هل كان ظريف يعلم بمخطط أسدي الإرهابي في باريس؟

هل كان ظريف يعلم بمخطط أسدي الإرهابي في باريس؟


بعد عامين ونصف من التحقيقات، قضت محكمة بلجيكية في 4 فبراير(شباط) الجاري بسجن أربعة متهمين بمحاولة تفجير تجمع يضم عشرات الآلاف، بينهم سياسيون وشخصيات كبيرة، نظمه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بالقرب من باريس في يونيو(حزيران) 2018.

وحكم على المتهم الديبلوماسي الإيراني أسدالله أسدي بالسجن عشرين عاماً بناء على تهم بالإرهاب ومحاولة الاغتيال، وعلى ثلاثة متواطئين معه بالسجن 15، و17، و18 عاماً على التوالي. كانت تلك هي المرة الأولى التي يدان فيها ديبلوماسي إيراني في أوروبا، وبناء على هذه الوقائع، دعا المستشار السياسي لجمعية المهنيين الأنغلو-إيرانيين سينا أدهمي الاتحاد الأوروبي إلى إعادة مراجعة مقاربته للنظام الإيراني. كتب أدهمي في موقع “مودرن ديبلوماسي” الأوروبي أنه لو نجح المخططون في تنفيذ هجومهم لسقط الآلاف من الأبرياء بين قتيل وجريح.

وحمل رئيس الأمن القومي البلجيكي النظام الإيراني مسؤولية تنسيق الهجوم، ووزارتي الاستخبارات والخارجية اللتان لعبتا دوراً بارزاً في المخطط. لكن المحاكمات المرتبطة بالإرهاب ليست جديدة بالنسبة إلى النظام. حوكم النظام في 1997 لتورطه في هجوم إرهابي كبير في ألمانيا. وعُرفت الدعوى باسم محاكمة ميكونوس، بعدما اغتالت عناصر النظام عدداً من المعارضين في مطعم ميكونوس في برلين.

وأصدرت رئاسة الاتحاد الأوروبي في تقرير بتاريخ 10 أبريل (نيسان) 1997 بياناً جاء فيه أن “النتائج التي توصلت إليها محكمة العدل العليا في برلين تشير إلى تورط مسؤولي النظام الإيراني على أعلى مستوى». في 29 أبريل (نيسان) 1997، أعاد مجلس الاتحاد الأوروبي تأكيد أن التقدم في تطبيع العلاقات بين الاتحاد وإيران سيكون ممكناً فقط إذا احترم المسؤولون الإيرانيون القانون الدولي، وتوقفوا عن الأعمال الإرهابية من ضمنها تلك التي تستهدف الإيرانيين المقيمين في الخارج.

وحين رفض النظام الامتثال، أصدرت أوروبا إعلاناً بطرد الإيرانيين المرتبطين أمنياً واستخبارياً به. والتزمت 12 دولة لم تكن حينها عضواً في الاتحاد بالإعلان الأوروبي، وبعد 21 عاماً من المحاكمة بعد اعتداء ميكونوس، استخدم أسدي حصانته الديبلوماسية لنقل متفجرات شديدة الفاعلية على متن طائرة من طهران إلى النمسا، ثم سلمها شخصياً إلى عميلين من الاستخبارات لتفجيرها في تجمع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. ويظهر الدليل الدامغ في هذه القضية تورط المسؤولين الإيرانيين على أعلى المستويات، وفقاً لأدهمي.

في يناير(كانون الثاني) 2020، طردت ألبانيا سفير النظام وثلاثة ديبلوماسيين من أراضيها، كما طردت فرنسا وهولندا ثلاثة ديبلوماسيين إيرانيين في صيف 2018، بينما طردت الدنمارك ديبلوماسياً واحداً في أكتوبر(تشرين الأول) رداً على المخطط الإرهابي للنظام. وتبين هذه التحركات تورط سفارات النظام ووزارتي الخارجية والاستخبارات في نشر الإرهاب داخل أوروبا. ورغم كل ذلك، لم يتخذ الاتحاد الأوروبي أي إجراءات جدية لمكافحة عدوانية النظام.

وأدى هذا الإخفاق في التحرك إلى جعل طهران أكثر تجرؤاً، لأنه طمأنها على تمتعها بالحصانة حتى في أوروبا. ووجهت الأخيرة رسالة إلى أكبر راعٍ للإرهاب مفادها أنها لن تتحمل أي عواقب حتى لو حاولت تفجير تجمع سلمي يمكن أن يسقط فيه مئات الأوروبيين، ليغذي هذا الاسترضاء بشكل كبير عدوانية النظام.
يشير أدهمي إلى أن من السذاجة الاعتقاد بجهل وزير الخارجية محمد جواد ظريف بهذا المخطط. فهو عضو في اللجنة العليا للأمن القومي الذي يوافق على جميع القرارات الأمنية البارزة. وعلاوة على ذلك، تشكل وزارته وسفاراتها مراكز عملانية ولوجستية للتجسس والإرهاب.

وطالب أدهمي الأوروبيين بتقديم القيادة الإيرانية، مدبرة الاعتداء وعرابة الإرهاب الدولي، إلى العدالة لأن هذه الخطوة، رادع ضروري لها.
وتظهر التقارير أن المسؤولين الأمنيين الألمان لا يزالون يحققون في الرحلات العديدة لأسدي في أوروبا حيث أسس شبكة تجسس كبيرة في المنطقة. وعند توقيفه، تبين أنه حصل على إيصالات مقابل تحويل مدفوعات نقدية، في انتظار تحديد محرري هذه الإيصالات.
لحماية الأوروبيين ربط أدهمي تطبيع العلاقات الأوروبية مع النظام الإيراني بتفكيك جهازه الإرهابي في أوروبا، وضمان ألا ينخرط أبداً في عمليات إرهابية داخل القارة العجوز.وبهذه الخطوة المهمة، سيضمن القادة الأوروبيون حماية مواطنيهم ومكافحة تهديدات النظام الإرهابية.