لسد نقص المقاتلين

هل ترضخ أوكرانيا للمطالب الأمريكية بخفض سن التجنيد؟

هل ترضخ أوكرانيا للمطالب الأمريكية بخفض سن التجنيد؟


في ظل سعي أوكرانيا  للحصول على دعم عسكري إضافي من الدول الغربية، تواجه قواتها المسلحة أزمة حادة تتمثل في نقص أعداد الجنود، ما يهدد قدرتها على التصدي لتقدم القوات الروسية السريع في الشمال والشرق.
وبدأت الأزمة مطلع العام الجاري مع فرار أكثر من 100 ألف جندي أوكراني من الخدمة، في ظل خسائر بشرية كبيرة قُدرت بـ»متوسط 2000 قتيل يوميًا»، وفقًا لوزارة الدفاع الروسية.

وللتعامل مع هذه المشكلة، وقع الرئيس فولوديمير زيلينسكي  في نيسان- أبريل الماضي قانونًا يوسع نطاق التعبئة بهدف حشد 500 ألف جندي إضافي.
دخل القانون حيز التنفيذ في 18 مايو، متضمنًا خفض سن التجنيد إلى 25 عامًا، مع فرض عقوبات صارمة على المتهربين من الخدمة العسكرية وإلغاء التسريح منها. لكن هذه الجهود لم تؤتِ ثمارها بالكامل.

وأفادت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية بأن هذه التعبئة الجديدة قد تزيد من تدهور الاقتصاد الأوكراني، الذي يعاني أصلًا من نقص في الأيدي العاملة. كما كشفت صحيفة «سترانا» الأوكرانية عن ارتفاع الطلب على عبور الحدود بطرق غير قانونية واللجوء إلى الرشوة أو أساليب مبتكرة للتهرب من التجنيد.

ورغم دخول القانون حيز التنفيذ، أكد الجنرال الأوكراني المتقاعد سيرغي كريفونوس على فشل محاولات التعبئة، مشيرًا إلى أن 10 فقط من أصل 100 شخص مستدعين للقتال تمكنوا من الوصول إلى الجبهة، بسبب حالات الفرار المتكررة.

في تشرين الأول- أكتوبر الماضي، دعت الولايات المتحدة أوكرانيا إلى خفض سن التجنيد من 25 إلى 18 عامًا، بحسب تصريحات سيرغي ليشنكو، مستشار رئيس مكتب زيلينسكي. وأوضح ليشنكو أن الأمريكيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يضغطون على أوكرانيا لتخفيض سن التجنيد، بحجة أن الدعم العسكري وحده غير كافٍ، وأن تعزيز أعداد الجنود ضروري.

ومع تزايد المطالب الأمريكية، يبرز التساؤل: هل ترضخ أوكرانيا لهذا الضغط؟ وقال الدكتور سمير أيوب، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن النقص الحاد في أعداد الجيش الأوكراني يمثل تحديًا رئيسيًا في مواجهة الجيش الروسي، الذي يواصل تحقيق مكاسب ميدانية. وأوضح أيوب أن خفض سن التجنيد سيتيح حشد المزيد من الجنود، لكنه قد يؤدي إلى زج شباب يفتقرون إلى الخبرة والتدريب في ساحات القتال، مما يفاقم الخسائر.

وأضاف أن واشنطن، في إطار قيادتها لحلف الناتو، تحاول الضغط على أوكرانيا لاتخاذ هذا القرار، بهدف زيادة الضغط على روسيا ودفعها نحو المفاوضات. ومع ذلك، أشار إلى أن الحل السياسي يظل الخيار الأرجح، إذ يدرك الغرب استحالة هزيمة روسيا عسكريًا.
من جانبه، أكد نبيل رشوان، الخبير في الشؤون الروسية، أن أوكرانيا ليست مضطرة في الوقت الراهن لتخفيض سن التجنيد، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية تعكف على ترتيب عملية سياسية لتسوية النزاع مع روسيا.
وأوضح رشوان أن الولايات المتحدة تسعى لتجنب مشاركة جنودها أو جنود حلف الناتو بشكل مباشر في الحرب، رغم وجود مستشارين وخبراء عسكريين يقدمون الدعم الفني.
وأشار إلى أن أي محاولة لخفض سن التجنيد قد تؤدي إلى اضطرابات داخلية في أوكرانيا، حيث يعاني الشعب الأوكراني من أعباء الحرب، وسط غياب أفق واضح للحل.