نيويورك تايمز: واشنطن مسؤولة جزئياً عن العنف في السودان

نيويورك تايمز: واشنطن مسؤولة جزئياً عن العنف في السودان

تشهد الخرطوم عنفاً منذ أسبوع، خلف 413 قتيلاً، وحاصر الملايين دون طعام ولا ماء ولا كهرباء. ومع اندلاع القتال يوم السبت الماضي، قال كثيرون إن السودان لا يزال في طور بناء حكومة بقيادة مدنية بعد عقود من الحكم العسكري.
ورص قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو وقائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان، صفوفهما لإزاحة الرئيس السابق عمر حسن البشير في 2019 بعد انتفاضة شعبية مؤيدة للديمقراطية. ولكن التوترات التي تصاعدت منذ أشهر بينهما انفجرت أخيراً، بعد ضغط الموعد النهائي الذي يلوح في الأفق لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية.
 
الميليشيات المسلحة
ولاحظ المحللون أن الحركات التي ساعدت في الإطاحة بنظام البشير في 2019 كانت ضعيفة وغير منظمة ولا قادرة على منافسة الميليشيات المسلحة. وأشار آخرون إلى “صراع عالمي على السلطة” أوسع نطاقاً قيل إنه دفع جهات فاعلة أجنبية إلى دعم أو بناء علاقات مع حمدان، أو البرهان.
وتقول جاكلين بيرنز مساعدة المبعوث الأمريكي السابق إلى السودان، في “نيويورك تايمز” إن هذه المسألة قد تكون بالفعل عوامل محتملة في العنف. لكن المشاكل تعود إلى أبعد من ذلك بكثير. عندما لم ينته الصراع في السودان بعد اتفاق السلام الشامل في 2005، الذي كان بمثابة نهاية عقدين من الصراع الأهلي، وقع المجتمع الدولي في نمط مألوف من مفاوضات السلام التي لا تنتهي، مروراً بوسطاء مختلفين، حيث كان المتحاربون المسلحون ينتقلون إلى مواقع دولية مختلفة للتفاوض على تنازلات قد تؤدي إلى إنهاء العنف.
ومع ذلك، فإن المشكلة تكمن في أن حل النزاع بالتركيز على اتفاقيات سلام تقسم السلطة بين الجماعات المسلحة، أياً كان عدد البنود المضافة  للإصلاح السياسي، نادراً ما يؤدي إلى سلام مستدام. وغالباً لا يؤدي ذلك إلى سلام قصير المدى. ولا شك أن آثار مثل هذه الجهود الخاطئة، واضحة للعيان في ركام الخرطوم.
 
محادثات سلام
تقول بيرنز إن الجماعات المسلحة والأنظمة الديكتاتورية تعرف أنها ما دامت تشارك في محادثات سلام، فإن الضغوط الدولية ستنحسر  بسرعة. وإذا ضغط عليها لتوقيع اتفاقية، فعادة ما يكون هناك عدد قليل جداً من الآليات الفعالة لإبقائها قيد التنفيذ. وإلى ذلك، فإن الوقت المخصص لعمليات السلام هذه، والذي بلغ في السودان عقوداً، تمضيه الجماعات المسلحة في مراكمة القوة السياسية والعسكرية.
وتروي بيرنز أنها رأت ذلك مراراً وتكراراً في السودان، وجنوب السودان، حيث كان بعض قادة الجماعات المسلحة الذين تعاملت معهم مهتمين أكثر بمشاهدة مباريات كرة القدم على التلفزيون بجوار حمام السباحة بالفندق، وجدولة الاجتماعات لتحقيق مكاسب خاصة، أكثر من مناقشة العنف الذي يؤثر على مواطنيهم.
وفي كل مرة، يضفي الوسطاء الدوليون، في هذه الحالة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وآخرين، الشرعية على الجماعات المسلحة، بصفتهم وسطاء في السلطة أو الأصوات الوحيدة التي يجب الاستماع لها، بينما يطلبون من السودانيين الانتظار بهدوء لدورهم. وهو ما  لا يأتي قط.
وخلصت الكاتبة إلى أن على المجتمع الدولي مواصلة محاولة إنهاء الصراعات العنيفة، ولكن جهود المستقبل يجب أن تأخذ في الاعتبار المهم للسلام، وما ليس مهماً، لافتة إلى أن مشكلة محاولة حل النزاعات الدولية المعاصرة تكمن في أن السعي  لحمل الجماعات المسلحة على التخلي عن أسلحتها، يتزامن مع تحييد الذين يقاتلون من أجل الإصلاحات الحقيقية اللازمة لتحقيق السلام.