عمد الناتو إلى ضم 14 دولة إلى عضويته بما يصل إلى حدود روسيا في البلطيق
نيوزويك: 3 نظريات مضلّلة مهّدت لإشعال الحرب الأوكرانية منذ 33 عاماً
يعتمد الدعم الشعبي للحرب التي يخوضها حلف الناتو بالوكالة في أوكرانيا على 3 فرضيات مكررة، وهي أن الغزو الروسي كان غير متوقع، وأن أوكرانيا دولة موحدة وديموقراطية، وأنها ستربح الحرب.
ولكن مايكل غفويلر وديفيد إتش. روندال كتبا في مجلة نيوزويك الأمريكية، إنه بالإستناد إلى معلومات عامة متوافرة، يتضح أن هذه الفرضيات الثلاث معيبة. ومع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب، يتساءلان لماذا أضحت هذه الآراء مضللة على نحوٍ خطيرٍ؟.
ويتفق المراقبون المطلعون على أنه مع اقتراب الحرب الباردة من نهايتها، طمأنت القوى الغربية الاتحاد السوفيتي إلى أن الناتو لن يتمدد إلى أوروبا الشرقية، وعلى أن هذا الوعد قد تم النكث به. في فبراير (شباط) 1990، اجتمع وزير الخارجية الأمريكي وقتها جيمس بايكر مع الزعيم السوفيتي الراحل ميخائيل غورباتشوف لمناقشة إعادة توحيد ألمانيا، معتبراً أن “تمدد الناتو لن يكون مقبولاً” ورد بايكر بـ”إننا نوافق على ذلك».
ويقول مراقبون آخرون إن الزعماء الروس وبينهم غورباتشوف وبوريس يلتسين وفلاديمير بوتين أعربوا عن اهتمامهم بالإنضمام إلى الناتو، لكن تم تجاهلهم. وفي ديسمبر(كانون الأول) 1991، كتب يلتسين إلى وزراء الخارجية لدول الناتو، معرباً عن أمله بأن يكون في مقدور روسيا في يومٍ من الأيام أن تكون عضواً في هذا الحلف. وبعيد وصوله إلى السلطة في عام 2000، سأل بوتين الأمين العام للناتو وقتذاك جورج روبرتسون: “متى ستوجه لنا الدعوة للانضمام إلى الناتو؟” وكان الجواب رفضاً مطلقاً.
وعمد الناتو إلى ضم 14 دولة إلى عضويته، بما يصل إلى حدود روسيا في البلطيق. وصحيح، أنه كان هناك في روسيا من يريد علاقات وطيدة مع أوروبا، بما في ذلك الحصول على عضوية الناتو. ومع ذلك، فإن روسيا لم تغز أوكرانيا فقط لأن أمريكا وافقت على الدفاع عن ألبانيا أو لأن الحلف رفض طلبات الانضمام الروسية الغامضة. إن ما جعل روسيا تتنبه بهذه الحدة وأن تعمد إلى التحرك عسكرياً، كان الجهد الصريح لإبعاد أوكرانيا عن فلك موسكو وضمها إلى الناتو.
ويلفت الكاتبان إلى أن القلق الروسي قديم وتفهمه واشنطن بدقة. إن سفراءنا هم الأشخاص المؤهلين لفهم وتحليل وشرح دوافع ونوايا الحكومات الأجنبية. وعلى مدى ثلاثة أجيال، أطلق السفراء الأمريكيون لدى موسكو تحذيرات دائمة ضد توسيع الناتو نحو دائرة النفوذ الروسي التقليدي.
التحق السفير جورج كينان بالعمل الديبلوماسي عام 1925. وتولى منصب السفير الأمريكي لدى موسكو إبان ولاية هاري ترومان وهو مهندس سياسة “الاحتواء” التي أدت إلى إنهاء الحرب الباردة. وكتب في عام 1948 أن “ما من حكومة روسية ستقبل باستقلال أوكرانيا”، وبأن أي محاولة لتأسيس دولة أوكرانية مستقلة “ستكون مصطنعة ومدمرة».
خطأ مأسوي
وقال كينان للكاتب في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس فريدمان عام 1998، بعدما كان الناتو قد بدأ التوسع شرقاً: “أعتقد أن الروس سيردون تدريجياً وعلى نحو مختلف.. إنه خطأ مأسوي”. واعتبر أن من الخطأ تخيير الدول الشيوعية السابقة بين الناتو وروسيا. وفي رسالة إلى وزارة الخارجية، كتب كينان: “لا مكان ستترتب عليه نتائج خطيرة أكثر من أوكرانيا».
وقال جاك مالتوك، الذي عينه رونالد ريغان سفيراً في موسكو، في شهادة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي إبان ولاية بيل كلينتون: “أعتقد أن توصية الإدارة بضم أعضاء جدد إلى الناتو في هذا الوقت عمل مضلل. وإذا ما صادق عليه مجلس الشيوخ الأمريكي، فإن التاريخ قد يذكره كأسوأ خطأ استراتيجي منذ نهاية الحرب الباردة. وقد يشجع على سلسلة من التهديدات الأمنية لهذه الأمة، قد تكون الأخطر منذ انهيار الاتحاد السوفيتي». وكان الأكثر تميزاً هو وليام بيرنز الذي خدم سفيراً لدى موسكو إبان ولايتي جورج دبليو. بوش وباراك أوباما ويتولى الآن منصب مدير وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية. وسبق أن نصح “بأن توسيع الناتو، خصوصاً نحو أوكرانيا، يبقى مسألة عاطفية وعصبية بالنسبة لروسيا. كما أن الاعتبارات الاستراتيجية تنطوي على معارضة قوية لضم الناتو لكل من أوكرانيا وجورجيا. وفيما يتعلق بأوكرانيا فإن هذه الهواجس تتضمن الخوف من تقسيم البلاد إلى دولتين، وأن تؤدي إلى العنف، أو حتى كما يزعم البعض إلى حرب أهلية، مما سيرغم روسيا على التفكير بالتدخل».
أوكرانيا محايدة
ووصولاً إلى الحرب الحالية في 24 فبراير (شباط)، كانت القوى الغربية ترفض الدعوة الروسية إلى أوكرانيا محايدة. وعوض ذلك، كان الناتو يقول مراراً وتكراراً إن من حق أوكرانيا الانضمام إلى الناتو، وانخرط الحلف في تقديم مساعدة أمنية واسعة لها وفي مشاركة كييف بمعلوماته الإستخباراتية. إن شَرْحَ دوافع بوتين لا تبرر أفعاله. ويبقى أنه من دون تفهم واضح للأسباب التي حدت بروسيا إلى غزو أوكرانيا، فإن ثمة أملاً ضئيلاً في التوصل إلى نهاية تفاوضية لهذا النزاع.