الشيخة فاطمة: المولد النبوي مناسبة لتعزيز قيم الرحمة والتسامح
هل يُدمر أردوغان اقتصاده قبل الانتخابات؟
استشهد الخبير الاقتصادي ديسموند لاكمان بعبارة تاريخية قديمة مفادها أن الآلهة عندما تريد تدمر أحداً فإنها تجعله مجنوناً أولاً، ويضيف في مركز “ناشونال إنترست” إن هذه المقولة يبدو أنها تنطبق على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أقله على مستوى تفكيره الاقتصادي، إذ يختار أسوأ توقيت ليُخضع فيه بلاده لوجهة نظره الغريبة عن أسعار الفوائد، رغم أنها تنبئ بالفشل الحتمي وستكلف أردوغان الكثير في صناديق الاقتراع. ويُشير لاكمان، الذي شغل منصب نيابة الرئاسة في إدارة تطوير ومراجعة السياسات في صندوق النقد الدولي، إلى اختيار أردوغان إقالة حاكم البنك المركزي صاحب النظرة الاقتصادية المستقيمة والذي يحظى باحترام واسع، ناجي إقبال، الذي نجح في دفع الليرة التركية إلى الاستقرار، وتخفيف التضخم.
وأوضح أنه حقق ذلك برفع نسبة الفائدة من 10 إلى 19% وإعادة بناء الثقة من خلال العودة إلى استقلالية البنك المركزي التركي. ونتيجة للإدارة السليمة، ارتفعت قيمة الليرة التركية في الأشهر القليلة الماضية 18%، ما جعلها واحدة من أفضل العملات أداءً حول العالم. في الوقت نفسه، أظهر التضخم مؤشرات على إمكانية السيطرة عليه.
مخطط أردوغان
لم يُعجَب الرئيس التركي بنجاح إقبال في نزع فتيل أزمة العملة، وفي ضبط التضخم، فاختار استبداله بشخصية غير معروفة نسبياً، هي شهاب كاوجي أوغلو.
والسبب الظاهر وراء الخطوة حسب لاكمان هو اعتناق كاوجي أوغلو، لنظرة أردوغان الغريبة القائمة على أن أسعار الفوائد المرتفعة تسبب، بدل أن تعالج، التضخم.
وبوجود شخصية ذات وزن سياسي خفيف مثل كاوجي أغلو في إدارة البنك المركزي، يعتقد أردوغان أنه سيدفع البنك المركزي إلى تخفيض أسعار الفائدة قبل الانتخابات التركية المقبلة.
مفاجأة مضاعفة
يشرح لاكمان أن اعتماد سياسة اقتصادية غير مستقيمة في سوق اقتصادية ناشئة ليس فكرة سديدة حتى لو كانت السيولة العالمية وفيرة. ولهذا السبب، يصبح توقيت خطوة الرئيس التركي أكثر إثارة للمفاجأة.
لقد اختار أردوغان التحرك بالضبط في الوقت الذي تتقلص فيه شروط توفر السيولة العالمية لاقتصادات الأسواق الناشئة، حيث من المرجح أن تستمر في التقلص.
ونتيجة لأكبر حزمة تحفيز في ميزانية الأمريكية في وقت السلم، ونتيجة أيضاً لمخاوف من ازدياد التضخم، ترتفع العوائد على سندات الخزينة الأمريكية بوتيرة أسرع من تلك التي شهدتها الولايات المتحدة في 2013، حين أعلن الاحتياطي الفيديرالي الأمريكي تقليص سياسة التيسير الكمي. ولأسباب مشابهة، يبدأ الدولار في زيادة مكاسبه. وستضع هذه الظروف حداً مفاجئاً لتدفق رؤس الأموال إلى الأسواق الاقتصادية الناشئة عموماً، خاصةً تركيا.
سياسات رئيس متقلب
يذكر لاكمان أيضاً أن وضع الأسواق أمام الخطر باتباع سياسات غير أرثوذكسية، قرار غير مناسب، في وقت تظهر تركيا عرضة لهجمات المضاربين.
لم يستنفد البنك المركزي احتياطاته الأجنبية في الدفاع الفاشل عن العملة التركية وحسب. فالشركات التركية مثقلة بجبال من الديون بالدولار الأمريكي، بينما أصبحت صناعة السياحة التركية ذات الأهمية القصوى للاقتصاد، على ركبتيها بفعل استمرار جائحة كورونا.
وعلاوة على ذلك، لم تغفل الأسواق نقاط الضعف الاقتصادي التركي. ففي غضون أيام قليلة، فقدت الليرة التركية أكثر من 10% من قيمتها. وبالتوازي، تعرضت أسواق الأسهم والسندات لضربة قوية مع شعور المستثمرين بالقلق نتيجة لمسار السياسة الاقتصادية في ظل رئيس متقلب وصاحب صلاحيات واسعة.
شكوك ونقطة إيجابية
يعرب لاكمان عن شكوكه في احتمال إقدام أردوغان على سياسة انعطاف مذلة دون تعميق إضافي لأزمة العملة المحلية.
والنتيجة الإيجابية الوحيدة التي قد تظهر بسبب مشاكل تركيا الاقتصادية هي إرسال إشارة تحذير إلى دول أخرى ذات أسواق ناشئة حتى لا تلعب بنار السياسة الاقتصادية خاصةً، في وقت تعبّر في بيئة الأسواق المالية العالمية عن تسامح متناقص.