هل يتجه حزب الله وإسرائيل إلى حرب أخرى؟

هل يتجه حزب الله وإسرائيل إلى حرب أخرى؟


تعليقاً على الجولة الأخيرة من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله، رأى معهد “ستراتفور” الأمريكي أن الظروف المحلية والدولية بالنسبة للطرفين تُشكّل عامل ضغط كي لا يتحوّل تبادل إطلاق الصواريخ إلى حرب أخرى. لكن في الوقت نفسه، رجّح تقرير المعهد أن تدفع الحاجة لاسترضاء جمهور أكثر تشدّداً من الناخبين الاسرائيليين، حكومة رئيس الوزراء نفتالي بينيت الجديدة لتأكيد هيمنتها العسكرية، ما يزيد من احتمالية حدوث تصعيد عسكري على المدى القريب.

ورأى المعهد أن الضغط المحلي الكبير الذي يواجِهه حزب الله لتجنب الدخول في حرب كبرى أخرى على غرار حرب يوليو ( تموز) 2006، يعتبر سبباً في أن الحزب لا يبدو حريصاً على الرد الفوري على هجمات إسرائيل الصاروخية والغارات الجوية. وهذا الأمر برز في موقف القرويين في بلدة شويّا جنوب لبنان الذين أوقفوا منصة إطلاق صواريخ تابعة للحزب، وسيطروا عليها وسلَّموها للجيش اللبناني، احتجاجاً على استخدام الحزب مواقع قريبة من بلدتهم لمهاجمة إسرائيل.

كما تُواجه الشرعية السياسية لحزب الله ضغوطات في ظل الاقتصاد اللبناني المنهار، ناهيك عن استمرار تواجد الحزب في سوريا، ما يزيد من تقويض الحافز الذي يمكن أن يدفع الحزب للدخول في حرب واسعة النطاق ضد إسرائيل؛ وهي حرب من شأنها أن تتسبّب في المزيد من الأضرار للاقتصاد اللبناني، وأن تتحدّى قدرة حزب الله على العمل بوصفه حليفاً موثوقاً في سوريا.

أسباب عدم الدخول في حرب
ومن الجانب الإسرائيلي، أوضح المعهد أن الدخول في حرب أخرى مع حزب الله قد يؤدي إلى تفاقم أزمة كوفيد-19 في الداخل، وزيادة توتر العلاقات الإسرائيلية مع الولايات المتحدة. كما أن أي صراع كبير آخر مع حزب الله سيتطلّب استدعاء جنود الاحتياط، وهذا من شأنه أن يعرقل التعافي الاقتصادي الذي حقّقته إسرائيل بعد عمليات الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19 خلال عام 2020-2021، كما سيضطر الإسرائيليين أيضاً إلى نقل صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية من الحدود الجنوبية للبلاد مع غزة إلى حدودها الشمالية مع لبنان.
ومع انتكاسة الوضع الوبائي في اسرائيل، فإنه في حالة نشوب حرب مع حزب الله، سيحتشد العديد من الإسرائيليين بكثافة داخل الملاجئ تحت الأرض، ما قد يؤدي إلى انتشار الفيروس القاتل بشكل أكبر.
وأشار المعهد إلى أن واشنطن تريد تجنّب نشوب أي صراع كبير آخر في المنطقة، ومن أجل تحقيق الاستقرار الإقليمي واللبناني، اتخذت خطوات للوقوف إلى جانب لبنان في خضم أزمته الداخلية، حيث قدّمت 100 مليون دولار لبيروت على شكل مساعدات إنسانية في 4 أغسطس (آب).

خيارات التخفيف من التصعيد
ولهذه الأسباب، تتوفّر خيارات التخفيف من التصعيد لكلا الجانبين، والتي يمكن أن تكون سبباً في تراجع إسرائيل وحزب الله عن الاقتراب من حافة صراع كبير. وإذا توقَّف حزب الله عن شنِّ مزيد من الهجمات الصاروخية، وكبَحَ جماح المسلَّحين الفلسطينيين الذين كانوا يهاجمون شمال إسرائيل؛ فسينخفض الدافع لدى إسرائيل للقيام بعملية عسكرية أكبر في لبنان يمكن أن تشعل حرباً كبيرة.وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تقرر شنَّ مزيد من الهجمات المضادة في سوريا، حيث تعرَّضت قوات حزب الله لقصف إسرائيلي في السابق دون أن يشعل ذلك فتيل حرب.

ضغوط سياسية وانتقادات محلية
لكن حكومة بينيت الجديدة في إسرائيل تواجه ضغوطاً سياسية لضمان أمن الحدود الشمالية للبلاد، الأمر الذي قد يجبرها على القيام بعمليات عسكرية أو عمليات سرية أكبر لردع حزب الله وإرضاء المنتقدين المحليين.
ويتعرض بينيت لهجوم من سياسيين من اليمين المتطرف، بل من أحد أعضاء حزبه؛ لأنه لم يقُم بما يكفي من إجراءات لوقف هجمات حزب الله على الشمال الإسرائيلي. كما أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حرب غزة في مايو (ايار)، على سبيل المثال، لم يحظ بشعبية كبيرة في إسرائيل وفي أوساط الإسرائيليين الأكثر تشدداً؛ على اعتبار أنه لم يُحقّق الحد الكافي الذي من شأنه ردع حركة “حماس” الفلسطينية المسلَّحة عن شنّ هجوم على اسرائيل.وخلص المعهد إلى أن العديد من الإسرائيليين يرغبون بأن تكون تل أبيب قادرة على وقف الهجمات الصاروخية من لبنان في المستقبل. ومع عدم تلبية هذه المطالب الشعبية لتحقيق مزيد من الأمن، فإن بينيت يخاطر بانهيار الأغلبية الضيّقة التي حقّقتها حكومته. وهذا يزيد من احتمال أن تُقرّر إسرائيل تنفيذ عمليات من شأنها أن تدفع حزب الله إلى شنّ هجمات مضادة من جانبه؛ ما يعزز أسباب التصعيد العسكري ويُرسِّخها.