رئيس الدولة يبحث مع الرئيس الفرنسي مسار العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلدين
نيوزويك: المنتصر في باخموت يربح الحرب
سلطت الكاتبة إيزابيل فان بروغن الضوء على الأسباب التي تجعل من باخموت بهذه الأهمية الكبرى في المعارك الدائرة في الشرق الأوكراني، قائلة إنه في الوقت الذي يقترب الهجوم الروسي الشامل على أوكرانيا من سنته الأولى، تبقى هذه المدينة الصناعية الصغيرة واحدة من أكثر المعارك ضراوة في الحرب. وتنخرط القوات الروسية والأوكرانية في اشتباكات عنيفة في المنطقة منذ يوليو(تموز)، بينما تسعى موسكو يائسة إلى إحراز أول إنتصار رئيسي لها في الميدان، منذ صيف 2022. وتركز القوات الروسية جهودها للسيطرة على منطقتي دونيتسك ولوغانسك اللتين تشكلان معاً إقليم الدونباس- وهذا هدف من أهداف الحرب بحسب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكانت المعركة على باخموت مكلفة بحسب “نيوزويك”.
ومع القتال العنيف في أشهر الصيف والإشتباكات التي تصاعدت حدتها مؤخراً بين القوات الروسية والأوكرانية حول باخموت وقرب بلدة سوليدار الغنية بمناجم الملح، فإن أعداد الإصابات في صفوف القوات الأوكرانية منذ بدء الغزو الروسي قبل نحو سنة، بلغت مئة ألف قتيل وجريح على الأقل على الأرجح. وعلى رغم أن عدد الضحايا في باخموت غير معروف، فإن ضابطاً أوكرانياً رفيع المستوى زعم في ديسمبر(كانون الأول) أن ما بين 50 و100 جندي روسي يقتلون يومياً في المعركة من أجل السيطرة على المدينة.
وباخموت التي كان يقطنها قبل الحرب 70 ألف شخص لا تشبه ما كانت عليه. ووفق صحيفة “أوكرانيسكا برافدا”، فإن 90 في المئة من سكانها قد هجروها، بينما يتعرض بضعة آلاف ممن اختاروا البقاء فيها، للنيران يومياً. وتدل الصور والتسجيلات الواردة من الجبهة على أن الاشتباكات بين أوكرانيا وروسيا قد تحولت إلى حرب خنادق تذكر بالحرب العالمية الأولى.
وسبق للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن وصف الوضع على الجبهة بأنه “صعب جداً”، لكن حتى الآن، أخفقت موسكو في تحقيق تقدم استراتيجي حول المدينة. وباتت المدينة رمزاً للمقاومة الأوكرانية. وصار شعار “باخموت صامدة” بمثابة صرخة وطنية للجنود الأوكرانيين وداعميهم وحتى لزيلينسكي. ولذلك، فإن منع سقوطها سيكون أمراً أساسياً بالنسبة لمعنويات للقوات الأوكرانية بينما تستمر الحرب. ويقول العديد من المحللين إن باخموت بحد ذاتها ليست لها قيمة استراتيجية، لكن روسيا تعتقد مع ذلك أن في إمكانها إستخدام المدينة كمنصة للإتجاه نحو الاستيلاء على كامل إقليم الدونباس، أحد الأهداف المعلنة لبوتين منذ شنه الحرب في فبراير(شباط) من العام الماضي. ويقول مسؤولون أوكرانيون إن موسكو تهدف إلى الاستيلاء على دونيتسك ولوغانسك بحلول الربيع.
وأبلغ مستشار وزير الداخلية الأوكراني أنطون غيراشنكو إلى “نيوزويك” الجمعة، أن باخموت “هي جدار حي يتيح لنا إعداد قواتنا من أجل طرد الاحتلال” مما يعني أن الدفاع الناجح عن المدينة من الممكن أن يضع الأوكرانيين في موقع يؤهلهم شن هجوم معاكس. وأضاف أن الجيش الروسي قد خسر أعداداً هائلة من الناس والمعدات في هذا الإتجاه. إنهم يحاولون الإستيلاء على باخموت منذ أشهر، لكن من دون جدوى”. ولفت إلى أن باخموت تمثل للروس “قيمة رمزية كبيرة”، و”الوضع هناك هو الأكثر تعقيداً في هذه اللحظة، لكن مدافعينا يقفون بقوة وينفذون مهامهم».
وفي حال استولت على باخموت، تكون روسيا قد حققت أول انتصار رئيسي لها منذ صيف 2022. وقال خبراء إن هذا ما تسعى القوات الروسية التقليدية ومجموعة فاغنر العسكرية التي يقودها يفغيني بريغوجين إلى تحقيقه، علماً بأنهما ويخوضان تنافساً في ما بينهما. وصرح محلل المخاطر أليكس كوكاتشاروف الذي يتخذ لندن مقراً له إن “سقوط باخموت محدود من الناحية الإستراتيجية، لكنه ذا قيمة رمزية عالية، وسيعتبره بوتين نصراً رئيسياً، في مواجهة الانتقادات الروسية للطريقة التي تدار بها الحرب، بينما لزيلينسكي فأن المسألة هي بمثابة انتكاسة محبطة للمعنويات”. وأضاف أن باخموت ترتبط بها أعداد كبيرة من الجنود الروس في منطقة صغيرة، مما يمنع انتشارهم في أماكن أخرى. ورأى أن سقوطها يخدم الهدف النهائي لروسيا بالسيطرة على الدونباس.
واعتبر أنه “إذا ما نجح الروس في السيطرة على باخموت، فإن من المحتمل أن تتحرك الجبهات إلى مناطق قريبة من مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك، مما يشكل مزيداً من التهديد للمواقع الأوكرانية في الجزء الشمالي من منطقة دونيتسك».
ويقول النائب الأول للمندوب الروسي الدائم إلى الأمم المتحدة ديميتري بوليانسكي إن من المستحيل تحقيق أهداف بلاده من وراء الحرب إلا إذا تم الإستيلاء على باخموت. ويضيف: “ليست مدينة سهلة. إنها مدينة يوجد فيها أنفاق وتحصينات تحت الأرض...ولذلك هناك صعوبة في الإستيلاء عليها، لكنني متأكد من أننا سننجح».
أما زيلينسكي فيقول “إن الوضع ليس سهلاً على جنودنا في الشرق، ولهذا السبب يسمونها حصن باخموت».