قبل 25 عامًا من ميغان:

هزت مقابلة صادمة مع الأميرة ديانا العرش الإنجليزي

هزت مقابلة صادمة مع الأميرة ديانا العرش الإنجليزي

-- في 20 نوفمبر 1995، شاهد 23 مليون بريطاني على «بي بي سي» الاعترافات النارية لأميرة ويلز
-- أخطأت بإعلانها أنها تريد أن تكون «الملكة في قلوب الإنجليز»
-- اتهم شقيق الأميرة الراحلة مارتن بشير بتزوير وثائق لإقناعها بإجراء المقابلة معها
-- إذا كان للكرامة المجروحة وجه، فسيكون لها ملامح الأميرة البالغة من العمر 34 عامًا
-- لم تكتفِ ديانا بسرد مشاكلها الزوجية، بل هاجمت زوجها وشككت في قدراته كملك في المستقبل


    لا تزال جدران باكنغهام تهتز بعد الاعترافات المتفجرة لهاري وميغان التي بثها التلفزيون الأمريكي الأحد الماضي. اتهمت الممثلة المتعددة الأعراق السابقة البالغة من العمر 39 عامًا الحاشية الملكية بالعنصرية، واعترفت بأن أفكارا انتحارية اعترتها.
   أما الابن الأصغر لتشارلز، فقد اعتبر أن والده وأخيه “سجناء” المؤسسة الملكية التي تحرر منها قبل عام. ورد الأمير وليام أيضًا، الخميس، على الاتهامات التي وجهها هاري وميغان قائلا خلال زيارة لمدرسة في شرق لندن ً: “لسنا عائلة عنصرية على الإطلاق».

   هذه العاصفة، التي يمكن مقارنتها بزلزال عام 1936 (تنازل الملك إدوارد الثامن) أو الأزمة الناجمة عن وفاة ديانا عام 1997، أجبرت الملكة إليزابيث الثانية على الخروج من صمتها الملكي، عن طريق بيان صحفي، على غـــــــــرار خمســـــة وعشرين عاما مضت، بعد مقابلة لاذعة أخرى ...

البوح الكبير
    بعد الألعاب البهلوانية لـ “سيرك الشمس”، والرقص الايقاعي الأيرلندي المحموم ريفر دانس، انتهت الأمسية في مسرح دومينيون في لندن. كان لـ “كليف ريتشارد” شرف اختتام الحفل السنوي للمنوعة الملكية بحضور إليزابيث الثانية، التي لم تفوت أبدًا هذا الموعد منذ عام 1945. “استمر مبتسما، استمر مشرقا”، داعب إلفيس الإنجليزي أمام جمهور من كبار الشخصيات. وفي الصف الأمامي، الملكة “تبتسم” و “تضيء” رغم ان المزاج لم يكن كذلك. في يوم الاثنين، 20 نوفمبر 1995، كانت تعرف جيدًا أن العرض الحقيقي ليس في المسرح بل على التلفزيون.

   ثلاثة وعشرون مليونًا من رعاياها، المرتبطين بـ “بي بي سي 1”، حضروا مسلسلًا ملكيًا رائعًا ذاك المساء. في مواجهة الصحفي مارتن بشير، ترفع ديانا الحجاب عن كل شيء: يأسها من زواجها، الابتعاد الجليدي للأمير تشارلز، ونوبات الأكل بشراهة، وإيذاء نفسها، والاكتئاب، والأفكار السيئة، ولكن أيضًا مغامرتها السرية مع الرائد جيمس هيويت، الذي “عشقته»...

   طيلة ساعة، استمرت في الاعتراف بصوت متعب، وانتهى الأمر بوضع الساخرين منها الى جانبها عند استحضار كاميلا، المنافسة مدى الحياة، التي سرقت سعادتها: “حسنًا، كنا ثلاثة في هذا الزواج، لذلك كان مكتظا قليلاً”، قالت بابتسامة حزينة حيث اكتشف كل مشاهد سنوات من الإذلال... بلد بأكمله، مذهول، يحبس أنفاسه.

مقابلة مسجلة
 ليلا واعدّت سرا
    تجدر الإشارة إلى أن عزفها كان ممتازا: نظرة “كوكر” من الأسفل، رأس مائل قليلاً مثل العذراء والطفل، بدلة داكنة ورصينة على قميص أبيض، خدود هزيلة وردية اللون... إذا كان للكرامة المجروحة وجه، فسيكون لها ملامح هذه الأميرة البالغة من العمر 34 عامًا، والتي أساءت عائلة وندسور معاملتها.

   كيف يمكن أن يحدث مثل هذا الشيء؟ رغم الآذان التي كانت مستنفرة وفي حالة تأهب دائم لقطيعها من المستشارين، لم يتم تحذير إليزابيث الثانية إلا في الصباح، مثل أي شخص آخر. فلا رئيس هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، المقرب من باكنغهام، ولا السكرتير الخاص لديانا تم إبلاغهما، الله وحده يعلم كيف حصل مارتن بشير الماكر على سبقه الملكي.

   قبل أسبوعين من بث برنامج “بانوراما”، انتظر فريقه الصغير حتى يغادر الموظفون مراكز عملهم، ليتسللو ليلا الى قصر كنسينغتون. تم التمرين على الأسئلة والأجوبة قبل التصوير. ولمزيد من السرية، لن يتم تركيب المقابلة في البي بي سي وانما في فندق في إيستبورن، وهو منتجع ساحلي على الساحل الجنوبي ... محمي من رياح لندن.

   مسكين روبرت فيلوز... عند عودة الملكة إلى شقتها، كان على هذا المستشار المتصنّع -وهو أيضًا صهر ديانا -ان يمدها بتقرير عن البرنامج. ويمكن تخيّل بسهولة اشمئزاز ملكة من زمن آخر، تبنت شعار وندسور “لا تشكو أبدًا، لا تشرح أبدًا».

تشكيك... فانتقام
   مثل أي بريطاني، كانت تدرك تمامًا غرق الزوجين المدعوين للحكم. في صيف عام 1992، كشف كتاب أندرو مورتون الصادم، الذي غذّته ديانا سرًا، عن كارثة الانفصال التي تسجلها الصحف يوميًا. ولكن في نهاية المقابلة، ترتكب الليدي دي العنيدة، جريمة انتهاك الحرمة الملكية بإعلانها أنها تريد أن تكـــون “الملكة في قلوب الإنجليز».

   والأسوأ من ذلك، أنها شككت في قدرة تشـــــارلز على خلافة والدته: “لأننـــــــي أعرف شخصيته، أعتقد أن كونه ملكًـــــــا سيعرضه لقيود هائلة، ولا أعرف ما إذا كان بإمكانه التكيف معها”، داعية إلى نظـــــــام ملكي “أكثر حداثــــــــة، وأكثر اتصـــــالا بالشعب”. وذهبت الى حدّ الإشارة إلى أن العرش سيكون أفضل إذا جلس على كرسيه ابنها الأكبر ويليام ... انها ضربة ترافالغار، غير مقبولة لإليزابيث، وتستوجب فرض الانضباط على الأميرة المتمردة.

   في صباح اليوم التالي، حُدد مصير “زواج القرن”. إلى جانب البيان الصحفي المهدئ الذي اضطر إليه القصر، كتبت الملكة إلى رئيس الوزراء، جون ميجور، لإبلاغه أن الطلاق -الذي تعارضه ديانا -أصبح الآن أمرًا لا مفر منه. وسيتم إعلانه في 28 أغسطس 1996 قبل عام واحد من الانهيار النهائي لهذا العرس الملعون، في باريس، تحت جسر ألما.

أميرة تم التلاعب بها؟
     ويبقى سؤال مفتوح حول هذه المقابلة، التي كانت عواقبها في النهاية ثقيلة على الزوجين تشارلز وديانا وويندسور. بعد مرور 25 عامًا على هذا الانفجار على شاشات البي بي سي، اتهم شقيق الأميرة الراحلة، مارتن بشير بتزوير وثائق لإقناعها بإجراء المقابلة معها. وزعم تشارلز سبنسر أن المراسل أظهر لها كشوف حسابات مصرفية تثبت أن أجهزة الأمن دفعت أموالاً لشخصين في المحكمة للتجسس على أخته... كانت مزيفة، علمنا لاحقًا.
   «لو لم أر تلك الكشوفات، ما كنت لأقدم بشير لأختي”، كتب في نوفمبر في رسالة إلى بي بي سي. هل كان سلوك البشير، الذي دفعه هذا السبق الصحفي نحو مسيرة دولية، غير نزيه؟ أعلنت القناة البريطانية في أعقاب ذلك فتح تحقيق مستقل برئاسة جون دايسون القاضي السابق بالمحكمة العليا... والأمر يتطلب على الاقل رجل قانون يحظى باحترام كبير للإشراف على هذه القضية الملكية.