هل تُشعل قره باخ حرباً أهلية في إيران؟

هل تُشعل قره باخ حرباً أهلية في إيران؟


توقع الصحافي الإيراني إلتشين حاتمي، أن تؤدي سياسات طهران، المُناهضة لأذربيجان في الصراع على ناغورنو قره باخ، إلى عواقب وخيمة على الأمن القومي الإيراني، ووحدة أراضيها.
وقال حاتمي في تحليل في “مودرن ديبلوماسي” إن إيران تدعم أرمينيا ضد أذربيجان، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق.
ومنذ 1992، طوّرت الحكومة الإيرانية علاقاتها مع أرمينيا في مختلف المجالات، خاصة في المجالات السياسية، والعسكرية، والاقتصادية. ودعمت المساعدات الإيرانية أرمينيا لمُواجهة مشاكلها الداخلية، وأذربيجان. واستخدمت إيران معبر نوردوز الحدودي لنقل المواد الغذائية والمنتجات الإيرانية إلى الشعب الأرمني.
وفي1994، بعد احتلال منطقة جبرايل والهدنة بين أرمينيا وأذربيجان، كانت الشاحنات الإيرانية تنقل المساعدات إلى ناغورنو قره باخ عبر جسر خودافارين.

الدعم الإيراني لأرمينيا
تُرسل إيران إلى أرمينيا معدات عسكرية، ونفطاً، وغازاً، ومواد غذائية وصحية لتحصينها ضد أذربيجان. وكل يوم تشحن عشرات الشاحنات مساعدات إيرانية إلى أرمينيا عبر جمارك نوردوز.
وفي الصراع الحالي بين أرمينيا وأذربيجان، أظهرت فيديوهات مختلفة شاحنات إيرانية محملة بالمعدات العسكرية الروسية الصنع إلى أرمينيا. كما حلّقت طائرة روسية من طراز «IL-76MD» أخيراً فوق إيران لتسليم معدّات عسكرية وأسلحة روسية إلى أرمينيا.

تظاهرات أذرية
أشعلت المساعدة الإيرانية لأرمينيا موجة جديدة من الإحتجاجات بين الأتراك الأذر الذين يُشكّلون حوالي ثلث سكان إيران. وفي 1 أكتوبر (تشرين الأول) و18 أكتوبر (تشرين الأول)، خرج الآلاف من الأتراك الأذر، في تظاهرات سلمية في مدن مختلفة مثل تبريز، وزنجان، وأورميا، وأردبيل، وطهران، احتجاجاً على سياسات الدولة الداعمة لأرمينيا ضد اذربيجان.
واعتقلت قوات الأمن الإيرانية أكثر من 200 محتج أذري من الأتراك، تعرض معظمهم للتعذيب أثناء الاعتقال في الحبس الانفرادي.
وفي الصراع الأخير في ناغورنو قره باخ، تسبّب الدعم الإيراني لأرمينيا في خلاف حاد بين الأتراك الأذريين والفرس في جميع أنحاء البلاد، وعزّز تضامن الأذر الأتراك في إيران مع أذربيجان.

تهديد بالإنفصال
وتعتبر الحكومة الإيرانية الأتراك الأذر في المُقاطعات الشمالية الغربية تهديداً مُحتمل لأمنها القومي، ولذلك تُفضّل أن تبقى أذربيجان غارقة في مشاكلها وأزماتها، بما فيها الحرب، فـ “وجود دولة قوية في أذربيجان قد تدفع الأتراك الأذر إلى المُطالبة بالاستقلال عن إيران” حسب حاتمي.

نظريات المؤامرة
إن مصالح إيران الإيديولوجية لا تُحدد سياسة طهران تجاه أذربيجان ذات الغالبية الشيعية، فتدعم أرمينيا المسيحية، بل هي مبنية على نظريات المؤامرة. فالمسؤولون الايرانيون والقوميون الفرس، يعتبرون أن سيادة أذربيجان في ناغورنو قره باخ، تُشكل تهديداً لوحدة أراضي إيران وأمنها القومي.
وهم يعتقدون أن أذربيجان قوية ومُنتصرة قد تُشجّع الأتراك الأذر على الوقوف في وجه النظام الإيراني والقتال من أجل الانفصال عن الهيمنة الفارسية.
وتتحرّك إيران ضد أذربيجان انطلاقاً من الشراكة الاستراتيجية بين باكو، وتل أبيب. ولذلك نشرت الحكومة الإيرانية ووسائل الإعلام الفارسية شائعات ضدّ الدولتين، مثل الإدعاء بأن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تستخدم الأراضي الأذرية للتجسّس على إيران، في ذريعة إيرانية للتستّر على خوفها الحقيقي من التهديد الأمني القومي الذي تُمثّله أذربيجان القوية.
وخلص الكاتب إلى أن إيران بدعمها لأذربيجان، فإنها إلى منع التضامن الأذري على جانبي الحدود، لكنّها في المقابل، عزّزت الانقسامات العرقية في الداخل. ولذلك، فإن على المسؤولين الإيرانيين أن يفهموا أنه  لا يمكنهم، دون مراعاة مطالب الأذري الأتراك في الداخل، الحفاظ على الأمن القومي في إيران.