عيون العالم كله موجهة إليها:

هل تستطيع الصين «وهل تريد» إنهاء الحرب في أوكرانيا...؟

هل تستطيع الصين «وهل تريد» إنهاء الحرب في أوكرانيا...؟

-- تطرح نفسها القوة العظمى القادمة، لكنها لا تملك خبرة على المسرح الدولي للعب دور الوسيط
-- الصين هي الدولة الوحيدة التي يمكن أن تمارس ضغطًا كافيًا على روسيا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار
-- من خلال لعب دور الوساطة والمساعدة في إنهاء الصراع، يمكن للصين أن تضرب عصفورين بحجر واحد
-- يشتركان في إدانة الهيمنة الغربية على العلاقات الدولية، ويريدان وضع حد للنظام العالمي الليبرالي


    تتعرض الصين لضغوط متزايدة من المجتمع الدولي لتوضيح موقفها من الحرب في أوكرانيا. لكن لماذا عيون العالم كله على بكين؟ ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الصين في أعقاب الصراع وما هي علاقتها بروسيا؟

في ما يلي محاولة للتوضيح:
هل يمكن للصين التدخل عسكريا في أوكرانيا؟
   دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القادة الصينيين في نهاية الأسبوع الماضي إلى الانضمام إلى الغربيين في “إدانة الهمجية الروسية” حيث يستمر هجوم موسكو في إزهاق أرواح المدنيين الأوكرانيين كل يوم. وحذا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون حذوه في اليوم التالي.
    في وقت سابق، حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره الصيني، شي جين بينغ، من “عواقب” التدخل المحتمل لصالح روسيا بالنسبة للصين.
   في غضون ذلك، تنفي بكين التفكير في دعم روسيا. ويتفق خبراء تحدثنا إليهم على أن للصين الكثير مما ستخسره إذا تدخلت عسكريًا في الصراع الذي يمزق أوكرانيا.

   «إذا استمرت الحرب، هناك خطر كبير في أن تتدهور الأوضاع وتنزلق، وتعلم الصين أنه في تلك الحال، ستضرّ التداعيات بالاقتصاد العالمي، وبالتالي باقتصادها، يوضح السفير الكندي السابق لدى الصين، غي سان جاك.
  ويتابع: “الأمريكيون والاتحاد الأوروبي هم شركاء تجاريون مهمون جدا حتى تخاطر الصين بان تُفرض عقوبات عليها شبيهة بتلك المفروضة على روسيا».

هل هناك تحالف بين روسيا والصين؟
   على عكس القوى الغربية، رفضت الصين فرض عقوبات على روسيا، يذكّر يان روش، المشرف على كرسي راؤول داندوراند، ورئيس مرصد الجغرافيا السياسية، والأستاذ في قسم الجغرافيا في جامعة كيبيك في مونتريال.
   ويفسر هذا الرفض بالعلاقة التاريخية بين البلدين على عدة جبهات. ففي مواجهة الغرب، على سبيل المثال، تقدم روسيا والصين نفسيهما كحليفين استراتيجيين، يقول روروم شانتال، المتخصص في العلاقات الدولية والقضايا الصينية وأستاذ العلوم السياسية في كلية الدراسات العليا العمومية بجامعة مونكتون.

   ويوضح “هناك تحالف بدأ يتشكل بين روسيا والصين منذ بضع سنوات. ورغم بعض الاختلافات، إلا أنهما متحدّان في مواجهة ما يعتبرانه تهديدًا غربيّا وخاصة من الولايات المتحدة. أنهما يدينان الهيمنة الغربية على العلاقات الدولية، ويريدان وضع حد للنظام العالمي الليبرالي الذي يشكل تهديدًا لسياساتهما الداخلية».

   ورغم غياب وثيقة رسمية تؤكد هذا التحالف بين البلدين، إلا أنّ الرئيسين شي جين بينغ وبوتين عزّزا هذه الشراكة بإعلان “صداقة بلا حدود” في 4 فبراير، يشير غي سان جاك.
   ويضيف “لقد انتهزا الفرصة للإعلان عن جميع أنواع الالتزامات والمشاريع الجديدة، وخاصة خطوط أنابيب النفط والغاز لجلب الموارد الروسية من سيبيريا إلى الصين».
   وقد انتظرت روسيا بأدب انتهاء أولمبياد بكين، التي أقيمت في فبراير الماضي، قبل أن تشن هجومها في أوكرانيا، يؤكد السيد سان جاك.

هل لدى الصين سلطة لإنهاء الصراع؟
   نظرًا لقربها من الكرملين، فإن “الصين هي الدولة الوحيدة التي يمكن أن تمارس ضغطًا كافيًا على روسيا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار”، يؤكد سان جاك.
    يشاطره يان روش الرأي، ويعتقد أن التحكيم الصيني سيكون وسيلة مهمة لفلاديمير بوتين لحفظ ماء الوجه إذا استمر الصراع واتجهت روسيا نحو طريق مسدود.
   ويشير “إذا استمرت الحرب وتعثرت روسيا لتحقيق نصر حاسم “...”، فقد تضطر إلى التصعيد أو إلى حل تفاوضي. ولا يريد بوتين التفاوض مباشرة مع زيلينسكي أو مع الأمريكيين أو الأوروبيين، وبدل اللجوء إليهم، أراه يتجه أكثر إلى الصين».

طريقة تستعيد بها الصين صورتها دوليا؟
   من خلال لعب دور الوساطة والمساعدة في إنهاء الصراع في أوكرانيا، يمكن للصين أن تضرب عصفورين بحجر واحد: استعادة صورتها الدولية، مع فرض شروط معينة على الغربيين.
   «لقد تلطخت صورة الصين بشدة على الصعيد الدولي في السنوات الأخيرة مع الإبادة الجماعية في شينجيانغ، ونهاية الديمقراطية في هونغ كونغ، وعسكرة بحر الصين، وسوء إدارة كوفيد-19 في بداية الوباء. وتقديم نفسها على أنها حل من أجل السلام، سيكون فرصة لاستعادة صورتها والترويج لنموذجها “، يؤكد غي سان جاك.

    ويفصّل، “ويمكنها أيضًا محاولة انتزاع تنازلات من الغرب: توقفوا عن انتقادنا في شينجيانغ، وتوقفوا عن انتقادنا بشأن الوضع في التبت وهونغ كونغ، وإن بحر الصين الجنوبي ملكنا».
   لكن بمجرد أن نعرف كل هذا، يبقى سؤال واحد: هل تريد الصين، وخاصة، هل تستطيع حقًا أن تعمل كوسيط في هذا الصراع؟ سيكون الأمر معقدًا، وفق جي سان جاك.
   «إنها تقدم نفسها على أنها القوة العظمى القادمة، لكنها لا تملك الخبرة على المسرح الدولي للعب دور الوسيط. كما سيكون من الصعب عليها أن تتولى هذا الدور، لأن أحد المبادئ الأساسية لسياستها الخارجية هو عدم التدخل في شؤون دولة أخرى.