وصول سفينة المساعدات الإماراتية الثامنة «سفينة خليفة الإنسانية» إلى ميناء العريش
هكذا يغذي الغرب بدون قصد عدوانية إيران
رأى الصحفي المستقل والمتخصص في أنثروبولوجيا الطب الشرعي جوليان ماكبرايد أن إعراب الرئيس جو بايدن عن رغبته بإعادة التفاوض حول الاتفاق النووي أغضب دولاً مثل المملكة العربية السعودية وإسرائيل لأنها تعتبر الاتفاق مضراً بأمنها. ونظر ملالي إيران إلى استعداد بايدن للتفاوض كنقطة ضعف أمريكية فواصلوا شحن أسلحتهم إلى الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
في غضون ذلك، تصاعدت الهجمات الصاروخية على قواعد أمريكية وميليشيات كردية خلال السنوات الماضية. وبصرف النظر عن استمرار كييف في خوض الديبلوماسية مع إيران، حتى بعد إسقاط طهران طائرة ركاب أوكرانية، يلعب الحرس الثوري دوراً قتالياً في أوكرانيا.
كتب ماكبرايد في موقع “1945” أن إيران باعت إلى روسيا آلافاً من طائرات انتحارية بلا طيار من طراز شاهد كي تستخدمها في غزو أوكرانيا، إلى جانب صواريخ بالستية قادرة على الوصول إلى الحدود الأوكرانية-البولندية إذا تم إطلاقها من القرم. تسببت تلك الطائرات بأضرار في شبكات الطاقة مما يعرض المدنيين للأخطار مع حلول الشتاء. وفق الاستخبارات الأمريكية، أرسل الحرس الثوري مستشارين إلى القرم المحتلة لتدريب قوات روسية. وتساءل الكاتب عما يدفع الملالي إلى نشاط راديكالي كهذا خصوصاً أنه يقترن بمعاملة غير إنسانية للنساء وبقتل المعارضين في التظاهرات المستمرة المعترضة على مقتل مهسا أميني.
أشار ماكبرايد إلى أن موضوعاً وحيداً يحمي الملالي حالياً من العزلة الدولية: خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي). تستغل طهران بشكل كامل مزية المخاوف من إمكانية أن تبني سلاحاً نووياً إذا لم تتم إعادة العمل بالاتفاق النووي. كما هي الحال مع أي نظام استبدادي، يخفي الملالي المشاكل الداخلية عبر إثارة نزاعات دولية لإعادة توجيه غضب مواطنيهم.
منذ أن اختار بايدن إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي سنة 2021، انخرط الملالي والحرس الثوري في نشاطات غير شرعية متعددة. اعترف النظام بإطفاء الكاميرات العائدة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وخططت السلطات الإيرانية لاغتيال معارضين في الولايات المتحدة، كما اعترضتها الاستخبارات التركية وهي تخطط لاغتيال مدنيين إسرائيليين.
الآن، وبعدما تصاعدت الاحتجاجات على امتداد إيران للمطالبة بتغيير شامل، انخرط الملالي مباشرة في أوكرانيا. من خلال استخدام قواعد جوية في القرم المحتلة، يقوم عملاء الحرس الثوري الإيراني بتدريب القوات الروسية على ضرب الأهداف مما يعزز القصف العشوائي الذي تنفذه الطائرات الانتحارية المسيرة ضد المدنيين والبنية التحتية الحيوية في كييف وأوديسا. وبما أن إدارة بايدن كانت مترددة في إرسال أسلحة طويلة المدى إلى أوكرانيا مثل صواريخ أتاكمس خشية تصعيد روسي، زود الحرس الثوري آلة بوتين الحربية بصواريخ بالستية.
أضاف ماكبرايد أنه يصعب فهم سبب مواصلة طهران استفزاز المجتمع الدولي، لكنْ ثمة احتمال في أن تكون إيران راغبة بفرض عقاب جماعي على مواطنيها. عانى الشعب الإيراني من أقصى العقوبات الاقتصادية منذ ثورة 1979. تستخدم النخبة الحاكمة هذه العقوبات لتصوير نفسها على أنها الطرف الوحيد الذي يسعى إلى تحقيق مصالح الإيرانيين. لم ينجح هذا النهج إلا بعدما أعدم الخميني عشرات الآلاف من المعارضين ومع ذلك لم يعد السكان الأكثر تقدماً اليوم يصدقون الدعاية السياسية للنظام.
في ظل غياب الدعم المحلي، يتعين على إيران اليوم الاعتماد على وكلائها من أجل نشر دعايتها. والداعم العسكري الوحيد لها من ضمن الدول هو الاتحاد الروسي. تصبح الدولتان أكثر قرباً مع انضمام روسيا إلى إيران في العزلة التي اختبرتها منذ سنة 1979. مستخدمة المخاوف من نقص الغاز كرافعة لها، استمرت موسكو في استفزاز العالم مدركة أن غازها قيم بالنسبة إلى السوق العالمية. بالمثل، يدرك الملالي أن الاتفاق النووي وإرثه قيمان بالنسبة إلى المجتمع الدولي.
إذا أعطيت إيران الاستفادة من قرينة الشك عبر المصالحة، فستواصل قتل مواطنيها من دون عقاب. وستواصل أيضاً استخدام أوكرانيا كمسرح لتقييم سلاحها الخاص كي تستخدمه في حرب مستقبلية محتملة مع أعدائها الشرق أوسطيين. اليوم، على الدول التي تسيطر على مصير الاتفاق إدراك أن الوثائق نفسها التي أمِلت أن تشكل مساراً نحو السلام أصبحت مستخدمة الآن كرافعة للحرب.