هل يجعل الهاتف الذكي أبناءنا أغبياء ومرضى؟
انتشار استخدام الهواتف الذكية بين صغار السن والمراهقين زاد مؤخرا، خصوصا بعد انتشار جائحة كورونا والتزامنا بالحجر المنزلي وإغلاق العديد من الأندية الرياضية وأماكن اللعب. لكن ما أخطار ذلك على صحتنا وصحة أبنائنا؟
خلال فترة انتشار جائحة كورونا وتزايد العدوى، زاد استخدام الوسائط الرقمية لدى الشباب وصغار السن لتمضية الوقت والتواصل فيما بينهم. كما وفرت لهم تلك الوسائط فرصا من أجل التعلم المنزلي عبر الإنترنت ومشاركة خبراتهم مع الأصدقاء.
هذا كله ساهم في تعلق صغار السن بالهاتف الذكي بشكل أكبر، لا سيما وأن القيود على
استخدامه لم تكن صارمة للكثير من العائلات خلال فترة الحجر المنزلي، بيد أن الخبراء يحذرون من أن الهواتف الذكية لا تحتوي مزايا فقط، بل إنها تحمل لأبنائنا سلبيات كثيرة، ما جعلهم يدقون أجراس الخطر.
تعلق الأبناء بالهاتف الذكي ومحتوى التطبيقات الموجودة، ومحاولة بعض صغار السن مواصلة استخدامه لأوقات طويلة، حتى في أوقات النوم، بات يقض مضجع العديد من العائلات في ألمانيا.
ووفق استطلاع أجرته إحدى شركات التأمين الصحي الألمانية، فإن نصف ما يقرب من 1000 من الآباء والأمهات الذين شملهم الاستطلاع يخشون من إدمان أبنائهم على الهاتف الذكي، كما أن مشاكل قلة التركيز "44 في المئة" وقلة التمارين الرياضية "38 في المئة" يُنظر إليها على أنها عواقب سلبية محتملة على البنات والأبناء الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 18 عاما، بحسب مجلة فوكوس الألمانية.
"
مخاوف مبررة"
وعن هذا تقول عالمة النفس فرانسيسكا كليم إن مخاوف الآباء مبررة، إذ أن هناك مؤشرات على أن المزيد والمزيد من الأطفال والمراهقين يعانون من أمراض كانت غير معتادة في السابق لفئتهم العمرية. ووفقا لمجلة فوكوس فإن أمراضا مثل اضطرابات الحركة أو السمنة وكذلك اضطرابات النوم ازدادت لدى الفئات العمرية من 6 سنوات ولغاية 18 عاما مقارنة بالسابق.
كما يرى عالِم الأعصاب مارتن كورتي من جامعة براونشفايغ التقنية: أن تطور اللغة لدى الفئات الشابة بات مقلقا وهناك صعوبات من كيفية تواصل الآباء مع أطفالهم". ويؤكد العالم أنه من المهم أن يرى الأطفال وجه وفم الوالدين عندما يتحدثون إليهم. وهذا بات غير ممكن دائما إذا كان الآباء يجلسون باستمرار خلف أجهزتهم أو يصورون باستمرار ما يفعل الأبناء. وقال إن استخدام الآباء المفرط للهاتف الذكي بات يشكل قدوة سيئة للأبناء.
مشكلة عالمية
يذكر أنه من ضمن توصيات نقابة أطباء الأطفال للآباء محاولة إبعاد وسائط الشاشة بعيدة عن أبنائهم قدر المستطاع ولغاية بلوغهم سن الثالثة، لأن هذا قد يعرضهم للعديد من المخاطر. وفقًا لمسح KKH، يضع 80 بالمئة من الآباء قواعد لاستخدام أطفالهم للهواتف الذكية، في حين أن 63 بالمائة منهم يمنعونهم من الإمساك بالهاتف في أوقات معينة مثل وقت تناول الطعام أو قبل الخلود للنوم.
ووفقا لدراسة أمريكية فإن مخاوف الإدمان على الأجهزة الذكية لدى الأبناء هو هاجس للعديد من العائلات هناك. وأشارت الدراسة أن الأطفال في الولايات المتحدة البالغين من العمر 11 عاما في المتوسط يقضون حوالي 6 ساعات يوميا أمام الأجهزة المختلفة، في حين تقضي الفتيات من نفس الفئة العمرية أوقاتهن في الغالب على مواقع التواصل الاجتماعي.
انشغال الآباء بالهواتف يؤثر سلباً على الأطفال
بينما يكون الكثير من الأطفال بصدد اللعب في البيت أو في حاجة إلى مساعدة، ينشغل آباؤهم وأمهاتهم بالهواتف الذكية ويتجاهلون أطفالهم. ويرى خبراء أن ذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على العلاقة بين الآباء وأبنائهم. كيف ذلك؟
أكد باحثون أميركيون في دراسة حديثة لهم نشرت نتائجها في دورية "بحوث طب الأطفال" أن الأطفال الذين يتم تجاهلهم من طرف الآباء يشعرون بالإحباط أو يظهر لديهم إفراط في الحركة والنشاط أو الإصابة بنوبات من الغضب.
واستعان الباحثون في هذه الدراسة ما بين 2014 و2016 بـ181 زوجًا (آباء وأمهات) مع أطفال تقل أعمارهم عن خمس سنوات. وطلب الباحثون من تلك العائلات كتابة تقارير منتظمة ومفصلة لمدة ستة أشهر حول درجة استخدامهم لوسائل الإعلام الخاصة بهم (هواتف ذكية، حاسوب، تلفاز). كما طُلب منهم تسجيل السلوكيات الخارجية أو الداخلية لهم ولأطفالهم خلال تلك الفترة، وفق ما أورده موقع صحيفة "برلينر تسايتونغ" الألمانية.
ويعتقد الباحثون أن بعض الجوانب في التكنولوجيا الرقمية تكون مغرية بشكل خاص للآباء الذين لديهم صعوبات ذاتية في التنظيم أو الآباء الذين ليسوا راضين عن الحياة الاجتماعية داخل عائلاتهم. ولهذا السبب يصرف الكثير من الآباء النظر عن أبنائهم لما يطلب الأطفال الكثير من الاهتمام بهم كما هو الحال أثناء الأكل أو اللعب أو الذهاب إلى النوم. وبناءً على ذلك يكون اللجوء إلى التكنولوجيا الحديثة بمثابة تهرب من طلبات الأطفال وحاجياتهم العاطفية.
وتؤكد الباحثتان سوزان إيغرت وغيسيلا شوبرت من معهد بيداغوجيا الإعلام بميونيخ أن الخبراء يتفقون على أن نتائج الدراسة الأمريكية تتماشى مع تم التوصل إليه في ألمانيا أيضا، فـ"ليس من المستغرب أن تزيد المشاكل بين الوالدين والأطفال عندما يقل التواصل الشخصي والمباشر بين الآباء والأبناء ولا يتم الحديث عن المشاكل المطروحة"، كما نقل موقع "برلينر تسايتونغ".
لكن الخبراء لا يطالبون بالتخلي الكامل عن استعمال الهواتف الذكية داخل البيت. غير أنهم يؤكدون بأن الحوار المباشر مع الطفل يجب أن يكون محوريا. كما ينصح الخبراء بوضع قواعد مشتركة داخل العائلة لاستخدام الهواتف المحمولة ووسائل التواصل الرقمية الأخرى. ومن بين تلك القواعد تخصيص أوقات معنية يتخلى فيها الجميع عن استخدام تلك الوسائل ويتفرغون لبعضهم البعض.
خلال فترة انتشار جائحة كورونا وتزايد العدوى، زاد استخدام الوسائط الرقمية لدى الشباب وصغار السن لتمضية الوقت والتواصل فيما بينهم. كما وفرت لهم تلك الوسائط فرصا من أجل التعلم المنزلي عبر الإنترنت ومشاركة خبراتهم مع الأصدقاء.
هذا كله ساهم في تعلق صغار السن بالهاتف الذكي بشكل أكبر، لا سيما وأن القيود على
استخدامه لم تكن صارمة للكثير من العائلات خلال فترة الحجر المنزلي، بيد أن الخبراء يحذرون من أن الهواتف الذكية لا تحتوي مزايا فقط، بل إنها تحمل لأبنائنا سلبيات كثيرة، ما جعلهم يدقون أجراس الخطر.
تعلق الأبناء بالهاتف الذكي ومحتوى التطبيقات الموجودة، ومحاولة بعض صغار السن مواصلة استخدامه لأوقات طويلة، حتى في أوقات النوم، بات يقض مضجع العديد من العائلات في ألمانيا.
ووفق استطلاع أجرته إحدى شركات التأمين الصحي الألمانية، فإن نصف ما يقرب من 1000 من الآباء والأمهات الذين شملهم الاستطلاع يخشون من إدمان أبنائهم على الهاتف الذكي، كما أن مشاكل قلة التركيز "44 في المئة" وقلة التمارين الرياضية "38 في المئة" يُنظر إليها على أنها عواقب سلبية محتملة على البنات والأبناء الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 18 عاما، بحسب مجلة فوكوس الألمانية.
"
مخاوف مبررة"
وعن هذا تقول عالمة النفس فرانسيسكا كليم إن مخاوف الآباء مبررة، إذ أن هناك مؤشرات على أن المزيد والمزيد من الأطفال والمراهقين يعانون من أمراض كانت غير معتادة في السابق لفئتهم العمرية. ووفقا لمجلة فوكوس فإن أمراضا مثل اضطرابات الحركة أو السمنة وكذلك اضطرابات النوم ازدادت لدى الفئات العمرية من 6 سنوات ولغاية 18 عاما مقارنة بالسابق.
كما يرى عالِم الأعصاب مارتن كورتي من جامعة براونشفايغ التقنية: أن تطور اللغة لدى الفئات الشابة بات مقلقا وهناك صعوبات من كيفية تواصل الآباء مع أطفالهم". ويؤكد العالم أنه من المهم أن يرى الأطفال وجه وفم الوالدين عندما يتحدثون إليهم. وهذا بات غير ممكن دائما إذا كان الآباء يجلسون باستمرار خلف أجهزتهم أو يصورون باستمرار ما يفعل الأبناء. وقال إن استخدام الآباء المفرط للهاتف الذكي بات يشكل قدوة سيئة للأبناء.
مشكلة عالمية
يذكر أنه من ضمن توصيات نقابة أطباء الأطفال للآباء محاولة إبعاد وسائط الشاشة بعيدة عن أبنائهم قدر المستطاع ولغاية بلوغهم سن الثالثة، لأن هذا قد يعرضهم للعديد من المخاطر. وفقًا لمسح KKH، يضع 80 بالمئة من الآباء قواعد لاستخدام أطفالهم للهواتف الذكية، في حين أن 63 بالمائة منهم يمنعونهم من الإمساك بالهاتف في أوقات معينة مثل وقت تناول الطعام أو قبل الخلود للنوم.
ووفقا لدراسة أمريكية فإن مخاوف الإدمان على الأجهزة الذكية لدى الأبناء هو هاجس للعديد من العائلات هناك. وأشارت الدراسة أن الأطفال في الولايات المتحدة البالغين من العمر 11 عاما في المتوسط يقضون حوالي 6 ساعات يوميا أمام الأجهزة المختلفة، في حين تقضي الفتيات من نفس الفئة العمرية أوقاتهن في الغالب على مواقع التواصل الاجتماعي.
انشغال الآباء بالهواتف يؤثر سلباً على الأطفال
بينما يكون الكثير من الأطفال بصدد اللعب في البيت أو في حاجة إلى مساعدة، ينشغل آباؤهم وأمهاتهم بالهواتف الذكية ويتجاهلون أطفالهم. ويرى خبراء أن ذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على العلاقة بين الآباء وأبنائهم. كيف ذلك؟
أكد باحثون أميركيون في دراسة حديثة لهم نشرت نتائجها في دورية "بحوث طب الأطفال" أن الأطفال الذين يتم تجاهلهم من طرف الآباء يشعرون بالإحباط أو يظهر لديهم إفراط في الحركة والنشاط أو الإصابة بنوبات من الغضب.
واستعان الباحثون في هذه الدراسة ما بين 2014 و2016 بـ181 زوجًا (آباء وأمهات) مع أطفال تقل أعمارهم عن خمس سنوات. وطلب الباحثون من تلك العائلات كتابة تقارير منتظمة ومفصلة لمدة ستة أشهر حول درجة استخدامهم لوسائل الإعلام الخاصة بهم (هواتف ذكية، حاسوب، تلفاز). كما طُلب منهم تسجيل السلوكيات الخارجية أو الداخلية لهم ولأطفالهم خلال تلك الفترة، وفق ما أورده موقع صحيفة "برلينر تسايتونغ" الألمانية.
ويعتقد الباحثون أن بعض الجوانب في التكنولوجيا الرقمية تكون مغرية بشكل خاص للآباء الذين لديهم صعوبات ذاتية في التنظيم أو الآباء الذين ليسوا راضين عن الحياة الاجتماعية داخل عائلاتهم. ولهذا السبب يصرف الكثير من الآباء النظر عن أبنائهم لما يطلب الأطفال الكثير من الاهتمام بهم كما هو الحال أثناء الأكل أو اللعب أو الذهاب إلى النوم. وبناءً على ذلك يكون اللجوء إلى التكنولوجيا الحديثة بمثابة تهرب من طلبات الأطفال وحاجياتهم العاطفية.
وتؤكد الباحثتان سوزان إيغرت وغيسيلا شوبرت من معهد بيداغوجيا الإعلام بميونيخ أن الخبراء يتفقون على أن نتائج الدراسة الأمريكية تتماشى مع تم التوصل إليه في ألمانيا أيضا، فـ"ليس من المستغرب أن تزيد المشاكل بين الوالدين والأطفال عندما يقل التواصل الشخصي والمباشر بين الآباء والأبناء ولا يتم الحديث عن المشاكل المطروحة"، كما نقل موقع "برلينر تسايتونغ".
لكن الخبراء لا يطالبون بالتخلي الكامل عن استعمال الهواتف الذكية داخل البيت. غير أنهم يؤكدون بأن الحوار المباشر مع الطفل يجب أن يكون محوريا. كما ينصح الخبراء بوضع قواعد مشتركة داخل العائلة لاستخدام الهواتف المحمولة ووسائل التواصل الرقمية الأخرى. ومن بين تلك القواعد تخصيص أوقات معنية يتخلى فيها الجميع عن استخدام تلك الوسائل ويتفرغون لبعضهم البعض.