واشنطن بوست تعترف بصحة خيارات ترامب الإيرانية
في اعتراف ضمنيّ بأنّ منطلقات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مقاربة الملف الإيراني كانت صحيحة، أشارت هيئة التحرير في صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن سلوك طهران لا يبدو متوافقاً مع طروحاتها الديبلوماسية. وتحت عنوان “أظهرت إيران للتو أنها لا تنوي تحسين العلاقات مع الغرب”، كتبت هيئة التحرير كيف كان النظام يطلق مؤشرات إلى اهتمامه بالعودة إلى الاتفاق النووي بمجرد أن يستلم الرئيس المنتخب جو بايدن منصبه الشهر المقبل. وأضافت الصحيفة أن نظام المرشد الأعلى علي خامنئي يبرهن كيف أن تحسين علاقاته المزرية مع الغرب لا يشكل أولوية. تبين ذلك بعد تنفيذ حكم الإعدام بالصحافي المعارض روح الله زم يوم السبت الماضي. وعاش زم في فرنسا قبل أن يتم اختطافه وإعادته إلى طهران.
نُفذ حكم الإعدام بزم بعد توجيه الاتهامات إليه بارتكاب “الفساد على الأرض” وهو مصطلح يستخدمه النظام لتوصيف مسائل التجسس والخيانة. وتضمّن الاتهام الموجه إليه إدانته بتأمين تغطية إعلامية مفصلة للتظاهرات الشعبية التي اندلعت في إيران سنة 2017 عبر قناة موجودة على موقع إلكتروني وقناة تيليغرام تدعى “آمد نيوز». توضح واشنطن بوست أن الصحافي عاش في فرنسا منذ سنة 2011. غادر إيران بعدما تعرض للسجن بسبب مشاركته في الثورة الخضراء سنة 2009. تدرك باريس ممارسات إيران العدوانية ضد المعارضين الذين يعيشون في المنفى، فأمّنت حماية أمنية موسعة لزم. لكن تم استدراج الصحافي إلى العراق في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 قبل أن يختطفه الحرس الثوري. بعدما أصبح قيد الاحتجاز، تم دفعه بالإكراه إلى الظهور على التلفاز والاعتراف بجرائمه المفترضة. وشُنق زم قبل يومين فقط على انطلاق منتدى الأعمال الأوروبي-الإيراني، وهو مؤتمر افتراضي يمتد على ثلاثة أيام ويموله الاتحاد الأوروبي.
ذكرت الصحيفة أنه تم إلغاء الاجتماع كما كان متوقعاً وسط تصريحات لاذعة من فرنسا وألمانيا إذ كان من المفترض أن يتحدث سفيراهما خلال المنتدى. ووصفت الحكومة الفرنسية الإعدام بأنه “فعل بربري وغير مقبول». أما حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني التي توصف غالباً بأنها قوة موازِنة معتدلة للحرس الثوري فقد ردت من خلال الدفاع بقوة عن خطف وقتل الصحافي. وقال روحاني إن الإعدام كان قانونياً بينما استدعى وزير خارجيته محمد جواد ظريف السفيرين الفرنسي والألماني لاستنكار تدخلهما في شؤون إيران الداخلية.
كان ظريف يقول إن إيران ستعود إلى الاتفاق النووي إذا فعلت إدارة ترامب الأمر نفسه. سوف يعني ذلك التخلص من مخزون إيران المتزايد من اليورانيوم المخصب مع إلغاء العقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة ترامب سنة 2018. ولفتت الصحيفة النظر إلى أن بايدن ومستشاره المقبل لشؤون الأمن القومي جايك سوليفان قالا إنهما يودان العودة إلى الاتفاق النووي كمقدمة للمزيد من المفاوضات. لكن اختطاف وقتل الصحافي يجسدان إشارة واضحة إلى أن النظام ليس مستعداً لتغيير سلوكه، لا في الداخل ولا في الخارج. إن خوف النظام الإيراني من الاضطرابات الداخلية يفوق أهمية أي مصلحة في تحسين العلاقات مع أوروبا أو مع الولايات المتحدة.
ترى الصحيفة أن سوليفان يفهم هذا الأمر. وكتب في تغريدة على تويتر أن إعدام زم “هو انتهاك مرعب آخر لحقوق الإنسان من قبل النظام الإيراني. وأضاف “سننضم إلى شركائنا في إدانة والوقوف بوجه الانتهاكات”. ستفرض هذه المسألة تحدياً على الإدارة المقبلة، لكن سيكون من الجوهري تنفيذ ذلك حتى خلال إعادة إحياء الاتفاق، وفقاً لهيئة التحرير.