حمدان بن محمد يلتقي أكثر من 100 من منتسبي الخدمة الوطنية والاحتياطية المتميزين في برنامج النخبة
هل يمكن للعراق أن يبقى بمنأى عن النزاع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني؟
بعد الهجوم الذي اودى بحياة تسعة مدنيين في كردستان العراق، هل يستطيع العراق أن يحمل تركيا القوة الإقليمية على أن تنسحب من أراضيه؟ وهل يمكن لتركيا النأي بالعراق عن نزاع دائر منذ عقود ضد متمردي حزب العمال الكردستاني؟
الوجود العسكري التركي في العراق ليس جديداً، بل يعود إلى 25 عاما. وتتمركز القوات التركية في نحو 40 موقعاً وقاعدة عسكرية في شمال البلاد، من حيث تتعقب مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي يشنّ تمرداً ضدّها منذ العام 1984، ويتّخذ من جبال شمال العراق قواعد خلفية له.
لكن العمليات العسكرية التركية ضد التنظيم الذي تصنّفه وحلفاؤها الغربيون “إرهابياً” تكثفت في العامين الأخيرين، كما يشير شيفان فاضل الباحث في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.ويشرح فاضل في حديث لفرانس برس أن “منذ العام 2020، تكثّفت الضربات الجوية والعمليات البرية لتركيا ضدّ حزب العمال الكردستاني في شمال العراق».
وفيما يصعب تأكيد الأرقام، تنشر تركيا “بشكل دائم” نحو “5 آلاف إلى 10 آلاف” عسكري، وفق تقرير لسليم تشيفيك في المعهد الألماني للعلاقات الدولية والأمن في برلين.
ويتحدّث التقرير عن أن “استخدام الطائرات المسيرة يبدو على وجه الخصوص فعالاً في إعاقة حزب العمال الكردستاني لوجيستياً وعرقلة مجاله للمناورة في المنطقة».
لكن المدنيين يجدون أنفسهم في خطّ النار.
وتسببت ضربات مدفعية الأربعاء بمقتل 9 مدنيين عراقيين بينهم نساء وأطفال في منتجع سياحي في شمال العراق. اتهم العراق تركيا بالمسؤولية، أما تركيا فنفت ذلك واتهمت حزب العمال الكردستاني.
وغالباً ما تؤدي الضربات التركية “إلى خسائر مدنية وتدمير منازل، وبالتالي نزوح سكان القرى”، كما يشرح فاضل.
يطالب العراق القوات التركية بالانسحاب من أراضيه، لكن مع ذلك، يصعب على العراق إبعاد نفسه عن النزاع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني.يشرح فاضل أن “تركيا قد تطالب الحكومة العراقية بطرد حزب العمال الكردستاني من أراضيها. لكن هل تملك الحكومة العراقية الوسائل لتأكيد سيادتها على حدودها وطرد اللاعبين المسلحين غير التابعين للدولة؟».
ويرى أن “الحلّ يكمن أولاً بمدى قدرة الحكومة العراقية على توطيد سيادتها من جديد عند حدودها الطويلة السهلة الاختراق مع إيران وسوريا وتركيا».
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ ملفّ النزاع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني حاضر على جبهات أخرى، فقد كان سبباً في عرقلة تركيا لانضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي. كما تهدّد تركيا التي تشنّ هجمات ضدّ وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا التي تعتبرها فرعاً من فروع حزب العمال الكردستاني، بإطلاق عملية عسكرية جديدة هناك.
ويرى رئيس المركز الفرنسي للأبحاث حول العراق عادل بكوان أنه “إذا كانت تركيا ستشنّ عملية ضدّ ما تعتبره فرعًا من فروع حزب العمال الكردستاني في سوريا، فهل ستتوانى عن مهاجمة المصدر، رأس المنظمة، أي حزب العمال الكردستاني نفسه؟».
وفي حين أثارت الضربات تنديداً سياسياً قوياً في العراق، لكن بكوان يرى أنها تأتي في “سياق الاستعراض، الكلّ يحاول الاستفادة من المأساة».وهذا الغضب من تركيا يأتي وسط تضافر عدة عوامل. فالعراقيون على شاشات التلفزيون أو في المظاهرات الغاضبة المنددة بالقصف، ذكروا قضية المياه التي تشكّل مصدر توتّر بين البلدين، لا سيما وأن أنقرة متهمة ببناء سدود تقطع المياه عن نهري دجلة والفرات في العراق.في الأثناء، ترى الباحثة في مبادرة الشرق الأوسط Middle east initiative مارسين الشمري أن “الغضب الشعبي سيؤدي إلى مقاطعة البضائع التركية والسفر، لكنني لا أرى أن ذلك سوف يدوم، طالما أنه لن يكون هناك مزيد من الضحايا العراقيين».
وتشير إلى أن “العراقيين هم ثاني أكبر جالية تملك منازل في تركيا».
نتائج النزاع على إقليم كردستان قويةّ: فالعلاقات الاقتصادية بين أربيل وأنقرة حيوية، لا سيما في مجال الطاقة، إذ أن أربيل تصدّر نفطها عبر ميناء جيهان التركي.
في الوقت نفسه، يختلف الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يتولى السلطة في إقليم كردستان، تماماً مع حزب العمال الكردستاني. يشرح عادل بكوان بأنهما “نموذجان متناقضان أيديولوجياً وعسكرياً وأمنياً وسياسياً».
لكن حكومة الإقليم لا تملك الوسائل لطرد حزب العمال الكردستاني أو وضع حدّ للوجود التركي لأنها “ليست دولة بل هي منطقة داخل دولة اتحادية ولا تستطيع التعامل مباشرةً مع دول أخرى” وهي “لا تملك البنى التحتية العسكرية اللازمة لتواجه الوجود التركي ووجود حزب العمال الكردستاني على أراضيها».
هذا على الرغم من أن الوجود التركي ووجود حزب العمال الكردستاني يهدد مباشرةً أمن الإقليم. ففي 2020 وفي 2021، “وقعت مناوشات بين حزب العمال الكردستاني وبشمركة الحزب الديموقراطي، أثارت مخاوف من نزاع مفتوح”، وفق فاضل.
ويضيف “يتهم حزب العمال الكردستاني الحزب الديموقراطي بمساعدة تركيا في عملياتها، فيما يرى الحزب الديموقراطي أن وجود حزب العمال هو ما يستدعي أن تشن تركيا هجماتها».