشاركة في المشروع (إنجي و أو إم في وشال ويونيبر ووينترشال) ، بالإضافة إلى الحكومتين الألمانية والنمساوية ، فإن الأمن الطاقي في أوروبا، على العكس من ذلك، مدعوم بطريق إمداد إضافي ، مباشر، وأكثر أمانًا، من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي ، كما يخضع أيضًا للأسواق - في حين أن خط أنابيب الغاز يخلق بالضرورة علاقة تجارية وسياسية طويلة المدى، وواقع ارتهان متبادل بين الدولة المنتجة وزبونها.
نعم، في الوضع الحالي لقدرات الإنتاج والنقل، ترتهن موسكو لأوروبا، تمامًا كما ترتهن اليها أوروبا. وبدون منافذها الأوروبية، لن تتمكن روسيا من تطوير حقولها الضخمة في شبه جزيرتي يامال وجيدان -في قلب المنطقة القطبية الشمالية -حيث تنتج الدولة 80 بالمائة من غازها اليوم. نعم، بدأت برلين وبروكسل تحولًا نظيفا، والهدف ان تتم تلبية ربع (24 بالمائة) من الطلب الأوروبي على الطاقة بواسطة الهيدروجين عام 2050 – أي بالكاد دورتان استثماريتان. وفي هذا، للأوروبيين والروس وجهات نظر مختلفة حول التحول الطاقي: يشكل الميثاق الأخضر لمفوضية فون دير لاين فرصة فريدة للأوروبيين، بينما يعتبره الروس تهديدا لإيرادات التصدير الضرورية. إلا أن فلاديمير بوتين وميخائيل ميشوستين، يرافقان ويعدّان هذه الحركة بطريقتين.
أولاً، وضعوا روسيا على مسار تقليل اعتمادها على أوروبا، واحتضان ثورة الغاز الطبيعي المسال بالكامل، وهو أكثر مرونة للوصول إلى جميع الأسواق العالمية، وتطوير منافذ آسيوية جديدة.
مراهنة بشكل مباشر على استراتيجية شبيهة باستراتيجية واشنطن، تعمل موسكو منذ 2014 مع شركاء جدد آخرين قادرين على تمويل مشاريع عملاقة تشبه نورد ستريم 2 دون دولار أمريكي. وهكذا، يحاول الكرملين تنويع أسواقه عن طريق خطوط أنابيب جديدة مثل أنبوب قوة سيبيريا، الذي يربط الشرق الأقصى بالصين حصريًا. كما أنها تفعل ذلك باستخدام محطات تصدير ومراكز إعادة شحن وبنية تحتية تجمع بين النووي والمتجددة والهيدروجين، خاصة باتجاه شمال شرق آسيا، ولكن ليس حصريًا.
لذلك، يرتبط تطوير البنية التحتية لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا ارتباطًا وثيقًا بتطور الاعتبارات الأمنية والبيئية للجماهير العريضة على الجانب الأوروبي، بدءً من قضايا إزالة الكربون عن الاقتصادات، وتلوث بحر البلطيق، والإفراط في الاعتماد على روسيا، أو ببساطة، مزايا الذهاب لاستغلال الهيدروكربونات في القطب الشمالي ... هناك العديد من المراحل والمناقشات المحفوفة بالمخاطر بالنسبة لجذري نورد ستريم.
تم إطلاق الديناميكية المعتمدة على وجه الخصوص، حول التحول الطاقي في أوروبا بشكل جيد وحقيقي، وبخلاف منطق التنويع التكنولوجي الذي يمثله الهيدروجين، يتجه الغاز الطبيعي إلى التطور ليصبح الطاقة المحورية بين مجتمع الكربون ومجتمع محايد الكربون. وهكذا، فإن معركة إنهاء نورد ستريم 2 ستستمر بالضرورة حول تحالف مصالح، حول العلاقة بين الغاز الطبيعي + الهيدروجين + الطاقة المتجددة.
تشارك موسكو في هذه المناقشات، ولا سيما من خلال تمويل عمليات الضغط تجاه بروكسل ومجلس أوروبا والشارع العريض. ومع ذلك، لا يزال بإمكان الهيدروجين تغيير معادلة الطاقة بشكل فعال في العلاقات الأوروبية الروسية، وبشكل أكثر تحديدًا بالنسبة لنورد ستريم 2.
الهيدروجين لإنقاذ
نورد ستريم 2؟
بولندا، أحد اللاعبين الكبار الآخرين في نورد ستريم 2، تجد نفسها على مفترق طرق: دعمها القوي لدونالد ترامب، وهجماتها على دولة القانون منذ عدة سنوات (وكذلك حقوق المرأة) وتفضيل بولندا الفحم (على حساب مصادر الطاقة المتجددة) لا تبشر بعلاقات أفضل مع الإدارة الأمريكية الجديدة ... الا إذا قام حزب القانون والعدالة هنا أيضا بتحوّل نحو الهيدروجين. لم يعد هذا الاحتمال بلا أساس، كما يشير الى ذلك ابراز وارسو منذ عدة أشهر ميلها للهيدروجين منخفض الكربون المستند إلى الحفريات المسماة “الهيدروجين الأزرق” “إعادة تشكيل الفحم بالبخار مع عزل الكربون” مما يسمح –كما يعتقد في حزب القانون والعدالة-التوفيق على المدى الطويل بين الأنشطة المتعلقة بالفحم وأهداف المناخ.
أيضًا، قامت كل من الشركات الأوروبية الخمس المشاركة في نورد ستريم 2 ببناء استراتيجية التزام مهمة في قطاع الهيدروجين منخفض الكربون إلى حد ما. وتعتمد كل هذه المجموعات على الهيدروجين لتدعيم أنشطتها في مجال الغاز اليوم، ولكن خاصة لإدامتها بمرور الوقت، في النصف الثاني من القرن، عندما يكون حتى الغاز الطبيعي من أصل استخراجي شخصًا غير مرغوب فيه في أوروبا لصالح الهيدروجين منخفض الكربون ...
لجميع الأسباب المذكورة بإيجاز في هذه الورقة، يمكننا الاعتقاد أن الهيدروجين سيكون، في النهاية، أفضل خصم لـ نورد ستريم 2: من يقول إن انتقال الطاقة إلى الهيدروجين منخفض الكربون يعني بالضرورة وقف الغاز الطبيعي على الأقل بحلول عام 2050. ولكن، تطوير الهيدروجين لا يمكن أن يتم بالسرعة الكافية حتى يتم التخلي عن نورد ستريم 2. فحتى لو كانت استراتيجيات الهيدروجين في الدول السبع والعشرين طموحة، وحتى لو نشرت روسيا استراتيجياتها الخاصة قريبًا، فلن يكون هذا كافياً لمواجهة تحديات إزالة الكربون في العشرينات من القرن الحالي، والتي يتيح لها الانتقال إلى الغاز الطبيعي تقديم، بشكل ملموس وفوري، جزء مهمّا من الحل، دون أن يكون الحل الأمثل. في الواقع، بالنسبة لكل من برلين وموسكو، يجب أن يُنجز نورد ستريم 2... ويمكن للهيدروجين، عمليا، المساعدة في تحقيق ذلك!
في الوقت الذي يصرح فيه مستشار المناخ للرئيس فلاديمير بوتين ، رسلان إديليجريف، أنه يجب تعريف “أي مشروع له مساهمة إيجابية في البيئة” على أنه مستبعد من العقوبات ؛ تعمل غازبروم على تطوير قدرات حقن مزيج الغاز الطبيعي والهيدروجين لخطوط أنابيب الغاز إلى أوروبا وبشكل أساسي نورد ستريم 2 ؛ أو، بينما تقوم ألمانيا ، على المستوى الفيدرالي وكذلك على مستوى المقاطعات بتطوير أنظمة وصناديق خاصة ضد التغيّر المناخي لتبرير مزايا الاستثمارات المحلية والأجنبية في المناخ حتى في البلدان “الصعبة”، والتحايل على أنظمة العقوبات الدولية القائمة باسم الحفاظ على البيئة ... في هذا السياق الثلاثي ، هل يمكن لإدارة بايدن أن تصر بأنه لا يزال يتعين معاقبة نورد ستريم 2 إذا أصبح مشروعًا “مفيدًا لـ الكوكب والمناخ “؟
لجعل نورد ستريم 2 مشروعًا “مفيدًا للمناخ” رغم أن الغاز الطبيعي هو وقود أحفوري، يجب إخراج نورد ستريم 2 من فئة “مشاريع الغاز الطبيعي” الخاضعة للعقوبات. هذا هو الدور على المدى القصير للهيدروجين: عن طريق إضافة بُعد هيدروجيني جديد إلى نورد ستريم 2-أي عن طريق بناء منشآت هيدروجين منخفض الكربون مستقبلية مرتبطة بـ نورد ستريم 2، والتخطيط للنقل في خط الأنابيب ليس الغاز الطبيعي وحده بل مزيج الغاز الطبيعي + الهيدروجين –فان هذا من شأنه أن يغير طبيعة المشروع، بما ان الهيدروجين لا يخضع لأي عقوبات أمريكية أو أوروبية في هذه المرحلة...
في الواقع، بات نورد ستريم 2 في طريقه الى ان يصبح حالة تدرّس لكيفية نظر قطاعي الغاز الروسي والأوروبي إلى الغاز الطبيعي والهيدروجين على أنهما يتكاملان في الزمن والتطبيقات.
وهكذا، فإن إضافة الهيدروجين منخفض الكربون إلى أنظمة الغاز، هو اليوم مدفوع إلى حد كبير من طرف عمالقة إنتاج الغاز الطبيعي و - أو نقله. ان الرهان هو استخدام الهيدروجين منخفض الكربون لسحب البساط من تحت أي شخص يقول إن مشاريع الغاز لا تفي بأهداف اتفاقية باريس للمناخ، ومحاولة تغيير طبيعة بعض المشاريع المقيدة بالعقوبات.
باختصار، تعمل كل من ألمانيا وروسيا على تطوير اليات للالتفاف على العقوبات الأمريكية بحجة مكافحة الاحتباس الحراري. وسيكون هذا الموضوع بالضرورة في قلب سياسة ودبلوماسية إدارة بايدن حيث يصعب رؤية جو بايدن وجون كيري يقولان نعم لجميع المشاريع الإيجابية للمناخ في العالم باستثناء في روسيا…
إن موسكو وبرلين تقومان بتعديل نورد ستريم 2 لجعله متوافقا مع أهداف السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية الجديدة. لم يتغير المشروع في حد ذاته إلا قليلاً ليشكل معضلة سياسية لإدارة بايدن: هل يجب أن تستمر في معاقبة روسيا إذا كانت هذه الأخيرة تساهم -نظريا -في مصلحة الكوكب، من خلال تصدير الهيدروجين لحريفها الرئيسي؟ نعم، إنها مفارقة، ولكن ... نعم، يمكن لبرلين وموسكو أن تنجحا، وربما حتى بدعم غير متوقع من وارسو، وكل ذلك تحت عين بروكسل الساهرة.
-- بدون منافذها الأوروبية، لن تتمكن روسيا من تطوير حقولها الضخمة في شبه جزيرتي يامال وجيدان
-- تعمل ألمانيا وروسيا على تطوير آليات للالتفاف على العقوبات الأمريكية بحجة مكافحة الاحتباس الحراري
-- يمكن الاعتقاد أن الهيدروجين سيكون، في النهايـة، أفضـل خصم لـ «نورد سـتريم 2»
-- الهيدروجين منخفض الكربون محاولة لإعادة توزيع أوراق مشهد الطاقة في القارة العجوز
-- يحاول الكرملين تنويع أسواقه عن طريق خطوط أنابيب جديدة مثل أنبوب قوة سيبيريا
أين نحن من إنجاز خط أنابيب الغاز نورد ستريم؟ تم تنفيذ المشروع الأول بين 2005 و2011 ودخل الخدمة الفعلية منذ عام 2012. والآن المشروع الثاني، نورد ستريم 2 ، وهو أيضا يحظى بمساندة أنجيلا ميركل ، يخضع استكماله للعديد من التعقيدات. بطول 1230 كم، لم يكتمل انجاز حوالي 10 بالمائة منه. وبدون هذه الكيلومترات الأخيرة، سيكون من المستحيل نقل الـ 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المبرمجة: سيناريو مظلم لهذا الموقع الذي تقدر كلفته الإجمالية بـ 10 مليار يورو -يجب أن يضاف إليها 7.2 مليار يورو من البنية التحتية ذات الصلة لربط خط أنابيب الغاز البحري بالأسواق الأوروبية المستهدفة. ويعتبر “نورد ستريم 2” أحد مشاريع البنية التحتية الكبرى، ويقع على مفترق طرق الإشكاليات الاقتصادية والجيوسياسية والمناخية. إنه موضوع خلاف مستمر بين الشركاء عبر المحيط الأطلسي، ونقاش حاد في أوروبا، ويوضح التأثير المتزايد للهيدروجين في الجغرافيا السياسية للطاقة.
عامل خلاف في العلاقات العابرة للأطلسي
يُطلق على نورد ستريم 2 في كثير من الأحيان اسم “خط أنابيب بوتين”، وأثار السخرية لوجود المستشار السابق غيرهارد شرودر في مجلس إدارة المشروع،
وكان من المفترض أن يضاعف شحنات الغاز الطبيعي إلى ألمانيا بحلول عام 2019، ثم 2020. إنه يمثل رهانا رئيسيا لبرلين في استراتيجيتها للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وفعلا، يمكن أن يؤدي احتراق الغاز الطبيعي نظريًا إلى تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في نهاية السلسلة بنسبة تصل إلى 50 بالمائة مقارنة بالفحم. ومع ذلك، فإن روسيا والولايات المتحدة في منافسة شرسة على إمدادات الغاز الأوروبية، بمساعدة حليفتيهما في محيط الاتحاد الأوروبي: الجزائر والنرويج.
سوقًا رئيسيًا لكل من موسكو وواشنطن، يشكل الأمن الطاقي الأوروبي، محور اهتمام خاص من قبل الكونغرس الامريكي. ويعتبر دوره أكثر حسماً في هذه المواضيع لأن 80 بالمائة من الغاز الروسي يأتي من المنطقة القطبية الشمالية، ورئيسة لجنة الطاقة في مجلس الشيوخ الأمريكي ليست سوى ليزا موركوفسكي، أول شخصية سياسية امريكية في القطب الشمالي منذ 10 سنوات، فهي تمثل الدولة الأمريكية، في منافسة مباشرة مع الغاز الروسي بخصوص الأسواق الآسيوية، في ألاسكا. وفي هذه الحالة، يُنظر إلى خطوط أنابيب نورد ستريم من جونو على أنها نذير للتحديات الاستراتيجية التي ستواجهها ألاسكا في المستقبل على واجهة المحيط الهادئ.
بشكل منتظم، يتم استحضار تعليق نورد ستريم 2 واستغلاله من قبل إدارة ترامب والكونغرس، وعلى سبيل المثال عند تسميم أليكسي نافالني (أغسطس 2020). ومنذ يونيو 2017، وتحت قيادة لجنة الطاقة، عبّر مجلس الشيوخ عن معارضته الصريحة للمشروع بالقانون لمواجهة النفوذ الروسي في أوروبا وأوراسيا، وحذا مجلس النواب حذوه في ديسمبر 2018. ومصادقة الكونغرس على عقوبات جديدة في 20 ديسمبر 2019 -كجزء من قانون لحماية أمن الطاقة في أوروبا، -أجبرت، على سبيل المثال، شركة السايس السويسرية الهولندية المتخصصة في هندسة خطوط أنابيب الغاز البحرية، على تعليق أنشطتها المتعلقة بـ نورد ستريم 2 في اليوم التالي.
اتبع دونالد ترامب، رغم علاقاته الشخصية الجيدة مع فلاديمير بوتين، نفس مسار العمل الذي اتبعه الكونغرس. ومتورطًا طوال الجزء الأول من ولايته في الفضيحة الروسية، انتقد مع ذلك أنجيلا ميركل في قمة الناتو، يوليو 2018، ووصفها بـ “أسيرة” روسيا!
وحول هذه النقطة، لا يشكل جو بايدن قطيعة مع سلفه، فهو سيتّبع خطاً معادياً لتطوير هذا المشروع ومناسباً لمصالحه، فالموضوع، يتمتع بإجماع نادر بين الديمقراطيين والجمهوريين. علاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذا الخط السياسي لا يقتصر على الملف الروسي، حيث يتم التعبير عن الخلاف بين برلين وواشنطن أيضًا بخصوص درجة الانفتاح على العلاقات التجارية بين ألمانيا والصين. وفي هذه اللعبة المتغيرة، لن يخفف رحيل دونالد ترامب إلا قليلاً العداء الأمريكي، من حيث المبدأ، لـ “ نورد ستريم 2”، وسيظل هذا الأخير نقطة احتكاك.
الأوروبيون بين الانقسام والمصالح الاقتصادية والمناخ
وراء نورد ستريم 2، فإن رهان موسكو هو الإبقاء على إيرادات الغاز في أوروبا. في حين يتعلق الأمر بالنسبة لواشنطن، يتعلق بتطوير ريع ناشئ، أصبح ممكنًا بفضل ظهور الغاز غير التقليدي في ظل رئاسة أوباما. وفي هذا السياق، تحت ستار “حماية أمن الطاقة الأوروبي”، من خلال تعزيز تنويع الإمدادات الأوروبية، فإن ملف حماية أمن الطاقة الأوروبي وملف نورد ستريم 2 على وجه الخصوص هما تجسيم لممارسة اقتصادية أمريكية تتجه حصريًا لحماية مصالحها الوطنية، ومقاومة، بطبيعة الحال، للتغيرات السياسية. قد يفشل بدء الريع الأمريكي... بسبب عدوانية موسكو تجاه برلين، بالتأكيد، ولكن خصوصا بسبب تطوير ناقل طاقة جديد: الهيدروجين منخفض الكربون. في الواقع، يهدف هذا التحول الطموح، الذي اتخذته برلين وبروكسل خلال السنوات الثلاث الماضية، إلى إعادة توزيع أوراق مشهد الطاقة في القارة العجوز.
سلّم هذا الملف منذ عام الى المفوضة الجديدة للطاقة، الإستونية الوسطية كادري سيمسون -خبيرة جيدة في الملف كوزيرة سابقة للشؤون الاقتصادية والبنية التحتية (2016-2019) لدولة تعتمد 100 بالمائة على الغاز الروسي. تم تجديده في المجلس الأوروبي في 10-11 ديسمبر، الهدف المعلن هو استعادة الاستقلال الطاقي على نطاق قاري بفضل الهيدروجين منخفض الكربون؛ مع تأثير كبير على نورد ستريم 2.
ظل انقسام الأوروبيين حول ملف نورد ستريم 2 ثابتًا منذ البداية. بالنسبة إلى معارضي المشروع، فهو يضعف جهود التنويع الأوروبية، ويزيد من نقاط الضعف في وسط وشرق أوروبا، فضلاً عن إصلاح قطاع الغاز في أوكرانيا. اما بالنسبة لمؤيديه، ولا سيما الشركات الأوروبية الخمس المشاركة في المشروع (إنجي و أو إم في وشال ويونيبر ووينترشال) ، بالإضافة إلى الحكومتين الألمانية والنمساوية ، فإن الأمن الطاقي في أوروبا، على العكس من ذلك، مدعوم بطريق إمداد إضافي ، مباشر، وأكثر أمانًا، من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي ، كما يخضع أيضًا للأسواق - في حين أن خط أنابيب الغاز يخلق بالضرورة علاقة تجارية وسياسية طويلة المدى، وواقع ارتهان متبادل بين الدولة المنتجة وزبونها.
نعم، في الوضع الحالي لقدرات الإنتاج والنقل، ترتهن موسكو لأوروبا، تمامًا كما ترتهن اليها أوروبا. وبدون منافذها الأوروبية، لن تتمكن روسيا من تطوير حقولها الضخمة في شبه جزيرتي يامال وجيدان -في قلب المنطقة القطبية الشمالية -حيث تنتج الدولة 80 بالمائة من غازها اليوم. نعم، بدأت برلين وبروكسل تحولًا نظيفا، والهدف ان تتم تلبية ربع (24 بالمائة) من الطلب الأوروبي على الطاقة بواسطة الهيدروجين عام 2050 – أي بالكاد دورتان استثماريتان. وفي هذا، للأوروبيين والروس وجهات نظر مختلفة حول التحول الطاقي: يشكل الميثاق الأخضر لمفوضية فون دير لاين فرصة فريدة للأوروبيين، بينما يعتبره الروس تهديدا لإيرادات التصدير الضرورية. إلا أن فلاديمير بوتين وميخائيل ميشوستين، يرافقان ويعدّان هذه الحركة بطريقتين.
أولاً، وضعوا روسيا على مسار تقليل اعتمادها على أوروبا، واحتضان ثورة الغاز الطبيعي المسال بالكامل، وهو أكثر مرونة للوصول إلى جميع الأسواق العالمية، وتطوير منافذ آسيوية جديدة.
مراهنة بشكل مباشر على استراتيجية شبيهة باستراتيجية واشنطن، تعمل موسكو منذ 2014 مع شركاء جدد آخرين قادرين على تمويل مشاريع عملاقة تشبه نورد ستريم 2 دون دولار أمريكي. وهكذا، يحاول الكرملين تنويع أسواقه عن طريق خطوط أنابيب جديدة مثل أنبوب قوة سيبيريا، الذي يربط الشرق الأقصى بالصين حصريًا. كما أنها تفعل ذلك باستخدام محطات تصدير ومراكز إعادة شحن وبنية تحتية تجمع بين النووي والمتجددة والهيدروجين، خاصة باتجاه شمال شرق آسيا، ولكن ليس حصريًا.
لذلك، يرتبط تطوير البنية التحتية لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا ارتباطًا وثيقًا بتطور الاعتبارات الأمنية والبيئية للجماهير العريضة على الجانب الأوروبي، بدءً من قضايا إزالة الكربون عن الاقتصادات، وتلوث بحر البلطيق، والإفراط في الاعتماد على روسيا، أو ببساطة، مزايا الذهاب لاستغلال الهيدروكربونات في القطب الشمالي ... هناك العديد من المراحل والمناقشات المحفوفة بالمخاطر بالنسبة لجذري نورد ستريم.
تم إطلاق الديناميكية المعتمدة على وجه الخصوص، حول التحول الطاقي في أوروبا بشكل جيد وحقيقي، وبخلاف منطق التنويع التكنولوجي الذي يمثله الهيدروجين، يتجه الغاز الطبيعي إلى التطور ليصبح الطاقة المحورية بين مجتمع الكربون ومجتمع محايد الكربون. وهكذا، فإن معركة إنهاء نورد ستريم 2 ستستمر بالضرورة حول تحالف مصالح، حول العلاقة بين الغاز الطبيعي + الهيدروجين + الطاقة المتجددة.
تشارك موسكو في هذه المناقشات، ولا سيما من خلال تمويل عمليات الضغط تجاه بروكسل ومجلس أوروبا والشارع العريض. ومع ذلك، لا يزال بإمكان الهيدروجين تغيير معادلة الطاقة بشكل فعال في العلاقات الأوروبية الروسية، وبشكل أكثر تحديدًا بالنسبة لنورد ستريم 2.
الهيدروجين لإنقاذ
نورد ستريم 2؟
بولندا، أحد اللاعبين الكبار الآخرين في نورد ستريم 2، تجد نفسها على مفترق طرق: دعمها القوي لدونالد ترامب، وهجماتها على دولة القانون منذ عدة سنوات (وكذلك حقوق المرأة) وتفضيل بولندا الفحم (على حساب مصادر الطاقة المتجددة) لا تبشر بعلاقات أفضل مع الإدارة الأمريكية الجديدة ... الا إذا قام حزب القانون والعدالة هنا أيضا بتحوّل نحو الهيدروجين. لم يعد هذا الاحتمال بلا أساس، كما يشير الى ذلك ابراز وارسو منذ عدة أشهر ميلها للهيدروجين منخفض الكربون المستند إلى الحفريات المسماة “الهيدروجين الأزرق” “إعادة تشكيل الفحم بالبخار مع عزل الكربون” مما يسمح –كما يعتقد في حزب القانون والعدالة-التوفيق على المدى الطويل بين الأنشطة المتعلقة بالفحم وأهداف المناخ.
أيضًا، قامت كل من الشركات الأوروبية الخمس المشاركة في نورد ستريم 2 ببناء استراتيجية التزام مهمة في قطاع الهيدروجين منخفض الكربون إلى حد ما. وتعتمد كل هذه المجموعات على الهيدروجين لتدعيم أنشطتها في مجال الغاز اليوم، ولكن خاصة لإدامتها بمرور الوقت، في النصف الثاني من القرن، عندما يكون حتى الغاز الطبيعي من أصل استخراجي شخصًا غير مرغوب فيه في أوروبا لصالح الهيدروجين منخفض الكربون ...
لجميع الأسباب المذكورة بإيجاز في هذه الورقة، يمكننا الاعتقاد أن الهيدروجين سيكون، في النهاية، أفضل خصم لـ نورد ستريم 2: من يقول إن انتقال الطاقة إلى الهيدروجين منخفض الكربون يعني بالضرورة وقف الغاز الطبيعي على الأقل بحلول عام 2050. ولكن، تطوير الهيدروجين لا يمكن أن يتم بالسرعة الكافية حتى يتم التخلي عن نورد ستريم 2. فحتى لو كانت استراتيجيات الهيدروجين في الدول السبع والعشرين طموحة، وحتى لو نشرت روسيا استراتيجياتها الخاصة قريبًا، فلن يكون هذا كافياً لمواجهة تحديات إزالة الكربون في العشرينات من القرن الحالي، والتي يتيح لها الانتقال إلى الغاز الطبيعي تقديم، بشكل ملموس وفوري، جزء مهمّا من الحل، دون أن يكون الحل الأمثل. في الواقع، بالنسبة لكل من برلين وموسكو، يجب أن يُنجز نورد ستريم 2... ويمكن للهيدروجين، عمليا، المساعدة في تحقيق ذلك!
في الوقت الذي يصرح فيه مستشار المناخ للرئيس فلاديمير بوتين ، رسلان إديليجريف، أنه يجب تعريف “أي مشروع له مساهمة إيجابية في البيئة” على أنه مستبعد من العقوبات ؛ تعمل غازبروم على تطوير قدرات حقن مزيج الغاز الطبيعي والهيدروجين لخطوط أنابيب الغاز إلى أوروبا وبشكل أساسي نورد ستريم 2 ؛ أو، بينما تقوم ألمانيا ، على المستوى الفيدرالي وكذلك على مستوى المقاطعات بتطوير أنظمة وصناديق خاصة ضد التغيّر المناخي لتبرير مزايا الاستثمارات المحلية والأجنبية في المناخ حتى في البلدان “الصعبة”، والتحايل على أنظمة العقوبات الدولية القائمة باسم الحفاظ على البيئة ... في هذا السياق الثلاثي ، هل يمكن لإدارة بايدن أن تصر بأنه لا يزال يتعين معاقبة نورد ستريم 2 إذا أصبح مشروعًا “مفيدًا لـ الكوكب والمناخ “؟
لجعل نورد ستريم 2 مشروعًا “مفيدًا للمناخ” رغم أن الغاز الطبيعي هو وقود أحفوري، يجب إخراج نورد ستريم 2 من فئة “مشاريع الغاز الطبيعي” الخاضعة للعقوبات. هذا هو الدور على المدى القصير للهيدروجين: عن طريق إضافة بُعد هيدروجيني جديد إلى نورد ستريم 2-أي عن طريق بناء منشآت هيدروجين منخفض الكربون مستقبلية مرتبطة بـ نورد ستريم 2، والتخطيط للنقل في خط الأنابيب ليس الغاز الطبيعي وحده بل مزيج الغاز الطبيعي + الهيدروجين –فان هذا من شأنه أن يغير طبيعة المشروع، بما ان الهيدروجين لا يخضع لأي عقوبات أمريكية أو أوروبية في هذه المرحلة...
في الواقع، بات نورد ستريم 2 في طريقه الى ان يصبح حالة تدرّس لكيفية نظر قطاعي الغاز الروسي والأوروبي إلى الغاز الطبيعي والهيدروجين على أنهما يتكاملان في الزمن والتطبيقات.
وهكذا، فإن إضافة الهيدروجين منخفض الكربون إلى أنظمة الغاز، هو اليوم مدفوع إلى حد كبير من طرف عمالقة إنتاج الغاز الطبيعي و - أو نقله. ان الرهان هو استخدام الهيدروجين منخفض الكربون لسحب البساط من تحت أي شخص يقول إن مشاريع الغاز لا تفي بأهداف اتفاقية باريس للمناخ، ومحاولة تغيير طبيعة بعض المشاريع المقيدة بالعقوبات.
باختصار، تعمل كل من ألمانيا وروسيا على تطوير اليات للالتفاف على العقوبات الأمريكية بحجة مكافحة الاحتباس الحراري. وسيكون هذا الموضوع بالضرورة في قلب سياسة ودبلوماسية إدارة بايدن حيث يصعب رؤية جو بايدن وجون كيري يقولان نعم لجميع المشاريع الإيجابية للمناخ في العالم باستثناء في روسيا…
إن موسكو وبرلين تقومان بتعديل نورد ستريم 2 لجعله متوافقا مع أهداف السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية الجديدة. لم يتغير المشروع في حد ذاته إلا قليلاً ليشكل معضلة سياسية لإدارة بايدن: هل يجب أن تستمر في معاقبة روسيا إذا كانت هذه الأخيرة تساهم -نظريا -في مصلحة الكوكب، من خلال تصدير الهيدروجين لحريفها الرئيسي؟ نعم، إنها مفارقة، ولكن ... نعم، يمكن لبرلين وموسكو أن تنجحا، وربما حتى بدعم غير متوقع من وارسو، وكل ذلك تحت عين بروكسل الساهرة.