هكذا تتلاعب إيران بسوق الصرف لتمويل ميلشياتها

هكذا تتلاعب إيران بسوق الصرف لتمويل ميلشياتها


كشف تقرير لتلفزيون “إيران انترناشونال” المُعارض كيف يستخدم النظام الإيراني سوق الصرف لتمويل ميليشياته التي تقود حروبه بالوكالة في الخارج.
وتعليقاً على التقرير، كتب الباحث هولي ماكاي في تقرير لشبكة “فوكس نيوز”، أن النظام الإيراني وجناحه العسكري “الحرس الثوري”، وجدوا ثغرة في نظام التمويل الخاصّ بهم، ما منحهم الوصول إلى الملايين من العملات.
وأوضح تقرير “إيران إنترناشونال”، أن “الحرس الثوري” لديه “نظامه الخاصّ في التنكّر بشكل فعّال كمُقرض مالي رسمي لشراء الدولار واليورو من المُصدّرين بسعر السوق السوداء.

وقال شاهد علوي، مُحرّر في تلفزيون “إيران انترناشونال” لشبكة “فوكس نيوز” : “تضخّ الحكومة الإيرانية ملايين الدولارات في السوق كل يوم لمنع مزيد من الإنخفاض في قيمة الريال (العملة الإيرانية)».
وأضاف: “يجب توفير هذه الدولارات لمستوردي البضائع لتداولها في السوق، ولكن عملياً، يشتري فيلق القدس معظم هذه الدولارات بأسعار منخفضة من خلال البورصات التابعة له وبمساعدة البنك المركزي. لكن هذه الأموال تذهب في النهاية إلى الجماعات المُسلّحة غير الشرعية التابعة للحرس الثوري الإيراني في المنطقة «.

نظام «نيما»
وتضخّ الحكومة الإيرانية هذه الأموال عبر نظام يسمى “نيما”، وهو نظام عملة عبر الإنترنت بدأه البنك المركزي الإيراني في أبريل (نيسان) 2018 تحسباً لإنسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خطّة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، ويسمح للمُصدّرين الإيرانيين ببيع العملة الصعبة بمبلغ أعلى، يتراوح بين سعر الصرف الرسمي البالغ 42 ألف ريال للدولار والسعر غير الرسمي الذي يزيد عن 260 ألف ريال. ويعمل “نيما” فقط من خلال النظام المصرفي الإسلامي المعروف باسم “الحوالة”، والذي يستخدم على نطاق واسع لنقل الأموال خارج الهيكل المصرفي البيروقراطي ويعتمد بشكل أساسي على الثقة.
وكان الهدف من المنصّة، هو تمكين الشركات الإيرانية التي تستورد المنتجات الأساسية غير المتوفرة في البلاد (بما في ذلك الأدوية والإلكترونيات والقمح) من الوصول إلى سعر الصرف المدعوم. وفي الوقت نفسه، يستطيع المُصدّرون بيع العملات الأجنبية التي يحصلون عليها من تجارتهم، لكن لم يحدث ذلك، فقد سيطر “الحرس الثوري” والشركات التابعة له على هذه المنصّة.

سيطرة حكومية
على رأس المال
وقال كبير المستشارين الإيرانيين والإقتصاديين الماليين لمؤسسة “الدفاع عن الديموقراطيات» (FDD) سعيد قاسمي نجاد: “الهدف من هذا النظام هو أن تُسيطر الحكومة على رأس المال والعملات الأجنبية”، مُضيفاً أن “النقطة الحاسمة بشأن نيما هي أن العملة الأجنبية على المنصة ليست نقوداً ورقية، وفي معظم الحالات، موجودة بالفعل في النظام المالي الدولي».
وأوضح: “على سبيل المثال، يقوم مُصدّر إيراني حصل على العائدات باليورو في أحد البنوك في تركيا، ببيع هذا اليورو إلى مستورد يحتاج إلى اليورو عبر منصة نيما. هذا المال تأخذه شركة واجهة للحرس الثوري الإيراني وتُرسله، على سبيل المثال، إلى شركة واجهة في لبنان تعمل لحساب حزب الله. بالطبع، سيحتاج هذا إلى إذن البنك المركزي الإيراني، لأنه بدون ذلك، ستكون الشركة الأمامية للحرس الثوري الإيراني عرضة للملاحقة الجنائية لعدم إعادة السلع أو العملات الصعبة».

تعزيز المهام خارج الحدود
ومن المُرجّح أن البنك المركزي الإيراني على دراية تامة بالتلاعب الذي يقوم به “الحرس الثوري الإيراني”، والذي يُعتقد أنه أنشأ عدداً من منافذ “الفوركس” المُرخّصة- السوق الذي يتمّ فيه تداول العملات ومُشتقّات العملات المختلفة- لتسهيل التجارة. وتستخدم تجار المال المُسجّلين رسمياً لإجراء العملية. وهكذا، تحمل الوثائق الرسمية بصمة الحرس الثوري الإيراني.
ووفقاً لنتائج البحث التي توصّل إليه “إيران انترناشونال”، تُدار الأموال التي يتمّ الحصول عليها من المنصّة لتعزيز مهام “الحرس الثوري” خارج الحدود الإيرانية- التي تُنفّذها وحدة النخبة “فيلق القدس”- في أماكن تتراوح من العراق وسوريا إلى اليمن ولبنان. علاوة على ذلك، يُقال أنه أدى إلى نقص حاد في الأموال الأجنبية اللازمة للواردات الحيوية من الإمدادات الطبية والأدوية.
وأشار علوي إلى أن هذه الأموال “يستخدمها فيلق القدس لدفع رواتب الميليشيات التابعة لإيران في المنطقة، ويشتري الأسلحة والمعدات اللازمة لها، ويُوفّر الأموال اللازمة للقيام بأعمال التخريب».
وأضاف أن “التمويل بالتعاون مع البنك المركزي وإساءة استخدام آلية ضخّ الدولارات في السوق هو أمر غير مسبوق”، مُضيفاً أنه “قبل تشديد العقوبات، كان فيلق القدس يتلقّى الأموال التي يحتاجها مُباشرة من ميزانيات الحكومة والميزانية السنوية للحرس الثوري».

عقود وهمية
وقال أحد كبار المديرين في النظام المصرفي الإيراني لموقع إيران إنترناشونال، إن وزارة الدفاع تستخدم أسماء ووثائق مكاتب الصرافة المُرخّصة لتلقّي العملة من نظام “نيما” وتُقدّم العقود الوهمية إلى البنك المركزي.
وقال مارك جازيت، الرئيس التنفيذي للأمن السيبراني والبيانات الضخمة في شركة التحليلات « ThetaRay» إن البنك المركزي “يتّصل بالمُصدّرين ويقول: نحن بحاجة إلى اليورو والدولار لمنح المستوردين مقابل السلع الضرورية لإيران، لكنهم بعد ذلك يُقدّمون هذه الأموال إلى الحرس الثوري الإيراني، الذي ينفقها بدلاً من ذلك على الأسلحة».
وأضاف: “لدفع هذه الأموال عبر النظام المالي دون أن يشعر أحد، يُدير الحرس الثوري الإيراني عدداً كبيراً من الحسابات بأسماء مُستعارة ويُجري قدراً هائلاً من المعاملات الصغيرة التي يصعب رصدها. وهذا يمكّن البنك المركزي من إنكار علمه بأنه يتعامل مع إرهابيين».

تحويل غير مشروع
وأكد “ايران انترناشونال” أن استخدام “فيلق القدس” لنظام “نيما” بهذا الحجم سيؤدي إلى ضرر كبير لسعر الصرف ويُقلّل من المعروض من العملة اللازمة لاستيراد السلع والأدوية.
وأوضح الموقع أن “التحويل غير المشروع بين الحرس الثوري الإيراني وتجار الأموال يُشرف عليه كبار المسؤولين في مكتب اللوجستيات والبحوث الصناعية التابع لوزارة الدفاع، من خلال سلسلة من مكاتب الصرافة التابعة له، مثل القائد في الحرس الثوري سيد حجت الله قريشي، ومساعد وزير الدفاع للبحث والشؤون الصناعية، ورضا قلي إسماعيلي، أحد زملائه في وزارة الدفاع. وقال مايكل روبين، الزميل البارز في معهد “أميركان إنتربرايز”: “كلما كان هناك تباين بين الأسعار الرسمية وأسعار السوق السوداء، يزدهر الفساد”، مشيراً إلى أن أكثر من 83 % من العملة الأجنبية التي تدفعها الشركات والبنوك تذهب إلى الحرس الثوري، بينما تذهب 17 في المئة فقط تذهب لأغراض مشروعة».
وشرح جازيت أنه “من خلال استخدام تقنيات ذكاء اصطناعي متطورة، يُمكن لمجموعات مثل الحرس الثوري الإيراني أن تجري عدداً كبيراً من المعاملات الصغيرة التي تبدو مشروعة تماماً، ولكنها مجتمعة تُساوي عشرات الملايين من الدولارات في عمليات تمويل الإرهاب».

خطوات للحدّ
 من عمل الشبكة
مع ذلك، أشار قاسمي نجاد إلى أن هناك خطوات صغيرة يمكن اتخاذها للحدّ من مثل هذه العملية، قائلاً إن “أفضل وسيلة لواشنطن هي الحدّ من عائدات إيران بشكل عام، وهو ما فعلته إدارة ترامب. والخطوة الثانية هي وضع قائمة سوداء بإمبراطورية أعمال الحرس الثوري الإيراني، والأهمّ من ذلك تحذير الأشخاص الذين يُديرون تلك الشبكة”، و “لكن في اللحظة التي ترفع فيها الولايات المتحدة العقوبات، وتحصل طهران على مليارات الدولارات وامكانية الوصول الواسع إلى النظام المالي الدولي، سيحصل الحرس الثوري الإيراني بطريقة أو بأخرى على حصته في تمويل الإرهاب».