ازدادت الفجوة تعقيداً بسبب هشاشة القوات الأمنية
هل يعود داعش إلى العراق من باب كورونا ؟
قبل أيام، زارت بيشا ماجد، صحفية مستقلة مقيمة في بغداد، تعمل لدى موقع “فورين بوليسي” قاعدة عين الأسد الجوية واطلعت على ما يحصل داخل غرفة العمليات التي تغطي جدرانها خرائط لمهام سابقة نفذت ضد تنظيم داعش.
وخلال الأشهر الماضية، ساعد عسكريون أمريكيون في تنسيق التحركات مع العراقيين ضد خلايا تابعة لداعش وسط مساحات واسعة من الصحراء العراقية في محافظة الأنبار.
ولكن منذ مقتل القائد العسكري الإيراني، قاسم سليماني وحليفه العراقي، أبو مهدي المهندس، قائد ميليشيا عراقية، في بداية يناير(كانون الثاني)، توقفت تلك العمليات، وبدأ الأمريكيون يركزون على حماية أمن قواتهم الذاتية.
مناطق صحراوية
وتشير كاتبة المقال لتقلص كبير للمساحة التي كان الأمريكيون يعملون على استقصائها، تاركين مناطق صحراوية واسعة دون مراقبة. وقال الكولونيل تيم غارلاند، ضابط أمريكي يعمل بصورة مباشرة من قاعدة عين الأسد في تنفيذ عمليات ضد داعش، إنهم لو كانوا سابقاً يراقبون منطقة بحجم ولاية تكساس، فهم اليوم يراقبون قطعة صغيرة بحجم مدينة دالاس.
انسحاب معجّل
وترى كاتبة المقال أن تنظيم داعش الذي تقهقر طوال السنوات الأخيرة، يرغب اليوم باستغلال هذا الفراغ، ويساعده في ذلك انسحاب معجل لقوات أمريكية وقوات حليفة بسبب فيروس كورونا. وكذلك حال إيران، التي تسيطر على ميليشيات عراقية عديدة، وعلى الحكومة العراقية بقيادة شيعية. ولذا يخشى عدد كبير من العراقيين احتمال أن يتحول بلدهم إلى ساحة معركة جديدة بين داعش السنية وإيران الشيعية.
وتبعاً له، حض تنظيم داعش عناصره، عبر العدد الأخير من مجلته النبأ، على تصعيد هجماتهم ضد “دول صليبية” منشغلة الآن بالتصدي لفيروس كورونا. وقالت المجلة: “أثر عليهم الخوف من العدوى أكثر من المرض نفسه. ولهذا السبب لن تنشر دول غربية قواتها خارج حدودها وسط هذا الوباء. كما أن آخر شيء يودون القيام به هو إرسال مزيد من جنودهم إلى مناطق يتوقع أن ينتشر فيها الفيروس، أو أن يجمعوا جنودهم وقواتهم الأمنية في وقت يعملون فيه على تقليل التجمعات الحاشدة والتواصل بين الناس من جميع المهن».
توقعات
وحسب كاتبة المقال، بدأت تظهر صحة هذه التوقعات في العراق مع سحب عدد من الدول الأعضاء في التحالف، منهــم فرنسا وبريطانيا، قواتها من العــــراق، وإيقاف برامج تدريباتهــــــا من أجل حماية جنودها من خطـــــر انتشار كوفيد-19.
ويأتي كل ذلك فيما تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران عشية سلسلة من الهجمات الانتقامية بين الولايات المتحدة وفصائل مرتبطة بإيران. وفي الأول من أبريل( نيسان)، كتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تويتر أن لديه “معلومات” حول خطة إيرانية لتنفيذ هجوم ضد قوات أمريكية، وأن إيران “ستدفع ثمناً باهظاً إذا نفذت خطتها».
خوف
وأبدى صدام العبيدي، قائد فصيل تابع لأحد الميليشيات العراقية يقوم على حراسة قرية البغدادي، على مسافة بضعة أميال من قاعدة عين الأسد، عن مخاوفه من تمكن داعش من الزحف ثانية في غياب دعم من قوات التحالف.
وقــــال: “لا يــــزال داعـــش نشــــطاً في الصحراء ٠٠٠ وفي حــــال لـــم يكن هنـــــاك من يراقـــــب تحركاتـــه، فقـــــد يتمكن مـــــن إحيــــاء قواتــــه».
وفي ذات السياق، يشار إلى أن المعلومات التي كان يجمعها الأمريكيون كانت تصل إلى نظرائهم العراقيين، الذين كانوا ينسقونها مع أطراف محلية كالميليشيا القبلية.
وقال العبيدي إنه اعتاد تنفيذ مهمات لاستئصال داعش بمعدل مرتين على الأقل في كل شهر. ولكن منذ توقف العمليات، لم تنفذ أية غارة ضد مواقع لداعش. وأضاف: “منذ الأحداث السياسية( اغتيال سليماني)، بتنا نركز على حماية السكان وحسب. ولم نخرج إلى الصحراء، مشيراً إلى أنه أنه بدون العتاد والدعم الأمريكي، لن تستطيع الميليشيات القبلية ولا القوات العراقية المسلحة قمع التنظيمات الإرهابية.
ولكن غارلاند أبدى ثقته بأنه حتى بدون الإرشادات الأمريكية، ستكون القوات العراقية التي تلقت تدريبات كافية قادرة على التصدي لأية فجوات أمنية محتملة.
واقع مغاير
ورغم ذلك، ترى الكاتبة أن الوضع داخل قاعدة عين الأسد يعبر عن واقع مغاير. فقد استؤنفت العمليات مع تقليصها إلى حد كبير بسبب سحب قوات أمريكية من عدة قواعد في العراق. وازدادت الفجوة الأمنية تعقيداً بسبب هشاشة القوات الأمنية العراقية، والتي لا تزال ضعيفة وممزقة بسبب الاقتتال الداخلي الطائفي.