بعد وساطة إفريقية
هل يتوصل الليبيون لـنسخة توافقية حول ميثاق المصالحة؟
قدم رئيس الكونغو ورئيس لجنة الاتحاد الإفريقي الرفيعة المستوى المعنية بليبيا، دينيس ساسو نغيسو، مسودة أولى حول ميثاق المصالحة الوطنية، أملًا بتوقيعها في فبراير-شباط المقبل.
وجاء تقديم المسودة خلال زيارة نغيسو إلى مدينتي طرابلس وبنغازي، لكن التوصل إلى «نسخة توافقية» لا يزال يمثل تحديًا.
وأمام العقبات اللوجستية والأمنية الكبيرة التي حالت دون تنظيم مؤتمر وطني جامع في ليبيا، منذ تأجيله في أبريل-نيسان الماضي، قرر رئيس الكونغو استبداله بلقاء بين الأطراف الليبية للتوقيع على ميثاق المصالحة في أديس أبابا.
وهذه الوثيقة، التي تم إعدادها بالتعاون مع الليبيين أنفسهم، تشبه في مضمونها أغلب مشروعات المصالحة السابقة من حيث الالتزام بجبر الضرر، وإطلاق سراح المساجين، والتعويض عن الأخطاء التي تكون الدولة مسؤولة عنها.
وعرض نغيسو المسودة على قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، ورئيس الحكومة المكلفة، أسامة حماد، ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، وزعماء القبائل الليبية، إلى جانب رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة.
ويعتقد الرئيس الكونغولي أن «العملية تسير على الطريق الصحيح، وأن ميثاق المصالحة الوطنية يمكن التوقيع عليه بحلول منتصف فبراير».
مهمة صعبة
ويصف المحلل السياسي النيجري، أمادو كوديو، لـ»إرم نيوز»، المهمة الإفريقية بـ»الصعبة» في ظل الانقسامات السياسية العميقة، وانعدام الثقة بين الأطراف المتنافسة، ما يجعل التوصل إلى اتفاق أمرًا صعبًا، إذ لم يحصد إلا الوعود من جانب القادة الليبيين خلال حشد الدعم لمبادرة المصالحة.
ويوضح كوديو أن «الأفارقة يضعون أنفسهم كوسطاء موثوقين، مستفيدين الآن من ضعف جهود القوى الكبرى والأمم المتحدة، التي انتهت بالفشل المتكرر»، لافتًا إلى غياب وسائل الضغط الدبلوماسي والأدوات السياسية اللازمة لفرض اتفاق إفريقي بين الليبيين. وزيادة على ذلك، فإن الانقسامات الداخلية تزيد المهمة تعقيدًا، فبعض الأطراف ترفض فكرة أي وساطة من خارج البلاد، وفق قوله.
وفي الأثناء، التزم كل من المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة الصمت بعد إعلان حفتر مبادرة جديدة للمصالحة الشاملة.
ونُقل عن نغيسو في زيارته إلى بنغازي، «إشادته» بمبادرة حفتر، واعتبرها من الأسس الرئيسة التي يمكن البناء عليها لتوحيد الليبيين، وتحقيق الاستقرار في البلاد.
يأتي ذلك في وقت يبدو فيه الدبيبة أكثر ترددًا تجاه المبادرة الإفريقية، مقابل ترحيب السلطات في شرق ليبيا بدور أفريقيا في عملية المصالحة، مقارنة مع دور الأمم المتحدة الذي يتعرض للانتقاد من جانبها، فيما تنظر إلى النائب بالمجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، المسؤول عن ملف المصالحة الوطنية، على أنه طرف «غير محايد».
قانونان للمصالحة
كما تتداول الأطراف الليبية قانونين للمصالحة، الأول خاص بالبرلمان على وشك إصداره، والثاني قدمه المجلس الرئاسي إلى مجلس النواب مطلع العام الحالي، وينتظر الموافقة عليه.
ويرى وزير الخارجية الكونغولي، جان كلود جاكوسو، أن الاتحاد الإفريقي يتطلع للتوصل إلى «نسخة توافقية» حول ميثاق المصالحة، يمكن قبولها من قبل جميع الأطراف، في إشارة إلى الاعتماد على مسودتين وضعهما مجلس النواب والمجلس الرئاسي في طرابلس.
ويأمل الاتحاد الإفريقي أن تكون هذه اللحظة «تاريخية»، بتوقيع الليبيين على الميثاق في قمة رؤساء الدول الإفريقية في أديس أبابا، بحضور أعضاء اللجنة الرفيعة المستوى التابعة للاتحاد، التي تضم عشر دول. وميثاق المصالحة ووثيقة العدالة هما الوثيقتان الرئيسيتان اللتان تم اعتمادهما في القمة الأخيرة للجنة العليا للاتحاد الإفريقي، التي عقدت في فبراير الماضي في برازافيل.
وتشكل هاتان الوثيقتان أسس عملية شاملة تهدف إلى استعادة السلام والأمن في ليبيا.