الرهان ضد الجيش الروسي خطير ومكلف

هل يواجه بايدن في أوكرانيا مأزق أوباما في سوريا؟

هل يواجه بايدن في أوكرانيا مأزق أوباما في سوريا؟

بعد أيام من الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، قالت وكيلة وزير الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، إن هدف الولايات المتحدة في هذا النزاع، إلحاق “هزيمة استراتيجية” بروسيا، وبعد ذلك بشهر واحد صعدت نبرتها قائلة: “من الواضح أن روسيا ستخسر هذا النزاع...إنها مسألة وقت فحسب».
وبعد عام، انضمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في دافوس، إلى الجوقة الأمريكية قائلةً إن “عدوان بوتين يجب أن يتحول إلى إخفاق استراتيجي».
وكتب الزميل غير المقيم في مؤسسة الشرق الأوسط والمستشار السابق لدى الاتحاد الأوروبي جيوفري آرنسون في “ناشيونال إنترست” الأمريكية، أنه يستحسن عندما تبدأ المدافع القصف، أن يسعى القادة إلى حشد قواهم من أجل القضية. وذكر باستعجال الرئيس الأمريكي سابقاً جورج دبليو بوش، بإطلاق عبارته الشهيرة “المهمة أنجزت”،  قبل تفجر النزاع الحاسم في العراق.
ولكن عندما يحين وقت العمل الجدي للحرب، على الرئيس جو بايدن، أن يجيب بالكلمات والأفعال معاً عن السؤال: “ماذا يعني هذا الخطاب العالي في الحقيقة؟ ومتى سنعرف أننا حققنا هذا الهدف الوحيد والواسع، على غرار إلحاق الهزيمة الاستراتيجية بروسيا؟».
أصغى بوتين بعناية للتصريحات الصادرة عن واشنطن. لذلك، قال إن “هدف الغرب هو إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، وأن يجهز علينا. هكذا نفهم بالضبط كل هذا. إن المسألة تهم وجود بلدنا. لكنهم لا يفهمون أنه يستحيل هزيمة روسيا في الميدان».
 
مأزق سياسي
وبإعلان هدف كبير وغير غامض مثل هذا، أي الالتزام بإنزال “هزيمة استراتيجية” بروسيا، فإن إدارة بايدن تخاطر بمواجهة مأزق سياسي، مثل الذي واجهه الرئيس السابق باراك أوباما، عندما أعلن أن على الرئيس السوري بشار الأسد “أن يتنحى”، علماً أن تلك السياسة دخلت فصلها الأخير، حيث أعادت جامعة الدول العربية الاعتبار غير المشروط للأسد.
كان لدعوة أوباما لتغيير النظام في سوريا، بالإضافة إلى كل الإثباتات المتزايدة على خطئها، على الأقل أفضلية الوضوح.
وبالمقارنة، بعد عام من الحرب في أوروبا، فإن واشنطن، في الوقت الذي تدعي فيه أن بوتين “بدأ يخفض طموحاته قصيرة المدى” في أوكرانيا، تعترف بأن فرصة الحصول على تنازلات روسية في أي مفاوضات هذا العام “ستكون متدنية».
من الواضح، أن إدارة بايدن لم تقتــــــــرب من تعريـــــف الدرجة التي ستقيس بها الإنجاز الضروري للحـــــرب في نظرهــــا، أي إلحاق الهزيمـة الاستراتيجية بروســـــيا،  أو متى يمكـــــن أن يتحقق هذا الهدف.
 
ولئن يقر الكاتب بأنه ليس خبيراً عسكرياً، فإنه يضيف أن التاريخ الدامي لأوروبا يكشف أن الرهان ضد الجيش الروسي، رهان خطير ومكلف.
ويلفت إلى أن المؤرخ مارك بيري لم يتعب من وصف الجيش الأحمر السوفياتي بهائل وخصم عنيد يستمد قوته من ضخامة القيادة الروسية للكتلة الأوراسية المنيعة. ويردد مراراً أنه إبان الحرب العالمية الثانية، أعدم جوزف ستالين ما يصل إلى 200 ألف جندي روسي فروا من الخدمة. وبكلام آخر، فإن روسيا تخوض الحرب في سياق تاريخي وجغرافي مختلف، في حقيقة الأمر، عن الحروب التي تخوضها أمريكا.
ومن هذا المنطلق، يقول الكاتب إن التزام واشنطن بهزيمة بوتين الاستراتيجية، أو روسيا، يهدف إلى منع موسكو من تحقيق أهدافها بما فيها المتواضعة منها، في أوكرانيا، و إضعاف قدرتها على مقاومة توسع ناتو. وكشفت أحداث العام الماضي أن تعهد أمريكا بالهزيمة الاستراتيجية لروسيا، لم يكن مترافقاً مع ضمانات أمريكية “بنصر أوكراني”، مهما كان تعريفه.