يائير لبيد من نجم تلفزيوني إلى رئيس حكومة
نجح يائير لبيد النجم التلفزيوني السابق الذي تشير النتائج غير النهائية للانتخابات التشريعية الإسرائيلية إلى حلول حزبه في المرتبة الثاينة، في اكتساب صدقية بعد عشر سنوات على انخراطه في السياسة، خصوصا بعد نجاحه في إقصاء رئيس الوزراء الإسرائيلي المخضرم بنيامين نتانياهو من الحكم، عندما جمع أحزابا من تيارات متناقضة في حكومة واحدة.
وقال لبيد بعد إعلان توقعات النتائج مساء الثلاثاء والتي أظهرت حلول حزبه في المرتبة الثانية وراء الليكود بزعامة نتانياهو “لا ننوي التوقف. كل مواطن إسرائيلي يجب ان يدرك هذا المساء أننا سنواصل النضال لتكون إسرائيل دولة يهودية وديموقرطية ليبرالية وتقدمية».
كان لبيد مذيعا وكاتبا صحفيا ناجحا وممثلا في الإعلانات، وتسبب عمله الإعلامي في رفض الكثيرين له على اعتبار أنه يسعى إلى الشهرة فقط.
أما زملاء لبيد وأصدقاؤه فيصرون على أنه واحد من أكثر رجال السياسة المرغوب بوجودهم لا سيما بعدما أسّس حزبه “يش عتيد” أو “يوجد مستقبل” الوسطي انطلاقا من إحساسه بأهمية الخدمة العامة. في بدايته في العام 2012، ركّز الحزب الناشئ على ارتفاع كلفة المعيشة في إسرائيل، إذ هزت حينها احتجاجات ضد ارتفاع الأسعار مدينة تل أبيب الساحلية حيث يعيش لبيد.
وتعتبر هذه المعضلة عنوانا رئيسيا في الحملات الانتخابية الحالية.
في انتخابات كانون الثاني-يناير 2013، حصل لبيد على المركز الثاني في البرلمان، خلف حزب الليكود الذي يتزعمه خصمه بنيامين نتانياهو، ما شكّل صدمة لكثيرين.
بدأ لبيد (58 عاما) حياته السياسية كوزير للمال في عهد نتانياهو قبل أن يتحوّل في العام 2015 إلى لاعب رئيسي يسعى للإطاحة برئيس الوزراء الأسبق.
نجح لبيد في تحقيق هدفه في حزيران-يونيو 2021، بعدما شكّل تحالفا متنوعا من اليساريين وحزب عربي إسلامي. وتوصّل لبيد إلى تلك الصفقة بعرضه على الزعيم اليميني القومي نفتالي بينيت رئاسة الوزراء، رغم أن أداء حزب هذا الأخير “يمينا” كان أسوأ بكثير من حزب لبيد في استطلاعات الرأي.
وعليه، أوكلت للبيد حقيبة الخارجية. لكن في حزيران-يونيو، أعلن بينيت أن الائتلاف لم يعد قابلا للاستمرار، فتمت الدعوة إلى انتخابات هي الخامسة منذ العام 2019.
وقال بينيت يومها إنه سيحترم اتفاق تقاسم السلطة مع لبيد الذي تولى رئاسة الوزراء بعده. بعد أيام من توليه منصبه، استقبل لبيد الرئيس الأميركي جو بايدن كما التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس والمستشار الألماني أولاف شولتس في برلين.
وتركزت مباحثات رئيس الوزراء معهم على الملف النووي الإيراني. وترد إيران، عدو إسرائيل اللدود، في أولويات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، على اعتبار أن وصولها الى السلاح النووي يمس بالأمن القومي الإسرائيلي. في آب-أغسطس، أشرف لبيد على عملية عسكرية واسعة استمرت ثلاثة أيام ضد حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة المحاصر.
ووقّع لبيد في 27 تشرين الأول-أكتوبر اتفاقا لترسيم الحدود مع لبنان، الجار العدو.
يشعر لبيد بالقلق لافتقار جيله إلى قيادة سياسية، وفق ما يروي زميله إيفان فالنبرغ الذي ينقل عن لبيد قوله “أنت تعلم أن حياتي رائعة».
ويضيف فالنبرغ الذي ترجم كتب لبيد الى الانكليزية، أن هذا الأخير قال له أيضا “سيأتي يوم يجب أن تقول فيه أنني سأخرج من منطقة الراحة خاصتي... وربما أحاول إحداث فرق».
كذلك، يقول دوف ليبمان الذي انتخب نائبا عن حزب “يش عتيد” في العام 2013، وقد اعتزل السياسة وانسحب من الحزب لاحقا، إن لبيد “لم يكن بحاجة إلى ذلك، كان وضعه الاقتصادي مستقرا ويتمتع بالشهرة».
ويضيف أن لبيد “انخرط في السياسة لأنه شعر أن الأمور في إسرائيل بحاجة إلى تغيير».
كان والد رئيس الوزراء تومي لبيد أحد الناجين من المحرقة النازية. ترك العمل الصحفي وتحوّل إلى السياسة وتولّى وزارة العدل. أما والدته شولاميت، فهي كاتبة روايات بوليسية شهيرة في إسرائيل أصدرت سلسلة تحقيقات بطلتها صحافية.
مارس لبيد الملاكمة كهاو ويتدرب على الفنون القتالية.
وتمكّن لبيد الذي يقدّم نفسه على أنّه وطني وليبرالي وعلماني، من رصّ صفوف الوسط، فيما يتعرّض لانتقادات في أوساط اليهود المتشددين.
لدى لبيد ابنة مصابة بالتوحد، وعندما كان وزيرا للمالية خصّص وقتا منتظما من جدول أعماله الأسبوعي لرؤيتها.
في ما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، تمثّل مواقف لبيد يمين الوسط بشكل كبير مع ميول الى اليمين أحيانا.
في أيلول-سبتمبر المنصرم، تصدّر رئيس الوزراء عناوين الصحف بعد دعمه إقامة دولة فلسطينية في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
لكن على الأرض، لم يتخذ لبيد أي خطوات عملية تجاه إحياء محادثات السلام، حتى إنه دافع في بعض الأحيان عن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.
في العام 2020، قال لبيد لوكالة فرانس برس إن التجارب تدلّ على أن نتانياهو “لن يتغيّر».