يثير القلق أكثر من أي شيء ..الأثر بعيد المدى لهذه الواقعة

واشنطن بوست: لائحة الاتهام لترامب ستُشوِّه سياساتنا لعقود

واشنطن بوست: لائحة الاتهام لترامب ستُشوِّه سياساتنا لعقود

دائماً ما يتخذ النفاق السياسيّ أشكال النزالات والمبارزات. فالجمهوريون الذين أخذوا يشيرون بأصابع الاتهام إلى هيلاري كلينتون ويهتفون بقولهم “احبسوها!” عام 2016 يشكون الآن من أنّ ملاحقة النائب العام لمانهاتن ألفين براغ لدونالد ترامب تكاد تكون أشبه بتسليح القانون ضد المعارضين السياسيين. والديمقراطيون الذين لمسوا استبداداً في ذاك الهتاف يتوقون الآن ليروا ترامب وراء القضبان. وفي هذا الإطار، رأى راميش بونورو، الكاتب الصحفي في مقاله بصحيفة “واشنطن بوست”، أن الديمقراطيين كانوا على حقٍ في المرة الأولى، وفيالسنوات المقبلة ربما عضُّوا أصابعهم ندماً على تغيير رأيهم بشأن حشد ضغوط الناخبين لمقاضاة المعارضين السياسيين، معتبراً أن هذ الإتهام  ذو طابع سياسي بشكلٍ واضح وضوح الشمس.
 
ملاحقة ترامب قضائياً
وقال الكاتب: “مثلما شجَّعَ ترامب مراراً وتكراراً على اتخاذ إجراءات قانونية ضد خصومه، شنّ براغ حملةّ عكست  استعداده لملاحقة الرئيس السابق قضائياً. وأضاف راميش: إذا اتخذت لائحة الاتهام التي ما زالت طي الكتمان الشكل الذي ظلّ مكتب براغ يتحدث عنه لسنوات، فستكون أشبه بوصفة سحرية لكارهي ترامب: راقبوني وأنا أمحو قانون التقادم هذا، وأحوِّل هذه الجنحة إلى جناية، وأحاكم شخصاً على جريمة فيدرالية في محكمة الولاية. لقد تردَّدَ براغ نفسه في توجيه هذه التهم حتى تعرَّض لضغوط من الشعب.
 
آل كابوني وترامب
وقال الكاتب: “عندما يود الناس تبرير الإجراءات القانونية المشكوك فيها ضد الشخصيات المكروهة، فإن المثال المفضل لهم هو الزج بآل كابوني في السجن بتهمة الاحتيال الضريبي. لكنَّ قضية رجل عصابات في شيكاغو لم يدفع ضرائب دَخْل قيمتها مئات الآلاف من الدولارات فُتحت وأُغلقت، وهي جريمة خطيرة تُعاقب عليها السلطات المختصة. أما القضية التي يواجهها ترامب فأضعف بكثير».
ووفق الكاتب، فإن التكهنات المتعلقة بالآثار السياسية لتصرف براغ لا طائل من ورائها على الأغلب. يقول راميش: “لعل الناخبين الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية غاضبون جداً حيال التهم الواهية إلى ترامب لدرجة تدفعهم إلى الحشد من أجله، ولو أنّ دفع رشوة لخليلته السابقة كي تلزم الصمت وسلوكه المُشين المزعوم ليس سبباً يؤهل شخصاً ما لمنصب الرئيس». وربما، على الجانب الآخر، ستجعل الملاحقة القضائية  ترشيح ترامب قضيةً لصالحه، وتجعلها أقل جاذبية من ذي قبل.
 
الأثر البعيد
وما يثير القلق أكثر من أي شيء، وفق الكاتب، الأثر بعيد المدى لهذه الواقعة.
فإذا أسقَطَ ترامب ملاحقة قضائية عدَّها حتى بعض نقاده مبالغاً فيها، “يمكننا أن نتوقع ملاحقات قضائية أكثر ريبة حتى لشخصيات من كلا الحزبين الأساسيين. فالمدعون العمامون في الولايات القضائية الجمهورية يمكن أن يكونوا مبدعين كالنائب العام في نيويورك بالضبط».
وقد يزداد الناخبون الجمهوريون إصراراً على المطالبة بتلك الملاحقات. وقد يستقر رأيهم على أن أحداً لا يعبأ حقاً بالمعايير المدنية التي كانت تَحُول دون الملاحقات القضائية المُسيئة، وهي الحجة التي جعلها براغ أكثر إقناعاً.
 
منظومة العدالة في خطر
وأوضح الكاتب أن “من شأن إزالة هذه الموانع والمحاذير أن تزيد من تدهور سياساتنا، وتقوِّض إيمان الأمريكيين بمنظومة العدالة».
وقد تتأثر ثقة الجمهور بالإدارة المحايدة على الأغلب للقانون، خاصةً في الحالات التي تشمل  سياسيين، لفترة طويلة بعد انتخابات عام 2024.
 
الموت والدمار
وليس “الموت والدمار” الذي تنبأ به ترامب هو النتيجة للإتهام. وإنما نتيجته ستكون الاضمحلال والانحدار، وفقدان الثقة السريع وضياع جدارة أنظمتنا السياسية والقانونية بالثقة.
لقد حذَّرَ جيمس ميسون من أنّ الأمريكيين لا يمكن أن يُسَلِّموا بأن المسؤولين المُنتخبين سيتغلبون على انقساماتنا إذ قال: “لن يكون رجال الدولة المستنيرون دائماً على رأس السلطة”. وكلامه فيه إنصاف، وفق راميش. ولكن، هل يجب ألّا يكون لهم أثر في الأفق؟ يتساءل الكاتب.