رئيس الدولة والرئيس المصري يبحثان العلاقات الأخوية والتطورات الإقليمية
سمة ثابتة للاستراتيجية الأوكرانية طوال الحرب
هل تنوي أوكرانيا السيطرة على محطة كورسك للطاقة النووية؟
فاجأت الغارة الأوكرانية على منطقة كورسك في روسيا كلاً من الروس وحلفاء أوكرانيا. ولا شك أنها أحرجت موسكو، إذ من الواضح أن وزارة الدفاع الروسية تركت نقطة ضعف مفتوحة في خطوطها تمكن الأوكرانيين من استغلالها. في الوقت نفسه، لم يقدم الأوكرانيون أي إشارة حقيقية إلى الهدف الاستراتيجي أو حتى التكتيكي للغارة.
وكتب فيليب بيلكينغتون في موقع «أنهيرد» البريطاني أن ثمة ثلاثة جوانب بارزة تجعل التوغل يبدو غير عادي. أولاً، إذا كان الهجوم يهدف إلى الاستيلاء على الأراضي الروسية والاحتفاظ بها، فليس من الواضح ما هي الطرق اللوجستية التي يعتزم الأوكرانيون استخدامها لإعادة الإمداد.
ثانياً، إن الجيش الأوكراني هو أصلاً ضعيف على طول الخطوط الأمامية الرئيسية، لذلك من الغريب أن يقوم الأوكرانيون بسحب بعض أفضل جنودهم للقيام بغارة على كورسك ما لم يكن هناك هدف ما. ثالثاً، ظروف القتال في كورسك بائسة بالنسبة إلى الأوكرانيين ويعني افتقارهم إلى الدفاع الجوي أنهم هدف سهل للمقاتلات والصواريخ والطائرات الروسية بدون طيار.
تفسير بديل
قال البعض إن الغارة كانت تهدف فقط إلى جذب الانتباه نحو الأوكرانيين، وقد يكون هذا صحيحاً. لكن التفسير البديل هو أن الأوكرانيين يحاولون الاستيلاء على محطة الطاقة النووية في كورشاتوف الواقعة في غرب منطقة كورسك. تقول التقارير الإخبارية إن الأوكرانيين تقدموا 30 كيلومتراً داخل روسيا. لكن خرائط الحرب الروسية تظهر أن القتال مستمر حتى كرومسكي بيكي التي تبعد 60 كيلومتراً عن الحدود الروسية بالطريق البري.
وتقع محطة كورسك للطاقة النووية على بعد نحو 50 كيلومتراً من كرومسكي بيكي بالطريق البري، لذا من وجهة نظر جغرافية بحتة، تشير الأدلة إلى أن أوكرانيا ربما تحاول الاستيلاء عليها. تتوقع روسيا هجوماً وهي تقوم بالفعل ببناء تحصينات حول محطة الطاقة.
التبرير الوحيد
المنطق هنا سيكون على هذا النحو تقريباً. في بداية الحرب استولى الروس على محطة زابوريجيا للطاقة النووية وهو أمر مثل خسارة فادحة لأوكرانيا. كانت تلك أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، وكانت تولد نحو 27% من كهرباء أوكرانيا قبل الحرب. إذا تمكن الأوكرانيون من الاستيلاء على محطة كورسك للطاقة النووية والاحتفاظ بها، فسيكونون قادرين على مقايضتها بمحطة زابوريجيا عندما يبدأ الجانبان المفاوضات. كما تشير حقيقة اندلاع الحرائق في محطة زابوريجيا هذا الأسبوع إلى أن محطات الطاقة النووية قد تكون في مرمى النيران.
وفق الكاتب، هذه هي الطريقة الوحيدة لتبرير غارة كورسك بطريقة عقلانية. إذا لم يكن الجيش الأوكراني يستهدف قيمة من شأنها أن تمنحه ميزة في المفاوضات، فهذا يشير إلى أنه كان على استعداد لخسارة بعض أفضل وحداته في عملية انتحارية تم تنفيذها فقط للفت عدسات التصوير مجدداً إليه.
لكن إذا كانت الغارة محاولة يائسة أخيرة للحصول على نفوذ إزاء الروس قبل الدخول في المفاوضات، فالغارة منطقية. وسيتماشى ذلك مع استطلاعات رأي أخيرة تشير إلى أن ما يقرب من نصف السكان الأوكرانيين حريصون الآن على محادثات سلام، وقول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يفكر في إجراء استفتاء على محادثات السلام.
ثابتة أوكرانية
مع ذلك، ثمة سمة ثابتة للاستراتيجية الأوكرانية طوال الحرب وهي أنها تتخذ إجراءات من دون النظر في تأثيرها على ذهنية الجانب الآخر، فالشعب الروسي غاضب من نجاح الأوكرانيين في نقل الحرب إلى الأراضي الروسية، وبالتالي ستضطر حكومة بوتين الآن إلى اتخاذ خط أكثر عدوانية، الأمر الذي قد يغلق نافذة محادثات السلام في المستقبل المنظور.
يضاف إلى هذا واقع مفاده أن الخطوط الأمامية الأوكرانية مفرطة التمدد بالفعل، وقد حُرمت الآن من بعض أفضل وحداتها، بينما يصبح من الواضح أن الأشهر المقبلة قد تكون صعبة للغاية على أوكرانيا. وإذا نجحت أوكرانيا في الاستيلاء على محطة كورسك النووية، فستحقق هدفاً حقيقياً جداً وتستولي على رزمة كبيرة من الأوراق التي يمكنها استخدامها في مفاوضات مستقبلية. لكن إذا لم تتمكن من الاستيلاء على محطة الطاقة وتعرضت الوحدات الأوكرانية على الأراضي الروسية للتدمير التدريجي، فستخسر مقامرة كبيرة للغاية. وسوف تغضب الحكومة الروسية وتبحث عن الانتقام في نفس الوقت الذي تُحرم الخطوط الأمامية الأوكرانية الضعيفة من بعض أكثر جنودها خبرة في المعارك.