هل تتسبب أزمة لوس أنجليس في تحول ترامب عن الشرق الأوسط؟

هل تتسبب أزمة لوس أنجليس في تحول ترامب عن الشرق الأوسط؟


تساءل الكاتب الإسرائيلي سيث جاي. فرانتسمان حول ما إذا كان ترامب قد حول اهتمامه عن الشرق الأوسط بعد أزمة الاحتجاجات في لوس أنجليس ورغبته في تأكيد شعار حملته الانتخابية «لنجعل أمريكا عظيمة مجددا»، بما يؤكد مركزه داخلياً وسياسته خارجياً.
وقال الكاتب فيموقع صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية: «مع انقضاء أربعة أشهر على بداية ولايته الثانية، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يركز بشكل مكثف على قضايا الشرق الأوسط».  بدأ ترامب عهده باتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، أفضى إلى إطلاق سراح رهائن إسرائيليين وهدوء نسبي في القطاع، قبل أن ينهار الاتفاق في مارس (آذار). كما أولى اهتماماً بالحرب في اليمن ضد الحوثيين المدعومين من إيران، إلى جانب محاولات التفاوض على اتفاق نووي جديد مع طهران. لكن في تحول لافت، نقل البيت الأبيض اهتمامه في الأيام الأخيرة إلى الداخل الأمريكي، وتحديداً إلى مدينة لوس أنجليس، التي تشهد موجة من الاحتجاجات على خلفية حملات ترحيل المهاجرين. وأمر ترامب بنشر قوات الحرس الوطني يوم الأحد، في خطوة اعتُبرت تصعيداً تاريخياً، مع اتساع رقعة الاحتجاجات وتحولها إلى اشتباكات شملت إشعال سيارات ورشق قوات الشرطة بالحجارة.

أزمة داخلية تتفاعل
وأوضح الكاتب أن هذه الأزمة باتت معركة سياسية داخلية لإدارة ترامب، خصوصاً في ظل معارضة قوية لسياساته في ولاية كاليفورنيا.  جاءت شرارة الاحتجاجات نتيجة لسياسات الإدارة الصارمة تجاه المهاجرين، وهو ملف تسعى الإدارة الأمريكية إلى تحقيق مكاسب فيه عبر الأوامر التنفيذية، بما في ذلك تقليص دور مؤسسات فدرالية كـ»الوكالة الأمريكية للتنمية»، وزيادة وتيرة الترحيلات، واستهداف طلاب دوليين بتهم معاداة السامية، فضلاً عن مواجهات قانونية مع جامعات مرموقة مثل هارفرد.

 «أمريكا أولاً» تتصدر 
مع اقتراب مرور ستة أشهر على تولي ترامب منصبه، تسعى إدارته لتكريس عقيدة «لنجعل أمريكا عظيمة مجددا»، من خلال التركيز على ملفات الهجرة، والرسوم الجمركية، ومجابهة قضايا مثيرة للجدل كالمتحولين جنسياً. 
هذه المعارك السياسية الداخلية، يقول الكاتب، قلّصت من تركيز ترامب على ملفات الشرق الأوسط، رغم الإنجازات التي سعى إلى تحقيقها في بدايات ولايته.
وكانت الإدارة الأمريكية قد أرسلت مبعوثها الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، للتوسط في وقف إطلاق النار في غزة خلال يناير (كانون الثاني)، ولاحقاً للتفاوض مع روسيا بشأن أوكرانيا، ثم للدخول في جولات تفاوض مع إيران في عُمان. غير أن تلك المحادثات – رغم مرور خمس جولات – لم تُسفر بعد عن نتائج ملموسة.
وتساءل فرانتسمان إذا كانت أزمة لوس أنجليس ستُضعف من تركيز إدارة ترامب على الشرق الأوسط في الأشهر المقبلة. فملفات اليمن، غزة، والاتفاق النووي مع إيران لا تزال مفتوحة. 
وتبرز قضايا أخرى، مثل بقاء القوات الأمريكية في سوريا والعراق، والجهود المبذولة لتحرير الباحثة الأمريكية إليزابيث تسوركوف، المخطوفة منذ 2003. إضافة إلى ذلك، لا تزال ملفات حساسة على الطاولة، مثل صفقات السلاح مع دول الخليج، واحتمال التوصل إلى اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان، ومستقبل قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) في لبنان. وخلص الكاتب إلى القول إن ترامب يسعى حالياً إلى تحقيق مكاسب داخلية عبر الحزم الأمني، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات النصفية.
 وقد تراهن الإدارة الأمريكية على أن استعراض القوة في الداخل سيعزز موقعها سياسياً، حتى وإن جاء ذلك على حساب ملفات الشرق الأوسط التي قد تتراجع أهميتها مؤقتاً في أولويات البيت الأبيض.