هجوم قزوين.. ضربة استراتيجية تؤجج حرب الطاقة بين موسكو وكييف

هجوم قزوين.. ضربة استراتيجية تؤجج حرب الطاقة بين موسكو وكييف


أعلنت أوكرانيا عن توسيع نطاق هجماتها على البنية التحتية للطاقة الروسية لتشمل منصات النفط البحرية في بحر قزوين، في تصعيد جديد لحرب الطاقة التي تهدف إلى تقليص موارد موسكو المالية لدعم حربها في أوكرانيا.  قصفت الطائرات المسيرة الأوكرانية منصة فيلانوفسكي النفطية، المملوكة لشركة لوك أويل، مما يمثل أول هجوم أوكراني مباشر على إنتاج النفط البحري الروسي. 
وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية موسعة بدأت منذ أغسطس-آب، تهدف إلى استهداف مصافي النفط، خطوط الأنابيب، موانئ التصدير وناقلات النفط، وصولاً إلى المنشآت البحرية، وفقًا لمصادر في جهاز الأمن الأوكراني، بحسب «سي إن إن».

تكثيف الضربات 
منذ أغسطس، شنت أوكرانيا 77 هجومًا على منشآت الطاقة الروسية، ضعف عدد الهجمات في النصف الأول من 2025، مع تركيز متزايد على المصافي وموانئ التصدير مثل نوفوروسيسك وتوابسي وأوست لوغا. 
ووفقًا لبيانات مشروع ACLED، أصبح استهداف نفس المنشآت عدة مرات جزءًا من استراتيجية ممنهجة لإبقاء المصافي الروسية خارج الخدمة، وتقليل قدرتها على الإنتاج.
في السياق، أوضح نيكيل دوبي، محلل التكرير في شركة Kpler، أن هذه الضربات المتكررة أدت إلى إبطاء إصلاح المصافي وإنتاج الوقود النهائي، مما يزيد الضغط الاقتصادي على موسكو. 
ومن جهة أخرى، يشير سيرجي فاكولينكو، الباحث في مركز كارنيجي ببرلين، إلى أن الضرر طويل الأمد الناتج عن الحرائق الواسعة النطاق يهدد سلامة المعدات المعدنية، ما يجعل الإصلاح الكامل مستحيلاً على المدى المتوسط، حتى إذا تمكنت روسيا من السيطرة على الأضرار المباشرة.
لم تقتصر الهجمات الأخيرة على الأراضي الروسية فقط، بل شملت ناقلات النفط المتجهة إلى أسواق التصدير، بما في ذلك السفن الخاضعة للعقوبات في البحر الأسود، في خطوة تهدف إلى زيادة تكلفة دخول النفط الروسي إلى الأسواق العالمية، وبث الخوف بين شركات النقل والمستوردين.

الدعم الغربي
تستفيد أوكرانيا من عاملين أساسيين لتوسيع حملتها على الطاقة الروسية: الدعم الغربي وانخفاض أسعار النفط عالميًا؛ فالولايات المتحدة عززت تبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف لتحديد أهداف الطاقة الروسية، فيما قدم الاتحاد الأوروبي دعمًا لوجستيًا وسياسيًا، مع إدراك أن فشل أوكرانيا في مواجهة روسيا سيؤثر مباشرة على أمنهم القومي.
في الوقت نفسه، ساعد فائض المعروض العالمي في النفط على حماية الأسواق من أي ارتفاع حاد في الأسعار نتيجة الهجمات الأوكرانية، ما سمح للولايات المتحدة وأوكرانيا بمواصلة الضغط على موسكو دون الإضرار بالاقتصاد العالمي.
منا جانبها، تشير هيليما كروفت، من RBC Capital Markets، إلى أن هذا الجمع بين الهجمات الممنهجة على البنية التحتية والطاقة المستدامة للعقوبات يمكن أن يدفع روسيا إلى طاولة المفاوضات، لكنه يتطلب استمرارًا طويل الأمد للحملة.

هشاشة صادرات النفط والغاز
تشير البيانات إلى أن إنتاج المصافي الروسية انخفض بنسبة 6% مقارنة بالعام الماضي، ما يخلق اضطرابات حقيقية، خصوصًا أن روسيا تعمل عادةً بفائض ضئيل. 
كما تؤكد ارتفاع الطوابير أمام محطات الوقود في فلاديفوستوك والإجراءات الحكومية لدعم التكرير الداخلي أو الاستيراد من بيلاروسيا هشاشة السوق المحلية.
كما أن العقوبات الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي ترامب على شركات نفط روسية كبرى منذ يناير-كانون الثاني أسهمت في تراجع عائدات الطاقة الروسية إلى أدنى مستوياتها منذ فبراير 2022، مع انخفاض صادرات النفط والغاز بنسبة 34% تقريبًا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
في الوقـت الذي يواصل فيــــــه بوتين التشدد في محادثات الســــلام، تظهر حــــرب الطاقــــــة الأوكرانية أن روسيا لم تعـــــــد قــــادرة على الاعتماد على مواردهـــــا النفطية كمــــــا في الســـــــــابق، وأن اســــــــتمرار الحملـــــــة قــــد يدفعها إلى تقديــــــم تـنـــــازلات، خصوصًا إذا استمرت الهجمات على المنشـــــآت الحيويـــــة وخطوط التصدير البحرية.
باختصار، تحول أوكرانيا حربها على روسيا إلى حرب طاقة استراتيجية، مستهدفة كل شريان مالي لدعم النزاع، معتمدين على الدعم الغربي وفائض السوق العالمي لضمان استمرار الضغط الاقتصادي على موسكو، في اختبار جديد لقدرتها على الصمود أمام حملة منسقة وشاملة على قطاع النفط والغاز.