هل تتدخل الصين لإنقاذ الرئيس نيكولاس مادورو ؟

هل تتدخل الصين لإنقاذ الرئيس نيكولاس مادورو ؟


في خضم التوترات المتصاعدة في البحر الكاريبي، عاد اسم فنزويلا ليحتل صدارة المشهد الدولي بعد الضربة العسكرية الأمريكية الأخيرة ضد قارب يُزعم أنه مرتبط بعصابات المخدرات، وسط تساؤلات حول مستقبل الرئيس نيكولاس مادورو، والدور المحتمل للصين في دعمه.
وفي هذا الإطار، طرخ الكاتب غوردون تشانغ، المتخصص في الشأن الصيني ومؤلف كتابَي «خطة حمراء: مشروع الصين لتدمير أمريكا» و»انهيار الصين القادم»، في مقاله بموقع مجلة «نيوزويك» سؤالاً محورياً مفاده: هل ستتدخل بكين لإنقاذ مادورو؟.

ضربة أمريكية 
ورسائل سياسية
في الثاني من سبتمبر -أيلول، استهدفت القوات الأمريكية قارباً في البحر الكاريبي بصاروخ، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً على متنه.
 وأكدت إدارة الرئيس دونالد ترامب أن القـــــارب جاء من فنزويلا ويحمل مخدرات، وأن ركابــــــه ينتمـــــون إلى عصابة «ترين دي أراوغا»، التي وصفتها واشنطن بأنها تعمل تحت إمرة مادورو.
وأوضح الكاتب أن واشنطن تعتبر «كارتل دي لوس سوليس»، وهو التنظيم الذي يُعتقد أنه يقوده الجيش الفنزويلي، المظلة الرئيسة لهذه العصابة. بل إن وزارة الخزانة الأميركية صنّفته في يوليو «تموز» منظمة إرهابية عالمية.

استعراض قوة
وقال الكاتب إن الضربة جاءت في ظل حشد عسكري أميركي كبير، حيث تمركزت قوة بحرية قرب السواحل الفنزويلية تضم 4500 بحاراً و2200 من مشاة البحرية. وبعد العملية مباشرة، ظهر مادورو في مؤتمر صحافي نادر ليؤكد أن هذا الوجود العسكري دليل على محاولة واشنطن فرض تغيير للنظام بالقوة.
وأضاف أن الصين، الحليف الأبرز لمادورو، سارعت لإظهار دعمها السياسي والرمزي. ففي اليوم نفسه، شارك السفير الصيني في كاراكاس في افتتاح نصب تذكاري يخلد ذكرى الحرب العالمية الثانية، في رسالة رآها كثيرون إشارة إلى تصميم بكين وكاراكاس على مواجهة أي «عدوان خارجي».
وأشار إلى أن الصين لم تكتفِ بالرمزية، إذ تعد أكبر مستورد للنفط الفنزويلي بنسبة تفوق 90%، كما قدمت قروضاً تقدر بنحو 62.5 مليار دولار لكل من مادورو وسلفه هوغو تشافيز، ما يجعلها الدائن الأكبر للبلاد.

واشنطن بين 
الماضي والحاضر
وتابع الكاتب بأن الولايات المتحدة في السابق تبنّت نهجاً متسامحاً مع التغلغل الصيني في أميركا اللاتينية، بل ساعدت بكين على الانضمام إلى بنك التنمية الأمريكي في العقد الأول من القرن الحالي. غير أن إدارة ترامب اتخذت موقفاً مغايراً، إذ أعادت إحياء «مبدأ مونرو» الذي أُعلن عام 1823 لمواجهة الاستعمار الأوروبي، ووسّعته ليشمل النفوذ الآسيوي، ولا سيما الصيني.
وأوضح أن وزير الخارجية ماركو روبيو جعل من أمريكا اللاتينية وجهته الخارجية الأولى في فبراير -شباط الماضي، في خطوة اعتُبرت تجسيداً للسياسة الجديدة لواشنطن في المنطقة. 
ولفت الكاتب النظر إلى أن البنتاغون يستعد لإصدار إستراتيجية دفاعية وطنية تركز على حماية الوطن والقارة، في إشارة واضحة إلى أن الأولوية باتت للأمن الإقليمي قبل مواجهة قوى كبرى مثل بكين وموسكو.

خيارات واشنطن العسكرية
ونقل الكاتب عن الخبير العسكري إيفان إليس، من معهد الدراسات الإستراتيجية في كلية الحرب الأمريكية، قوله: «القوة الأمريكية قبالة فنزويلا قادرة على تنفيذ عملية حاسمة، ولكن محدودة لإسقاط مادورو، إذا قرر الرئيس ذلك». وأكد أن صبر واشنطن نفد تجاه «رئيس حول دولته إلى ملاذ للتهديدات الإجرامية والدولية».
من جانبها، شددت فيكتوريا كوتس، المسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي الأمريكي، على أن «ترامب مصمم على إنهاء هذا الخطر الذي يهدد الأمريكيين عبر تجارة المخدرات المدعومة من نظام مادورو».

حدود الدور الصيني
ورأى الكاتب أن بكين، رغم دعمها المالي والسياسي، لا تملك الوسائل العسكرية للتدخل المباشر في نصف الكرة الغربي.
وأوضح أن الرئيس الصيني شي جين بينغ سيواصل «التضامن الرمزي»، ومحاولة استغلال ردود الفعل السلبية تجاه التحركات الأمريكية، لكنه لن يتمكن من منع سقوط وكيله الأبرز في المنطقة، إذا قررت واشنطن التحرك.
وخلص إلى أن الصين قدمت الكثير من الدعم الاقتصادي والدبلوماسي لمادورو، لكنها غير قادرة على حمايته عسكرياً في مواجهة ضغوط واشنطن. وبالتالي، فإن فنزويلا قد تكون ساحة جديدة يخسر فيها التنين الصيني أحد أهم أوراقه في نصف الكرة الغربي.