هل كان بايدن صائباً بتعيين روبرت مالي مبعوثاً خاصاً بإيران؟

هل كان بايدن صائباً بتعيين روبرت مالي مبعوثاً خاصاً بإيران؟


كتب الباحث مارك إيسكوبوس في موقع مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، أن تعيين روبرت مالي مبعوثاً خاصاً بإيران، فجّر أول جدلٍ رئيسي حول السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي جو بايدن.
كما أنه يقوض على نطاق واسع بعض الفرضيات في ما يتعلق باستراتيجية بايدن الأشمل حيال الشرق الأوسط. وعين بايدن مالي تمهيداً لإحياء خطة العمل المشتركة الشاملة المعروفة بالاتفاق النووي مع إيران الموقع في 2015.

مفاوض في الاتفاق النووي
كان مالي منخرطاً عن كثب في تنفيذ سياسات إدارة الرئيس الأمريكي سابقاً باراك أوباما في الشرق الأوسط، وسبق له أن تولى مهمة المفاوض الأمريكي الرئيسي في الاتفاق النووي.
وتعرض تعيين مالي لسيل من الانتقادات من العاملين في حقل السياسة الخارجية بواشنطن، وتولى السناتور الجمهوري توم كوتون شن الهجوم الأول، وغرد على تويتر قائلاً في الشهر الماضي: “من المثير جداً للقلق أن الرئيس بايدن فكر في تعيين روبرت مالي مسؤولاً عن إدارة السياسة مع إيران. يملك مالي سجلاً حافلاً بالتعاطف مع النظام الإيراني، والعداء لإسرائيل...إن آيات الله لن يصدقوا أنهم محظوظون إلى هذه الدرجة، في حال تعيينه».

واعتبر المشرعون الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ، أن تعيين مالي يثبت أن بايدن لا يعتزم الحكم بتوافق من الحزبين. وقال كوتون، إن “تعيين راديكاليين من أمثال مالي يكذب كلام بايدن وبلينكن عن الوحدة».

أجبر على الاستقالة
ورافقت الاتهامات بمناهضة إسرائيل والانحياز لإيران، مالي منذ عمله في إدارة الرئيس سابقاً بيل كلينتون في التسعينيات، من القرن الماضي. وأُجبر على الاستقالة من منصب المستشار غير الرسمي لحملة أوباما في 2008، بعدما تبين أنه اجتمع مع حركة حماس، عندما كان يعمل مع مجموعة الأزمات الدولية. وبعد عودته إلى إدارة أوباما في 2015، اختلف بحدة مع سياسة الإدارة القائمة على تغيير النظام في سوريا. ورفض مساعدة المعارضة السورية اعتقاداً منه أنها ستطيل النزاع دون الوصول إلى الأهداف الأمريكية الحقيقية.

ولم يشكل الاعتراض على تعيين مالي من قبل السناتور كوتون ومشرعين جمهوريين آخرين مفاجأة.لكن أيضاً هناك قلة من الديموقراطيين سارعت إلى رفع الرايات الحمراء، ويعتقد هؤلاء أن جعل مالي في واجهة المفاوضات حول الاتفاق النووي، سيثير استقطاباً لا ضرورة له داخل إدارة بايدن في ما يتعلق بالسياسة التي يتعين انتهاجها مع إيران.
وقال مسؤول سابق في إدارة أوباما وحليف لبايدن لمجلة “بوليتيكو” الأمريكية عن مالي، إنه “يغالي في يساريته في هذه القضايا، من إيران، إلى إسرائيل إلى سوريا، ولن يكون أمراً مساعداً تعيينه للقيام بهذا الدور».

إشادات مبالغ فيها
ومع ذلك، قوبلت عودة مالي بإشادات مبالغ فيها من معظم الديموقراطيين وشريحة واسعة من العاملين في حقل السياسة الخارجية في واشنطن.
وغرد الديبلوماسي السابق دنيس روس قائلاً: “شاهدت التعليقات على روبرت مالي وهي خطأ ببساطة...إنه جديّ، عميق التفكير ويعرف ما هو المهم. إنه ليس دوغمائياً، وأعرف أنه يزن الأمور بعناية، ويعرف كذلك إيجابيات مختلف الخيارات وسلبياتها، ومنفتح على وجهات نظر أخرى. أكن له احتراماً كبيراً». ويشعر آخرون بأن “صقور” إيران في الولايات المتحدة يستهدفون مالي للتعبير عن إحباطهم من عزم بايدن على العودة إلى سياسات عهد أوباما الرامية إلى التقارب مع إيران.

وقال جو سيرنكوين الزميل في “كوينسي إنستيتيوت فور ريسبونسبل ستايت كرافت” إنهم “يرغبون في هزيمة روبرت مالي وتسميره على الحائط، وتالياً تكبيد بايدن ثمناً وإظهار أن المضي في سياسته مع إيران سيكون صعباً».

ويرى الباحث أن إعادة مالي إلى منصب ديبلوماسي بارز يمكن أن يقابل في إيران وكأنه إشارة حسن نية من جانب الإدارة الجديدة، وطلاق رمزي واضح مع استراتيجية “الضغط الأقصى” التي حكمت سياسة دونالد ترامب مع إيران في الأعوام الأربعة الماضية.
وبالرمزية ذاتها، فإن براغماتية مالي، أو تساهله مع إيران بحسب منتقديه، يمكن أن تكون مصدر ذعرٍ للحكومة الإسرائيلية.

المعارضة السورية
وعلاوة على إيران، فإن تعيين مالي ينطوي على افتراضات ضمنية في مسألة أساسية أخرى في استراتيجية بايدن للشرق الأوسط.
كان مالي معارضاً شرساً للمساعدات التي قدمتها إدارة أوباما للمعارضة السورية في الحرب الأهلية، التي شكلت جوهر استراتيجية أوباما لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال مالي في مقابلة في 2018: “كنا جزءاً من الأمور التي أوقدت النزاع عوض وقفه”. وأضاف أن التدخل الأمريكي كان سبباً في إجراءات مضادة من روسيا ولاعبين خارجيين آخرين، ما فاقم الكلفة الإنسانية للنزاع.
إن النفوذ المتوقع لمالي على سياسات الشرق الأوسط قد يعقد حزمات من العقوبات المستقبلية على دمشق، وفي الوقت نفسه يعرقل جهود واشنطن لتعزيز وضع المعارضة السورية ركيزة أساسية في مواجهة الأسد.