المرشحون الجمهوريون يأملون تحقيق معجزاتهم الخاصة
نيوهامبشير.. «أم المعارك» لمنافسي الرئيس السابق ترامب
إنها الولاية التي يأتي إليها المرشحون مطاردين حكاية سياسية من الخيال.. تستعرض إيما بلاتوف في صحيفة “ذا بوسطن غلوب” جاذبية ولاية نيوهامبشير بالنسبة إلى الجمهوريين الذين يريدون الحفاظ على حظوظهم في تحدي الرئيس السابق دونالد ترامب.
ذات مرة، كانت هذه الولاية المكان الذي بدأ فيه جيمي كارتر الفوز برئاسة بلاد لم تكن تعرف اسمه حتى، وحيث حمل جون ماكين حقائبه وقاد حافلة ستريت توك إكسبرس الانتخابية ليقلب حظوظه ويفوز بترشيح الحزب الجمهوري سنة 2008.
ماذا تقول الحكاية؟
تقول القصة إنه في نيوهامبشير، إذا صافح المرشحون ما يكفي من الأيدي وقبّلوا عدداً كافياً من الأطفال وحضروا ما يكفي من مآدب العشاء، فحتى أصحاب الحظوظ الضئيلة يمكن أن يصبحوا رؤساء.
هذا هو الأمل، بحسب “بوسطن غلوب”،على الأقل بالنسبة إلى قائمة طويلة من المتنافسين الجمهوريين على الرئاسة لا يحملون اسم دونالد ترامب.
بالنسبة إلى مرشحي الدرجتين الثانية والثالثة الذين يأملون إبعاد الرئيس السابق عن مساره السريع نحو حصد ترشيح الحزب الجمهوري، إن الفوز في ولاية تشهد انتخابات مبكرة هو أمر ضروري، وقد تكون نيو هامبشير أفضل فرصة سيحصلون عليها. إن هذه الولاية الصغيرة والمستقلة بشدة والتي يسهل فيها الوصول إلى الناخبين مع وجود ميدان تنافس أكثر تكافؤاً تتمتع بتاريخ من مخالفة التوقعات ودفع الضعفاء إلى البيت الأبيض.
لكن.. إنه ترامب
مع الهيمنة المستمرة لترامب التي تعززت بدلاً من أن تهتز بفعل لوائح الاتهام التي واجهها مؤخراً ومع التأثير المتزايد للتغطية الإعلامية الوطنية على حساب الحملة الانتخابية الشخصية، من غير الواضح ما إذا كان مثل هذا النصر الآتي من بعيد لا يزال ممكناً، حتى في معقل سياسة خوض الحملات الانتخابية عبر التواصل الشخصي مع الناخبين. حتى لو كان الأمر كذلك، يبقى أن يرى المراقبون ما إذا كان بإمكان أي من منافسي ترامب انتهازها.
آخر أفضل أمل
قال الرئيس السابق للحزب الجمهوري في الولاية والمعارض لترامب، فرغوس كولن: “تظل نيو هامبشير آخر أفضل أمل لأي من هؤلاء المرشحين”. أضاف كولين أن أسطورة نيو هامبشير كفرصة مثالية للمبتدئين الودودين “لطالما كانت حكاية من خيال إلى حد ما، وهي حتى اليوم حكاية خيالية أكبر”.
ولفت النظر إلى أن هذه الانتخابات التمهيدية منقولة على الشاشات الإخبارية. “لكن لا يزال الأمر أن نيو هامبشير تمنح مجالاً مفتوحاً وفرصة متساوية للمرشحين الذين يعانون من نقص التمويل”. وتابع: “تلك الأمور لا تحدث في أماكن أخرى».
لم ييأسوا
فاز ترامب بشكل حاسم في الانتخابات التمهيدية للولاية سنة 2016، وهو انتصار عزز طريقه إلى نيل الترشيح.
ولا تزال استطلاعات الرأي تظهره على أنه الأوفر حظاً في نيو هامبشير. مع ذلك، يتدفق المرشحون الجمهوريون المتنافسون إلى الولاية، على أمل تحقيق معجزاتهم الخاصة.
وعقدت السفيرة السابقة إلى الأمم المتحدة نيكي هالي أكثر من 30 تجمعاً في نيو هامبشير، كما يراهن حاكم نيو جيرسي السابق الذي بنى حملته على مهاجمة ترامب كريس كريستي على الولاية بالرغم من أنه احتل المركز السادس فيها سنة 2016، وقام حاكم فلوريدا رون ديسانتيس الذي كافح في الأيام الأولى من السباق بالرغم من التوقعات المنتشرة حول كونه أكبر منافس لترامب، برحلات عدة إلى الولاية، كانت آخرها في الرابع من يوليو.
فرصة منصفة.. للجميع
لقد كان ديسانتيس واحداً من بين متنافسين جمهوريين عدة ألقوا تحية باسمة خلال موكب رطب هذا الأسبوع، وخلعوا قبعاتهم احتراماً لتقاليد الولاية في سياسة التواصل المباشر مع الناخبين.
في غضون ذلك، كان ترامب غائباً عن مسار الحملة الانتخابية، لقد نجح حتى الآن في كسب التأييد في نيو هامبشير حتى أثناء رفض قواعد لعبتها السياسية العزيزة عليها.
في بلدة هوليس بنيو هامبشير، وبينما كان مناصرو ديسانتيس يتجولون الأسبوع الماضي حول مأدبة في انتظار حديثه، قال رئيس الحزب الجمهوري في الولاية كريس أيجر: “يمكنك أن تري كل الاهتمام الذي أبدوه للولاية”، مضيفاً أن “الكل يحصلون على فرصة منصفة هنا».
تصحيح للمسار
يتقدم ترامب باستمرار في استطلاعات الرأي الوطنية وفي استطلاعات الرأي للولايات التي تنظم انتخاباتها باكراً وحل ديسانتيس في المركز الثاني بفارق كبير، بينما يتخلف عنه طامحون آخرون.
قال أستاذ السياسة في جامعة نيو هامبشير دانتي سكال إن هذا يعني أن المرشحين الذين يأملون الإطاحة بالرئيس السابق يجب أن يدخلوا بكامل قوتهم: “عليك أن تطيحي ترامب باكراً، ثم عليك إبقاؤه بعيداً».
قام ديسانتيس بهذه المحاولة الأسبوع الماضي خلال ظهور له في هوليس على بعد 40 ميلاً فقط من تجمع خطابي لترامب في كونكورد.
وحرص ديسانتيس على تمييز نفسه عن ترامب من دون مواجهة منافسه بصراحة، فقد أمضى ما يقرب من ساعة في التعاطي مباشرة مع الناخبين، بدا أن هذا تصحيح للمسار بعد أن واجه انتقادات لعدم تلقيه أسئلة في ظهور سابق في الولاية نفسها.
مشكلة ديسانتيس مع الولاية
يجادل بعض الاستراتيجيين بأن ديسانتيس محافظ للغاية بالنسبة إلى نيو هامبشير، المرشح الذي يبدو في أفضل وضع لإزاحة ترامب على الصعيد الوطني قد لا يمثل جيداً الولاية التي يبدو أنها تقدم أفضل فرصة لإزاحته. لكن حلفاءه يصرون على أن ديسانتيس قادر على المنافسة في كل مكان.
من المؤكد أن الولايات المبكرة الأخرى تقدم اختبارات وفرصاً مهمة لميدان مرشحي الحزب الجمهوري. يُنظر إلى ولاية أيوا التي يميل ناخبوها الجمهوريون أكثر إلى الفكر المحافظ والإنجيلي على أنها منتدى أكثر ودية لديسانتيس، حيث تضعه مواقفه بشأن الإجهاض والقضايا الاجتماعية الأخرى على يمين العديد من الجمهوريين في نيو هامبشير.
وستكون ساوث كارولاينا أرضية إثبات مهمة لهالي والحاكم السابق هناك تيم سكوت الذي يمثل الولاية في مجلس الشيوخ. قال الخبراء الاستراتيجيون إن فوزاً حاسماً في ولاية أيوا قد يساعد أحد منافسي ترامب على تعزيز الدعم في نيو هامبشير والولايات التي تليها.
أهمية مجنونة
مع ذلك، وحسب خبير استطلاعات الرأي في الحزب الجمهوري الذي نشأ في الولاية جون ماكهنري، “لا تزال نيو هامبشير مهمة بشكل مجنون هذه المرة”، وأضاف “ثمة فرصة للقيام بالحملة بشكل شخصي طالما الوقت متاح. مع بلوغ انتخابات ساوث كارولاينا، ستكون كل الحملة على التلفاز».
بوجود الرئيس بايدن كمرشح مفترض للديمقراطيين، كانت الطاقة واهتمام وسائل الإعلام إلى جانب الحزب الجمهوري، وهذا قد يجعل احتمال تصويت الناخبين المستقلين في نيو هامبشير أكبر.
إنه أحد العوامل العديدة التي تجعل من الصعب التنبؤ بأي اتجاه قد تتأرجح فيه نيو هامبشير. قال محللون إنه مع بقاء أشهر لانطلاق المعركة، ثمة متسع كبير من الوقت لما هو غير متوقع.